السبت 10 تشرين الأول (أكتوبر) 2015

نتنياهو يصعّد ولكنه قلق على حكمه

السبت 10 تشرين الأول (أكتوبر) 2015 par برهوم جرايسي

ظهر بنيامين نتنياهو في المؤتمر الصحفي الذي عقده مساء الخميس الماضي، مطلقا النيران في عدة اتجاهات. فهو يَعِد بمزيد من القتل وسفك الدماء ضد الفلسطينيين في الضفة والقدس المحتلة، وأيضا ضد فلسطينيي 48. ولكنه في الوقت ذاته لم ينجح في إخفاء قلقه على مصير حُكمه، وبالأساس على شعبيته، فطالب مستنجدا بحكومة “وحدة”، بدلا من حكومته التي ترتكز على أغلبية هشّة، معتمدا في دعوته على دعم المعارضة الصهيونية لحكومته، في عدوانه على الشعب الفلسطيني.
السؤال الذي يخيف نتنياهو أكثر من أي سؤال آخر، هو مساءلة الجمهور الإسرائيلي له: “بعد ست سنوات من حكمك، أي أمان حققه لنا التطرف اليميني؟”. ومن المؤكد أن نتنياهو، وأجهزة التخطيط الاستراتيجي من حوله، يعرفون تماما أن الانفجار الفلسطيني واقع لا محالة، وإذا كنا اليوم أمام جولة قد تكون محدودة ولا تطول مدتها، فإن الانفجار الأكبر قادم حتما، والمسألة مسألة وقت.
حالة الاحتقان في الشارع الفلسطيني عالية جدا، فالإنسان المقدسي يعيش حالة اختناق مستفحلة. إذ لا يستطيع الفرد تخطيط حياته حتى للمدى القصير المنظور، لأن كل تفاصيل حياته الصغيرة مثل الكبيرة، مرتبطة إلى حد كبير بأنظمة الاحتلال، فلا ضمان عمل ولا ضمان مسكن، في ظل وجود آلاف المنازل تحت خطر التدمير أو اقتلاع أهلها منها. وفوق كل هذا، استمرار زرع البؤر الاستيطانية الإرهابية في قلب الأحياء الفلسطينية، لتنغيص حياة الفلسطينيين اليومية، وجعلهم في خوف وقلق دائمين.
وكذا في الضفة، فهي تواجه حصارا لا يقل في خطورته عن حصار قطاع غزة، وربما الفارق هو أن “مساحة الزنزانة” قد تكون أكبر بقليل في الضفة. فالأوضاع الاقتصادية متدهورة، وحالة الانفجار السكاني في المدن المحاصرة في تزايد مستمر، وحركة التنقل حكاية مأساة يومية، والقائمة تطول.
لكن نتنياهو كرمز للمؤسسة الصهيونية الحاكمة، تفاجأ بزخم المقاومة الشعبية، وبكثرة العمليات التي تقع في أكبر المدن الإسرائيلية ومعها المستوطنات. فلربما راهن هو على انفجار من نوع آخر، إلا أنه لاقى أمامه انفجارا شعبيا عارما، ما يجعله في حالة ارتباك. ولكن الحل الفوري لدى نتنياهو هو المزيد من سفك الدماء، والمزيد من الاستيطان، وتوجيه ضربات أكبر أيضا لفلسطينيي 48، الذين لم يقفوا على الحياد كعادتهم، في هذه المعركة.
إن مؤشر قلق نتنياهو يظهر بشكل خاص في دعوته لحكومة “وحدة”، يضم لها أساسا أكبر كتلة في المعارضة “المعسكر الصهيوني”، التي في صلبها حزب “العمل” برئاسة إسحاق هيرتسوغ. فهذا الحزب كعادته في كل حروب إسرائيل، حينما يكون في المعارضة، ينضم فورا الى الخطاب الدموي، ويدعم كل تصعيد. فقد دعا هيرتسوغ، مثلا، إلى إغلاق الضفة المحتلة كليا، “حتى تهدأ الأوضاع”. واستخدم الاحتلال الإسرائيلي مرارا نهج إغلاق الضفة، إلا أنه كان يؤدي دائما إلى مواجهات أكثر حدة. ولكن هذه الدعوة بحد ذاتها، تعني أنه في زمن الحروب والقلاقل الأمنية، فإن صهيون كلها تقريبا، ترقص حول الموقدة، وهذا ما كان دائما، وهذا ما قلناه هنا، في أيام الحرب على غزة قبل أكثر من عام.
سيفتتح البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) دورته الشتوية يوم الاثنين المقبل، وستمتد لستة أشهر. وسيكون أمام الكنيست مهمة إقرار الموازنة العامة للعامين الحالي والمقبل، حتى منتصف الشهر المقبل. وهذا اختبار لتماسك حكومة نتنياهو، التي ترتكز على أغلبية 61 نائبا من أصل 120 نائبا. وما هو مؤكد أن نتنياهو سيجتاز هذا الحاجز، خاصة في ظل النيران المشتعلة. وبعد إنجاز هذه المهمة، التي سيواجهها مرّة ثانية بعد عام من الآن، سيكون أمام مهمة الحفاظ على الحكومة بأغلبيتها الهشّة، وهذه مهمّة ليست سهلة.
السؤال الذي يطرح نفسه: هل سيقبل حزب “العمل” بأن يكون خشبة الإنقاذ؟ فهناك من يعتقد أن “العمل” تواق للدخول إلى الحكومة، وسيستغل الأوضاع المتدهورة. لكن حكومة كهذه، ستكون حكومة قلاقل ونزاعات داخلية، هي أيضا لن تدوم طويلا. ولهذا، هناك أساس للاعتقاد بأنه في ظل المعادلات الحزبية القائمة، سيكون من الصعب على نتنياهو أن ينهي العام المقبل من دون الإعلان عن انتخابات برلمانية مبكرة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 30 / 2165975

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع برهوم جرايسي   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165975 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010