الخميس 13 آب (أغسطس) 2015

هل بدأت مسيرة التدحرج نحو الحلول السياسية في المنطقة؟

الخميس 13 آب (أغسطس) 2015 par راسم عبيدات

من الواضح أنه بعد توقيع الاتفاق النووي الإيراني بين طهران والمجموعة الدولية «5 + 1»، ومن خلال اللقاءات المكثفة والزيارات في أكثر من بلد ولبلد، والتي تشارك فيها الأطراف الدولية والإقليمية والعربية المشتبكة والمتصارعة على المصالح والنفوذ والمكانة في المنطقة، روسيا ومعها إيران وسورية وحزب الله وأنصار الله اليمنية وأميركا ومعها «إسرائيل» وتركيا والدول الخليجية وبالذات السعودية وقطر والإمارات تضاف لهم مصر، هناك حراك جدي نحو الحلول السياسية في المنطقة، من خلال ما يجرى طرحه من مبادرات لحل الأزمات الأساسية في سورية واليمن على وجه الخصوص ويليهما العراق وليبيا.

هذه الحلول ما كانت ممكنة لو استطاعت أميركا والمروحة الواسعة من حلفائها وعبر القوة العسكرية وأدواتها الإرهابية والتكفيرية التي قدمت لها كل مقومات الدعم عسكرياً ومادياً وبشرياً ولوجستياً واستخباراتياً «القاعدة» ومتفرعاتها من «داعش» و«النصرة» و«جيش الفتح» وغيرها من الجماعات الإرهابية أن تحقق أهدافها، أما وقد جرى توقيع الاتفاق النووي الإيراني بعد حصار ممتد لأكثر من 35 سنة، وصمود سورية في وجه الحرب الكونية التي شنت عليها، وعدم قدرة السعودية وعاصفتها المسماة بـ«الحزم» على هزيمة أنصار الله «الحوثيين» وفرض قيادة يمنية بديلة عليهم تدار من قبل السفير السعودي في اليمن، وبداية خروج وتمرد الجماعات الإرهابية على مشغليها بحيث باتت تشكل خطراً على البيئة والحواضن التي وفرتها ودعمتها، ولعل التفجير الإرهابي في أحد جوامع مدينة أبها السعودية أمس الخميس، وقتل وجرح عدد كبير من المصلين أغلبهم من قوات النخبة السعودية، يدل على ذلك بالممارسة العملية، ولذلك شهدنا استدارات وتبدل في المواقف من قبل السعودية وتركيا على وجه الخصوص من تنظيم» داعش»، لكي تنخرط في الحرب على الإرهاب، الذي قالت سورية بأنه لا حلول سياسية من دون توافق دولي على محاربته، والتراجع والتغير في المواقف السعودية والتركية الحاصل، وإن كان غير مبني على قناعات ولكل منها أهدافها ومصالحها من هذا التراجع، فتركيا تريد من خلال موافقتها المشاركة في الحرب على «داعش» خلط الأوراق، وإتاحة الفرصة لها في ظل الموقف الدولي ضد الإرهاب، لكي تمارس تصفية حساباتها مع الأكراد.

هذه الحركة السياسية والمحادثات والزيارات واللقاءات المكثفة، والتي جمعت وزير الخارجية الأميركي كيري مع قادة مجلس التعاون الخليجي في الدوحة، وكذلك اللقاء الأميركي الروسي- السعودي في الدوحة، واللقاءات الإيرانية السورية الروسية في طهران، ومحادثات وزير الخارجية الروسي وليد معلم مع نظيره العماني بن علوي في مسقط، والجولة المرتقبة لوزير الخارجية الإيراني للمنطقة وشمولها سورية ولبنان والعراق، والحديث عن مبادرة إيرانية لحل سياسي للأزمة السورية، تحت سقف الرئيس السوري بشار الأسد، والتشاور بشأنها مع مصر وقطر وتركيا لحشد التأييد لها ورفعها لمجلس الأمن الدولي للمصادقة عليها، وما سبق ذلك من لقاء على درجة عالية من الأهمية، تمثل بلقاء رجل سورية القوي ومسؤول مخابراتها علي المملوك مع ولي العهد والدفاع السعودي في الرياض، وغيرها من الزيارات والتحركات الدولية والإقليمية والدولية، كلها تقول بأن تداعيات ونتائج شديدة الأهمية ستترتب على مثل هذه اللقاءات والزيارات والحركة السياسية النشطة.

قوى العدوان والمشاريع السياسية المستهدفة للمشروع القومي العربي والأمة العربية، وحلقاتها المركزية، سورية والعراق ومصر، بالتقسيم والتجزئة والتفتيت والتذرير والتفكيك وإعادة التركيب للجغرافيا العربية على أساس التخوم المذهبية والطائفية، وخلق الكيانات الاجتماعية الهشة الفاقدة لإرادتها السياسية وقرارها وغير المتحكمة بخيراتها وثرواتها…الخ، ناهيك عن إدخال المنطقة العربية في حروب التدمير والإنهاك الذاتي، بدأت في مشروعها، وباتت على قناعة تامة بأن فرص الحسم العسكري لأي من الأزمات القائمة، من ليبيا وحتى اليمن غير ممكنة، ولا مناص من سلوك طريق الحوار والتفاوض كسبل ممكنة لحل ومعالجة الأزمات القائمة، وفي مقدمها الأزمة السورية.

نحن إذاً نستطيع توصيف المرحلة المقبلة استناداً لذلك على أنها مرحلة التهيئة وخلق البيئة للحلول السياسية، وهذا ما كان ممكناً تحقيقه قبل توقيع الاتفاق النووي الإيراني، وتحقيق الجيش السوري لإنجازات ميدانية وعسكرية، وصمود الحوثيين، وتقدم الجيش العراقي والحشد الشعبي نحو مواقع «داعش»، يضاف لذلك بأن الإرهاب بات معضلة حقيقية للمجتمع الدولي، وبدأ يخرج عن سيطرة مشغليه وحاضنيه، بل وجه لهم ضربات في العصب، للسعودية الحاضنة والمنتجة والممولة له، لاستهداف قوة النخبة السعودية في أبها من خلال تفجير انتحاري في أحد الجوامع التي تأمه للصلاة، واختطاف جبهة النصرة لعدد من المرتزقة الذين دربتهم أميركا من ما يسمى بالجيش الحر في، سورية، واستهداف «داعش» لتركيا بالتفجيرات.

لا اعتقد بأن سورية ولا جماعة أنصار الله في اليمن «الحوثيين» ستقبل بأي حل سياسي لا يحترم ولا يلبي إرادة وطموح شعبها، فما عجزت قوى العدوان عن تحقيقه في المعكرة والميدان، لن تستطيع انتزاعه بالتفاوض فسورية في أحلك المراحل التي مرت بها رفضت التفريط بحقوقها وسيادتها الوطنية والمساومة عليهما، وكذلك هم أنصار الله، فلا قبول لأية حلول سياسية تؤمن مصالح العدوان والمعتدين.

خلاصة القول، أن حروب المنطقة وصراعاتها، قد أنهكت الجميع واستنزفت قواهم ومواردهم، وقادتهم بعد طول وقت وعناء وأثمان مكلفة، إلى استخلاص الحاجة للبحث عن حلول سياسية وبدأت مسيرة التدحرج صوب الحلول السياسية، وثمة تداعيات شديدة الأهمية ستنتج من التحركات واللقاءات والزيارات المكثفة، والتي في بعضها جمعت ألد الأعداء، وخصوصاً بعد نجاح روسيا في جمع رجل المخابرات السوري القوي علي المملوك مع ولي العهد ووزير الدفاع السعودي في الرياض.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 12 / 2165872

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام الموقف  متابعة نشاط الموقع راسم عبيدات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2165872 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010