الجمعة 20 آب (أغسطس) 2010

تسونامي كبير لـ «إسرائيل»

الجمعة 20 آب (أغسطس) 2010 par سعد محيو

«الإسرائيليون» يستجمّون ويقيمون الحفلات على الشاطئ، فيما ثمة تسونامي عملاق يلوح بوضوح في الأفق.هكذا أطلّ المحلل «الإسرائيلي» أري شافيت على الوضع الجيو استراتيجي للدولة الصهيونية هذه الأيام. وهي مقاربة تسير على طرفي نقيض مع كل التصورات الراهنة التي ترسم صورة زاهية لهذا الوضع.

هذه (التصورات) تشير إلى أن بنيامين نتنياهو حقق نجاحاً باهراً حين نجح في «ترويض» الرئيس الأمريكي أوباما، وأعاده إلى بيت الطاعة اليهودي العالمي، وحين بث الروح مجدداً في «الأسرلة» الكاملة للسياسة الخارجية الأمريكية في «الشرق الأوسط».

وفي الوقت نفسه، كان نتنياهو يحقق نجاحاً باهراً آخر، حين جعل مواقف الولايات المتحدة من إيران تبتعد رويداً رويداً عن خيار الاستيعاب وتقترب بشكل حثيث من الخيار «الإسرائيلي» المُطالب بالتصعيد بشتى ألوانه.

وعلى صعيد تركيا، بدأ يتجلى في الآونة الأخيرة التراجع الأوبامي الواضح عن سياسة اليد الممدودة إليها وإلى العالم الإسلامي (كما جاء في خطابي اسطنبول والقاهرة)، لتحل مكانها سياسة الالتزام بالتحديدات «الإسرائيلية» لطبيعة العلاقات الأمريكية - الإسلامية.

ثم هناك بالطبع القضية الفلسطينية، التي حوّلتها «تل أبيب» من ورقة ضغط عليها إلى ورقة إضافية لمصلحتها، حين ضربت عرض الحائط ببيان اللجنة الرباعية الدولية حتى قبل صدوره الذي يطالب بوقف الاستيطان وإقامة الدولة الفلسطينية في غضون سنتين، وأصرّت على مفاوضات مباشرة من دون شروط.

كل هذه المعطيات تدفع إلى الاستنتاج بأن «إسرائيل» في ذروة صعودها لا في قمة انحدارها. وهو صعود يتعزز أكثر حين نضع في الاعتبار أن الاقتصاد «الإسرائيلي» لا يزال يحقق قفزات كبرى ليصبح في طليعة اقتصادات التكنولوجيا المتطورة في العالم، كما أنه بات يحتضن عدداً كبيراً من أصحاب الملايين الذين قفز عددهم بين عامي 2008 و2009 من 5900 إلى 8419 مليونيراً، الأمر الذي يشي بوجود ازدهار اقتصادي واضح.

بيد أن هذا الذهب الذي يلمع بقوة في «إسرائيل» هذه الأيام، قد يكون مغشوشاً أو عابراً.

فالوضع الدولي لن يدوم طويلاً على ما هو عليه، مع بدء انحدار الغرب وصعود القوى الآسيوية إلى قلب ساحة الفعل الدولية. وهذا يعني أن نجاحات تل أبيب الأمريكية قد تتحوّل إلى نفخ في قربة مثقوبة في مستقبل غير بعيد.

وكذا الأمر بالنسبة إلى الوضع الإقليمي. إذ باستثناء حرب إقليمية دولية شاملة بين أمريكا وإيران، لن توجد قوة في «الشرق الأوسط» والعالم ستكون قادرة على منع هذه الأخيرة من تبوؤ موقع جديد في نظام «الشرق الأوسط». صحيح أن مثل هذا الدور سيكون محكوماً بمدى قدرة طهران على إبداء الحكمة والعقلانية في التعاطي مع المنظومة العربية (الرسمية كما الشعبية) في هذا النظام، إلا أن الظروف الموضوعية لهذا الدور متوافرة.

وما ينطبق على إيران، يسحب نفسه على تركيا التي ستكون قادرة على فرض نفسها بقوة على الساحة الإقليمية بعد «إعادة الانتشار» العسكري الأمريكي في العراق، خاصة إذا ما أثبتت الأمة التركية أنها مُوحّدة الصفوف وراء استراتيجية داوود أوغلو العثمانية الجديدة.

الصورة الجيواستراتيجية الزاهية لـ «إسرائيل» ليست، إذاً، زاهية تماماً. العكس يبدو صحيحاً. وربما هذا بالتحديد ما جعل أري شافيت يرى ما لا يراه غيره : التسونامي المُتحفّز للانقضاض على «الإسرائيليين» المُستجمّين على الشواطئ.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 22 / 2178034

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2178034 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40