الجمعة 20 آب (أغسطس) 2010

حرب الفتوحات الأمريكية

الجمعة 20 آب (أغسطس) 2010 par جمال الشواهين

تحقيق النصر في الحروب لم يعد كما كان عليه الحال قبل عقود، أو كما كان عليه في الماضي البعيد، ورغم أن حروب الفتوح عادت مجدداً على يد القوات الأمريكية، كما يحصل الآن في أفغانستان والعراق، إلا أن أحداً لا يستطيع الجزم أن هذه الفتوحات حققت النصر أو حتى أنها حققت الأهداف المعلنة منها، وإنما التأكيد على إنجازات محددة بإسقاط الأنظمة فيهما، وهو أمر لا يغير ولا يبدل من حيث بقاء شعوب هذه الدول على حالها من حيث مجمل التزاماتها القومية والدينية، وعدم استعدادها للتعاون مع الفاتحين وإنما مقاومتهم، ودون أن يكون تغيير الأنظمة محل اعتبار، وذلك على أساس إجراء التغييرات الداخلية في أي لحظة تكون مناسبة للأمر، كما أنه لا فرق كبيراً بالنسبة للشعوب بين أنظمة ذهبت بقوة الأمريكان وحلول أخرى مكانها، فهذا وذاك بذات الشرعية المشكوك فيها، من حيث حقيقة قبولها طوعاً، أو في إطار الأسس الديمقراطية.

أما إسقاط رموز الأنظمة نفسه، فإنه الأمر الأكثر تحديداً لأهداف حرب الفتوحات الأمريكية، حيث تكشف عن إسقاط صدام حسين شخصياً ورموز نظامه، وذات الحال بالنسبة لنظام طالبان والملا عمر وأعوانه.

وهذه أيضاً كانت، وهي قائمة الآن على الطريقة الأمريكية، وذلك عندما كانت تدب الخلافات والنكاية بين الزعماء، قادة وأمراء وملوكاً وغيرهم من شتى الأعراق والأجناس، وهو ما وقع فعلاً بين جورج بوش وصدام حسين. حيث كان الهدف صدام حسين قبل أي شيء آخر. وذات الأمر بالنسبة للملا عمر.

هذه الحروب في العراق وأفغانستان لم يتحقق فيها نصر مبين كما كان الحال عليه في عهود مضت، وقبل عقود، عندما انتصر اليهود فعلاً على العرب في حرب عام 1948، وبعدها في حرب عام 1967، لتظل حرب عام 1973 دون نصر بذات الطريقة، وإنما كما كان عليه حالها من اجتزاء واعتماد مصطلحات جديدة في تعريف النصر.

في حين أن حرب تموز عام 2006 ضد حزب الله كشفت عن تطور جديد في إدارة الحروب ومواجهة أهدافها ومثلها الحرب ضد غزة، وهذه وتلك حقيقة جديدة في معنى النصر الذي ما عاد مبيناً بأي حال من الأحوال للجيوش والقوات الصهيونية، وإن كانت تملك ما تملك من أدوات القتل والدمار، إلا أنها تظل في إطار العصر الحالي عن تحقيق إنجاز إحلالي بالمستويات المختلفة.

ليس في واقع الحال ما يشير إلى قدرة العدو «الإسرائيلي» ومعه أمريكا والحلفاء كافة على تحقيق نصر حاسم ضد إيران، لا من حيث إسقاط النظام فيها، ولا من حيث احتلالها، فالأمر معها ليس كما هو الحال الذي وقع في أفغانستان والعراق.

أما قصة توجيه ضربة قوية لها فإنه أمر وارد، غير أنه لن يحقق الكثير، إضافة للثمن الباهظ مقابلها.

تدرك الإدارة الأمريكية قوة الإمكانيات الإيرانية عسكرياً، وتدرك أن أي حرب ضدها لن تكون حاسمة أو أنها بدون ثمن باهظ، وهي في هذا المجال لن تخوض مغامرة جديدة لإسقاط أحمدي نجاد أو مرشد الثورة ورموزها، فليس ذلك في واردها، وإن كان من الأماني والرغبات اليهودية التي لن تتحقق بحرب أو توجيه ضربة بالنسبة للعدو «الإسرائيلي»، فإنه مدرك أكثر للأمور كافة، ويعي أن وجوده قوياً مرهون بعدم السماح لقوي آخر غيره في المنطقة، وفي حساباته خلط الأوراق، بإدارة حرب متعددة الأدوات، تكون فيها القوات العسكرية جانباً أساسياً، ومعها تحركات الأنظمة في المنطقة لمعاونتها، تفضي إلى نزع قوة طهران على حساب هذه الأطراف، وهي تتلقى الضربات التي ستخفف من قوة وحجم تلك التي ستوجه نحو الكيان الصهيوني.

في حالة حرب، أو توجيه ضربة لطهران فإن الثمن سيكون باهظاً جداً، وسيتحمل أكثره العدو «الإسرائيلي» ومن سيكون إلى جانبه، وإن كانت طهران ستفقد قوتها، أو جزء منها، فإنها في المحصلة ستخرج منها على طريقة مغايرة لما وقع في كابول وبغداد، وتشابه إلى حد بعيد ما وقع في غزة ولبنان.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 15 / 2177782

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2177782 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40