الأربعاء 15 تموز (يوليو) 2015

حزب الله والطريق الإيرانية

الأربعاء 15 تموز (يوليو) 2015 par د.احمد جميل عزم

صدم أمين عام حزب الله، حسن نصرالله، كثيرين هذا الأسبوع بتصريحاته بشأن إيران، وقد تحولت مناسبات فلسطين والقدس لتمجيد طهران وقادتها.
في رسالة ماجستير ناقَشَتها، مؤخراً، بجامعة بيرزيت، الإعلامية سائدة حمد، عن تحولات الخطاب الفلسطيني، لاحظَت أنّ ياسر عرفات صار يذكر حركة “فتح” بالاسم في خطاب انطلاقة الثورة، ويعتبر “الانطلاقة” بأنها “انطلاقة حركة التحرير الوطني الفلسطيني-فتح”، فقط بعد اتفاقيات أوسلو. فهل كانت هذه أزمة العودة للفصيل والاستنجاد به، عند الشعور بأزمة البرنامج الوطني، وهو الذي كان يعزف عن هذا سابقاً؟
قبل نحو 15 عاماً، شاركت في مسيرة بذكرى النكبة الفلسطينية في اسكتلندا، رغم أنها انطلقت قبل الموعد السنوي (15 آيار (مايو)). وفوجئت يومها أنّ المنظمين، وهم من الاشتراكيين البريطانيين، حولوها للاحتفال بالأول من أيار (يوم العمال). وكان واضحاً أنهم استغلوا التعاطف مع فلسطين للحشد لمناسبة لم يعودوا يستطيعون الحشد لها كثيراً، فأرادوا أن يجمعوا الناس لفلسطين ويجيروهم ليوم العمال. وما لم يتوقعوه أنّ جزءا مهما من الحضور كان إسلاميّاً، أراد حرف المسيرة أيضاً نحو شعارات دينية بعيدة عن فلسطين، فكان خليطاً غريباً، ذكرني بعشرات الأحزاب العربية التي استخدمت فلسطين ورقةً دعائية.
في الموروث الشيعي موقف سلبي من صلاح الدين الأيوبي، لأنّه في واقع الأمر قال إنّ تحرير القدس يبدأ من القاهرة، فقام العام 1171م بإنهاء الدولة الفاطمية (أحد فروع المذهب الشيعي)، بعد أن حكمت في مصر أكثر من مائتي عام. وحكم مصر قبل أن يسيطر على دمشق وينطلق من هناك للقدس.
في احتفالات يوم الجمعة الماضي بيوم القدس، تأكد أنّ هذا اليوم إيراني بامتياز.
بينما تكاد تختفي القدس وفلسطين من العراق أغلب أشهر السنة في السنوات الأخيرة، وبينما طردت المليشيات الحليفة لإيران اللاجئين الفلسطينيين من العراق بعد سقوط صدام حسين، استُغل يوم القدس لتأييد إيران، ورفعت صور قادتها. فذكر بيان لحزب الله العراق (كما تنقل صحيفة “القدس العربي”) أن هذه المسيرة التي ينظمها سنويا في الأسبوع الأخير من رمضان تأتي لتجديد عهد الولاء والبيعة للإمام الخميني الراحل. وفي البيان الختامي ليوم القدس العالمي، قال القيادي الشيعي حميد الموسوي، إن “داعش وقصف الشعب اليمني هو مخطط لتوفير الأمن للكيان الصهيوني الغاصب وإضعاف جبهة المقاومة”.
أمّا أمين عام حزب الله حسن نصرالله، فقال إن “طريق القدس تمر بالقلمون والزبداني والسويداء والحسكة” في سورية، وإنّ إيران هي “الأمل الوحيد المتبقي بعد الله” لاستعادة فلسطين، وقوله “لا تستطيع أن تكون مع فلسطين إلا إذا كنت مع الجمهورية الإسلامية في إيران. وإذا كنت عدوا للجمهورية الإسلامية فأنت عدو لفلسطين والقدس”.
في هذا التصريح لنصرالله دليل جديد على طريقة تفكير الرجل. ومفاد القول: من هو ضد إيران فهو عدو، ومن هو ضد حلفاء إيران، فهو عدو. ومن هنا يمكن أن نجد ونفهم التباين في تأييد الثورة في ليبيا ضد معمر القذافي، لأنّ له ثأرا مع الحزب منذ اختفاء الإمام اللبناني الشيعي موسى الصدر في زيارة له للقذافي العام 1978، وكذلك تأييد الاحتجاجات في البحرين، مقابل رفضها في سورية وتأييد الحرب الكونية، أو الصمت في ليبيا والعراق ورفض الحرب بتوتر وعصبية على الحوثيين.
يعرف حزب الله النتائج المدمرة لشعارات طريق القدس تبدأ من عمان أو بيروت أو غيرهما، ويعرف كم استغل الجميع فلسطين ورقة في سياساتهم ولم يفلح ذلك. وقد لا يدرك أنّ الارتداد للحزب والجهر بالحليف الإيراني هي علامات ضعف وأزمة.
ما لا يدركه المصرّون على التعامي عن مشروع حزب الله الإيراني، بداعي المقاومة والممانعة، مع أن هذا المشروع الحليف لبشار الأسد كان عدوا لصدام حسين ومعمر القذافي، وكلاهما يؤيدهما جزء كبير من مؤيدي الأسد، أنّه من دون رفع شعارات الديمقراطية والمواطنة والتحرر من الطائفية والمذهبية المختلطة بالسياسة، لا فائدة ولا إمكانية للتحرر من الاستعمار ولا لتحرير فلسطين، ولا للتنمية والتقدم. ولو كان هناك مشروع فلسطيني وطني يحظى بالتفاف شعبي ووحدة وطنية، لما كان بالإمكان الحديث عن مرور طريق فلسطين من طهران أو من الزبداني.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 28 / 2166019

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع احمد جميل عزم   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

28 من الزوار الآن

2166019 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 28


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010