نجاح المشروع النهضوي يحتاج إلى ثلاث ركائز أساسيّة، بالإضافة إلى مجموعة ركائز إضافية عديدة، ولكن لا سبيل للنجاح إذا فقدت الركائز الثلاث أو أحداها، وأن تفاوتت بالأهمية والأولوية. الركيزة الأولى تتمثل بالفكرة فهي نقطة البدء وهي المنطلق، ولا بد للفكرة أن تكون سليمة ومقنعة، وواضحة، وقادرة على الإجابة على الأسئلة والاستفسارات المتعلقة بها، لأنها تمثل جوهر المشروع النهضوي وقوامه، وتعطيه القيمة المعنوية والمكانة المعتبرة في معركة التنافس البشري في عمليات البناء الحضاري والإعمار الكوني. الركيزة الثانية تتمثل بالإنسان القادر على فهم الفكرة والقادر على حملها والتبشير بها، ولا سبيل لنجاح الفكرة إلّا من خلال القدرة على بناء الإنسان المكتمل عقلاً وروحاً ونفساً ووجداناً. كل المشاريع الناجحة استطاعت أن تصل إلى أهدافها وغاياتها من خلال نجاحها في بناء الإنسان المنسجم مع الفكرة، والمنسجم مع غاياتها وأهدافها وجوهرها، والإنسان الناجح هو الذي توافرت فيه ثلاثة شروط أساسية تتمثل بالسوية الفكرية وأصالة الانتماء الوطني وعمقه، والسوية النفسية التي تعبر عن أصالة المعدن وطيب المنبت والقدرة على تحمل المسؤولية. الركيزة الثالثة تتلخص بالموارد، فهي ضرورة مكملة للضرورتين السابقتين وهي لاحقة لهما وليست سابقة، لأن الموارد بلا فكرة تصبح عبئاً، والموارد بلا إنسان مسؤول قادر على الإدارة والحفظ فهي معرضة للضياع، وتصبح أحياناً محلاً للتنافس والإفساد، وسبباً للانقسام والتشتت. وبناءً على المقدمة السابقة تتضح معالم المراجعة المطلوبة لجميع القوى السياسية والحزبية، فعندما تتعرض الفكرة الأصلية للضياع والتشويه والاختطاف، يصبح المشروع في مهب الريح، وليس هناك أشد ضرراً من ضياع الفكرة أو تشويهها أو انحرافها أو اختطافها من جهة أو طرف لا يقدرها حق قدرها. كما أن انحراف الفكرة يؤدي الى انحراف حتمي في مشروع بناء الإنسان، من حيث الاختيار والفرز ومن حيث الحشد والتجميع، ويؤدي ذلك إلى إيجاد مجاميع رقمية بعيدة عن جوهر الفكرة، وغير قادرة على فهمها فضلاً عن حملها والتبشير بها، أو تطويرها وتحديثها في مساراتها التصاعدية ضمن إطارها العام الذي لا يخرج على غاياتها وأهدافها، وضياع الفكرة والإنسان يؤدي بشكل قطعي إلى هدر الموارد وتضييع الجهود المبذولة. من أهم معالم الأزمة على صعيدنا العربي، ضياع المشروع الرسالي الكبير على مستوى الأمة كلها، وضياع المشروع الوطني على مستوى كل قطر، وضياع المشاريع كان بسبب ضياع الأفكار في معارك التطاحن على السلطة والاقتتال على المصالح الفردية والفئوية، ومن ثم نسيان معركة النهوض والحشد والبناء للأمة، وكان بسبب الفشل في بناء الإنسان على المستوى العام الرسمي، وعلى المستوى الخاص الحزبي والسياسي، مما أدى إلى ضياع الموارد وضياع الأوطان وضياع الهوية، وليس أدل على ذلك من غيبة الأطراف العربية عن الاتفاقات الدولية والإقليمية التي تستهدف أرضها وأوطانها ومقدراتها.
الأربعاء 15 تموز (يوليو) 2015
المراجعة ومرتكزات النجاح للمشروع النهضوي
الأربعاء 15 تموز (يوليو) 2015
par
د.رحيل محمد غرايبة
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
18 /
2165911
ar أقسام الأرشيف ارشيف المؤلفين رحيل محمد غرايبة ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
14 من الزوار الآن
2165911 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 14