الأحد 12 تموز (يوليو) 2015

استراتيجية حزب الله «نتدخل عند الضرورة»

الأحد 12 تموز (يوليو) 2015

- روزانا رمّال

بديهي ان يتحدث الأمين عام لحزب الله السيد حسن نصرالله في كلمته أمس عما يواجهه حليفه التيار الوطني الحر الذي يقوده العماد ميشال عون الشخصية المسيحية الأكثر جدلاً هذه الأيام، واللبنانيون تعوّدوا من هذه الشخصية دائماً على مفاجآت لا تحتمل في بعض الأحيان حسن التوقع، فالعماد عون الذي ترك لبنان ليعيش سنوات طويلة في الخارج إيماناً منه انّ المرحلة التي كانت المقبلة على لبنان ليست منسجمة مع قدرته على التحمّل او المسايرة، خصوصاً بعدما رفض اتفاق الطائف بشقه الخارجي، لأنه يقضي بانتشار سوري على الأراضي اللبنانية ولا يحدّد آلية لانسحابه من لبنان. وبعد معارك عسكرية ترك لبنان الى المنفى الفرنسي بقرار لافت على الرغم من انه كان ممكناً له مجاراة الواقع الجديد من أجل البقاء، مثلما فعل غيره من الفرقاء اللبنانيين لكنه لم يفعل.

العماد عون أيضا وقّع أول تفاهم بين فريقين لبنانيين ظنّ اللبنانيون انه لن يجمعهما شيء إلا الصدام والتقاتل لاختلاف الأهداف والرؤية حينها حتى فوجئ اللبنانيون بقدرة العماد عون على التمسك بهذا التحالف الذي أصبح استراتيجياً بالنسبة إلى تياره كما لحزب الله، وهو في المراحل السابقة كان يشبه ضرباً من الخيال.

حزب الله المتمسك بحلفائه ومن بينهم العماد عون داخلياً أعلن بلسان أمينه العام السيد حسن نصرالله انه «لن يتخلى عن ايّ من حلفائه، ولن يتخلى عن العماد ميشال عون، وأنّ خياراته للحفاظ على هذا التحالف مفتوحة وكلّ شيء يمكن ان يحصل»، داعياً الى «حوار ثنائي بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل…»

وبغضّ النظر عن إمكانية نجاح أيّ فرص للحوار بين الفريقين لن يوفر حزب الله جهداً بالتأكيد للعب دور في إعلاء حظوظ ايّ اجتماع بين «الوطني الحرّ» و«المستقبل» طالما انه اعلن انّ هذه هي رؤيته للحلّ، اي الحوار، وبالتالي بديهي ان يلعب حزب الله دوراً فعّالاً على هذا الخط عبر المرجع السياسي الدائم في لبنان رئيس مجلس النواب نبيه بري من أجل جمع الطرفين وتقريب وجهات النظر بأدنى حال، حتى لو لم يتمّ التوصل الى ايّ نتائج قريبة، إنما منعاً لمزيد من التباعد طالما انّ التيار الوطني الحر وحزب الله يعلنان صراحة انّ أصل المشكلة وحلها عند «المستقبل».

كلّ هذا لا يعني انّ حزب الله غير جاهز للتقدّم إلى الصفوف الأمامية عند الحاجة، او عندما يطلب العماد عون ذلك، وهو لم يطلب حتى الساعة من حزب الله النزول معه الى الشارع، ولم يوسع نطاق ظهوره في واجهة المشهد، لكنه اكد انه داعم لعون بشكل مفتوح ولا متناه، وانّ كلّ شيء ممكن ان يحصل.

هذا الكلام العالي السقف ليس لأنّ حزب الله يشعر بضرورة التعبير عن موقف قد لا يلجأ الى تحقيقه ويكون قد سجله في إطار أزمة يمرّ فيها حليفه تقتضي إظهار تعاطف وتعاون إلى أقصى حدّ، وعلى العكس فإنّ هذا الموقف يعود إلى أمرين أساسيين أولهما صدقية حزب الله مع حلفائه وشعوره بالمسؤولية تجاهم في ايّ محنة يتعرّضون اليها، وثانياً الاستراتيجية التي يتبعها الحزب وتعتمد على التدخل عند الضرورة بعد اكتمال المشهد والاقتناع بضرورة دخوله للحسم وليس للتأزيم على خط الملفات فيدخل في الزمان والمكان المناسبين.

حزب الله الذي يترك للأزمات مداها الطبيعي لتبلغ الذروة يتعامل مع حلفائه وفي ايّ ساحة يشعر بمسؤولية دخوله فيها بنفس الطريقة، فالتدخل عند الضرورة يحكم سلوك حزب الله، ويؤكد انه ليس حليفاً يفرض نفسه على الحدث ليتصدّره او يلعب أدواراً بطولية لمجرد رغبته في إظهار التفرّد والتسلط وهو بهذا يعطي مجالاً لحليفه لإظهار مواطن قوته وأوراق مناوراته وقدرته للجميع قبل ان يتذرّع الخصم بزجّ حزب الله في المشهد واعتبار انّ حلفاءه حتى لا يملكون شيئاً من رصيد واقعي لربح الجولات، وهذا ما يعرف حزب الله أنه افتراء مقصود يندرج ضمن إطار حملات التشويه والتقليل من قدرات حلفائه، وهذا في العموم أحد أهمّ أهداف الخصوم.

التدخل عند الضرورة رافق قرارات حزب الله ايضاً بالنظر إلى موضوع قتاله في سورية فهو الذي لم يتدخل ابداً منذ بدايتها، بل ترك المشهد لأكثر من عام أمام المعنيين بالأمر مباشرة للتصرّف وفق ما تتطلبه الحاجة ليعود ويتدخل بعدما استشعر قدوم خطر الإرهاب إلى لبنان، فكان لا بدّ من القتال لإبعاد هذغ الخطر، وثانياً من أجل دعم حليف استراتيجي كسورية والمساهمة في تثبيت المواقع وإحداث فرق واضح ومكشوف.

الاستراتيجية العسكرية نفسها يتحدث فيها حزب الله حول موضوع بلدة عرسال، وهو الذي يترك للجيش اللبناني مهمة تحمّل مسؤولياته تجاه ما يجري فيها، وبالتالي لم يعلن أنه مستعدّ لدخول البلدة وتحريرها من الإرهاب، علماً انّ هذا لا يعني انّ حزب الله لن يتدخل ابداً إذا اقتضت الحاجة والى جانب الجيش اللبناني الذي ينسّق معه في الجرود من اجل حماية البلاد.

حزب الله يتدخل عند الضرورة وللضرورة أحكام.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2165818

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2165818 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010