الجمعة 10 تموز (يوليو) 2015

يسطون على قُدسنا وتُراثنا وزَعترنا

الجمعة 10 تموز (يوليو) 2015 par د. فايز رشيد

الكيان الصهيوني يمتد تاريخه منذ يوم إنشائه عنوة قبل سبعين عاما, إلى فترة قصيرة نسبيا في التاريخ. أنشأوا دولتهم قسرا على أرضنا الممتدة عميقا في القِدم. ولأنهم بلا تاريخ.. تراهم يسرقون تاريخنا وقدسنا وحتى أكلاتنا الشعبية مثل الفول والحمص والزعتر وغيرها فهم يريدون صنع تاريخ قسري لهم.. ولكن هيهات! مهما امتدت دولتهم في السنوات.. فسيظل تاريخها مزيفا.. وسيرحلون آجلا أو عاجلا إما باختيارهم أو بالقوة.. إنهم الطارئون والعابرون والراحلون والمنصرفون حتما أو عنوة.
القدس عربية خالصة.. كانت, وهي, وستظل. يدّعون “يهوديتها” و“أنها العاصمة الموحدة والأبدية” لدولتهم! لا يدركون أن دولة الكيان طارئة الوجود,عابرة في تاريخ القدس وفلسطين والتاريخ العربي برمته. دولتهم محكومة بالزوال وليس فقط محاولاتهم المستميتة لـ“تهويد” المدينة المقدسة! مثلما فشل غيرهم من الغزاة في البقاء في فلسطين وانصرفوا عنها.. سينصرفون هم, وسيكتب التاريخ صفحة سوداء في إحدى صفحاته التسجيلية: بأنهم احتلوا وقتا ما, فلسطين العربية.. بمعنى: إن نهاية دولتهم ستكون بضع صفحات سوداء في ملف تسجيلي.. مرتبط بكل ما هو قبيح وكريه وعنصري ومجرم وفاشي وغيرها من المعاني المتوحشة, والتي لا تمت للحضارة ولا للإنسانية بصلة.
فلسطين عربية خالصة.. هذا ما يقوله التاريخ. المؤرخ الإغريقي هيرودوتس يؤكد “بأن فلسطين جزء من بلاد الشام”, المؤرخون الفرنجة يؤكدون بإجماع بالنص: “أن فلسطين ديار عربية”, المؤرخ الشهير هنري بريستيد يذكر بالنص “بأن القدس هي حاضرة كنعانية”, بالطبع الكنعانيون هم قبائل عربية.. ولهذا أطلق على فلسطين اسم “بلاد كنعان”. اليبوسيون العرب استوطنوا الأرض الفلسطينية منذ 4000 عام قبل الميلاد, واستوطنوا منطقة القدس عام 2500 ق.م . القدس عربية قبل ظهور الدين الإسلامي الحنيف, والتأريخ لعروبتها لا يبدأ من الفتح العربي الإسلامي لها في عام 638 م مثلما يذهب العديدون من المؤرخين للأسف! القدس جزء أساسي من فلسطين ولذلك فالتأريخ للبلد ينطبق على مناطقه ولا يكون منفصلا!.
الخليفة الأموي مروان بن عبدالملك بنى مسجد قبة الصخرة, والقبة ذاتها تأكيد لدخول الإسلام إلى المدينة. أما أصل ما يعتمد عليه اليهود من تسمية القدس بـ “أورشاليم”, فالأصل في هذه التسمية: أن اليبوسيين العرب هم من أطلقوا عليها هذا الاسم ,وأسموها “أورسالم” أي “مدينة السلام” من الأصل.. بالتالي لا علاقة لليهود بالاسم لا من قريب أو بعيد, كما لا علاقة لهم بمدينتنا الخالدة. صلاح الدين الأيوبي القائد العسكري والإستراتيجي الكبير,أدرك أهمية القدس بالنسبة لفلسطيين وتاريخها العربي .. لذا انتقل إليها مباشرة بعد معركة حطين ,واعتبرها المفتاح الرئيسي لتحرير باقي المناطق الفلسطينية. هذه نُتف صغيرة من حقائق مدينة القدس التاريخية وارتباطها العضوي بالعروبة والإسلام, بعد بضعة عقود من ظهوره.
بالمقابل..اعترف أبو الآثار( وهو لقب يطلق عليه في الكيان), وهو العالم الأبرز في إسرائيل “فلنكشتاين” من جامعة تل أبيب: بعدم وجود أية صلة لليهود بالقدس. جاء ذلك خلال تقرير نشرته مجلة جيروزاليم ريبورت الإسرائيلية ,توضح فيه وجهة نظر فلنكشتاين الذي أكد لها: “أن علماء الآثار اليهود لم يعثروا على شواهد تاريخية أو أثرية تدعم بعض القصص الواردة في التوارة, كانتصار يوشع بن نون على كنعان”.
وشكك فلنكشتاين في قصة داوود الشخصية التوارتية, الأكثر ارتباطاً بالقدس حسب المعتقدات اليهودية فهو يقول: (إنه لا يوجد أساس أو أي شاهد إثبات تاريخي على اتخاذ اليهود للقدس عاصمةً لهم، وأنه سيأتي من صلبهم من يشرف على ما يسمى بــ (الهيكل الثالث), وأنه لا وجود لمملكتي يهودا وإسرائيل, وإن الاعتقاد بوجود المملكتين هو وهم وخيال".
كما أكّد على (عدم وجود أية شواهد على وجود “إمبراطورية يهودية تمتد من مصر حتى نهر الفرات”، وإن كان للممالك اليهودية- كما تقول التوارة- وجود فعلي, فقد كانت مجرد قبائل, وكانت معاركها مجرد حروب قبلية صغيرة. أما فيما يتعلق بهيكل سليمان, فلا يوجد أي شاهد أثري يدلل على أنه كان موجوداً بالفعل).
من جانبه، قال رفائيل جرينبرغ، وهو عالم آثار يهودي ويحاضر في جامعة تل أبيب:“إنه كان من المفترض أن تجد إسرائيل شيئاً حال واصلت الحفر لمدة ستة أسابيع،غير أن الإسرائيليين يقومون بالحفر في القدس لأعوام دون العثور على شيء”.
من زاوية ثانية، اتفق البروفيسور يوني مزراحي وهو عالم آثار مستقل, عمل سابقاً مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية مع رأي سابقيْه قائلاً:“لم تعثر إسرائيل حتى ولو على لافتة مكتوب عليها- مرحباً بكم في قصر داود- واستطرد قائلاً:”ما تقوم به إسرائيل من استخدام لعلم الآثار بشكل مخّل, يهدف إلى طرد الفلسطينيين الذين يعيشون في القدس وتحويلها إلى يهودية".
بالطبع, ما قاله العلماء اليهود الثلاثة، الذين يعيشون في إسرائيل, ليس جديداً, فكثيرون من علماء الآثار والتاريخ العالميين وصلوا إلى هذه الحقيقة المؤكدة, منهم عالمة الآثار كاتلين كينون في كتابها“علم الآثار في الأرض المقدسة”, كذلك تصب في هذا الاتجاه دراسات المؤرخ بيتر جميس التي نشرها في كتابه “قرون الظلام”, وأيضاً ما كتبه توماس تومسون في كتابه “التاريخ المبكر للشعب الإسرائيلي”, والحقائق التي أكدها المؤرخ العالمي الذائع الصيت أرنولد تويبني, والمؤرخ غوستاف لوبون في كتابه “تاريخ الحضارات الأولى”, والمؤرخ اليهودي ذائع الصيت آرثر كوستلر , والمؤرخ شلومو ساند... وغيرهم وغيرهم (والقائمة تطول).
المحزن والمبكي في آن معا.. ما يطرحه أنصار التسوية مع الكيان من فلسطينيين وعربا من موافقة على أن تكون القدس عاصمة للدولتين! أبهذه السهولة يتخلى البعض منا عن روح فلسطين.. وهي القدس؟. رغم كل ذلك: فإن الشايلوكيين الصهيونيون لا يقبلون إلا “بأن تكون كل القدس عاصمتهم الموحّدة” ! خسؤوا.. فالقدس عربية خالصة.. كما الأرض الفلسطينية من الناقورة إلى, ومن النهر إلى البحر إضافة إلى المياه الإقليمية الفلسطينية, هي كانت.. وهي.. وستظل عربية.. عربية.. عربية.
من زاوية ثانية: مثلما يريدون الاستيلاء على تاريخنا الفلسطيني العربي الكنعاني الأصيل! يريدون سرقة الزي الشعبي الفلسطيني التراثي الأصيل! ألبسوه لمضيفات شركة “إل عال” الصهيونية. روّجوا في العالم من قبل أن الفول والحمص هما “تراث يهودي إسرائيلي” ! لذلك فإن الخطر الصهيوني غير مُدرك من قبل الكثيرين من الفلسطينيين والعرب على مختلف مناحي حياتنا,هؤلاء الذين يتوهمون بإمكانية قيام “سلام” مع إسرائيل !.آخر سرقات الكيان: محاولة ترويجه للزعتر باعتباره “تراثا إسرائيليا”! يحاولون بكل الوسائل اختلاق تاريخ قديم لهم ,كما يحاولون عنوة: إلصاق أنفسهم بتاريخ المنطقة! نقول تعليقا: مثلما “رائحة البن جغرافيا” ,فإن الزعتر أيضا: جغرافيا فلسطينية بامتياز! عَبق الزعترهو المميز بالإضافة إلى رائحة القهوة.. في صباحات المدن والقرى الفلسطينية والعربية الربيعية الجميلة والدافئة. الزعتر هو كل هذه المعاني مجتمعة... سيفشلون حتما في كل محاولات السطو على قدسنا.. وتاريخنا.. وزعترنا.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 22 / 2165536

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع فايز رشيد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

5 من الزوار الآن

2165536 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 5


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010