الثلاثاء 30 حزيران (يونيو) 2015

مبادرة لا حظوظ لها بالنجاح

الثلاثاء 30 حزيران (يونيو) 2015 par علي بدوان

بعد مقدمات طويلة، بدأت منذ عدة شهور، لاحت واتضحت أخيراً دواخل المبادرة الفرنسية الجديدة الساعية لإعادة إطلاق العملية التفاوضية بين الطرفين الرسمي الفلسطيني و »الإسرائيلي«، والتي باتت تحمل الآن مُسمى »خطة فابيوس« والتي عَرضها وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس مؤخراً على الطرفين الفلسطيني و »الإسرائيلي« والمُتضمنة العودة لإحياء العملية التفاوضية وتحديد جدول زمني لعام ونصف العام من المفاوضات، والتي بعدها إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق سلام.

فإن الأمم المتحدة تعترف بفلسطين دولة مستقلة في حدود العام 1967 مع تبادل أراضٍ (لاحظوا تبادل أراضٍ) على أن تكون القدس عاصمة للدولتين (عاصمة للدولتين ..!).

المبادرة في تفاصيلها التي بدأت تتكشف وتتسرب تباعاً قبل فترة، تأتي أدنى من سقف الأفكار التي كانت الولايات المتحدة قد طرحتها عبَر مبادرة وزير الخارجية الأميركي جون كيري قبل أكثر من عام مضى، وعبرَ مفاوضات التقريب التي انتهت دون نتائج، وهي المفاوضات التي أدارها جون كيري بين الطرفين الفلسطيني و »الإسرائيلي« طوال العام 2014 في العاصمة الأردنية عمان، وانتهت عملياً الى الجدار المسدود دون إعلان رسمي عن فشلها أو موتها.

ومن نافل القول، بأن التعاطي الفلسطيني الإيجابي بشكلٍ عام مع المبادرات والأفكار التي تُقدمها اطراف دولية مؤثرة أمر مطلوب ولابد منه، كفعل سياسي في سياق المعارك الدبلوماسية والسياسية مع »إسرائيل« في ميادين الساحة الدولية، وفي مسار فضح سياسات »إسرائيل« وتعريتها أمام المجتمع الدولي. لكن االطامة الكبرى هنا، أن فرنسا وفي حال تلقيها إشارات تأييد من قبل مُختلف الأطراف المعنية والفاعلة، ستَعمَل على تمرير مبادرتها عبر مجلس الأمن الدولي سعياً لاستصدار قرار بشأنها، يُتوقع له أن يكون حال صدوره وتبنيه من مجلس الأمن هابطاً عن قرارات الشرعية الدولية حتى لو كان مشروع قرار يرسم حدود الدولة الفلسطينية في إطار ما يسمى حل الدولتين. وبالتالي فإن مخاطر جمة تَكمُن في الهبوط بقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وتكريسه عندئذ (أي تكريس القرار حال صدوره عن مجلس الأمن) كمرجعية جديدة للتفاوض تُلزم الجانب الفلسطيني من دون أن تلزم »إسرائيل« بأي شيء لأنها تعارض المبادرة منذ البداية.

وعليه، إن الأفكار التي قدمها وزير الخارجية الفرنسي لا تُقدم شيئاً جديداً وجوهرياً لحل الصراع، بل تَفتح الأبواب لتعويم السياسات والمواقف »الإسرائيلية«، دون أي التزامات من حكومة نتانياهو بوقف عمليات استيطان الأرض ونهبها، كما في القفز عن قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بحقوق الشعب الفلسطيني، وهو ما يفترض بالطرف الفلسطيني التعاطي الحذر معها، وعدم الوقوع في أوهام الرهان عليها، ورفض أي مشروع لا يتضمن الحقوق الفلسطينية كما قررتها الشرعية الدولية، وعدم قبول أي مقاربة أو مساومة بين هذه الحقوق وبين صدور مشروع قرار عن مجلس الأمن الدولي.

نحن أمام مبادرة لاحظوظ لها بالنجاح دون الضغط الدولي الجدي على »إسرائيل«، مُبادرة تُعيد خلط الأوراق من جديد، والمُلاحظ بها أنها تسعى لتسويق دور فرنسي في المنطقة التي تَشهد تحولات وأحداث عميقة، أكثر من البحث عن حل جدّي يؤدي إلى إنهاء الاحتلال »الإسرائيلي« وتأمين الحقوق الوطنية للشعب العربي الفلسطيني التي قررتها الشرعية الدولية في العودة وتقرير المصير والدولة كاملة السيادة بعاصمتها القدس.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2165326

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع علي بدوان   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

22 من الزوار الآن

2165326 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 21


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010