الخميس 25 حزيران (يونيو) 2015

ليست المفاوضات ما يليق بالقدس

الخميس 25 حزيران (يونيو) 2015 par صالح عوض

كل رمضان يأتي ليذكّرنا بالمسجد الأسير وشد الرحال إليه.. وليذكرنا بأن القدس وأولى القبلتين تحت وطأة الاحتلال الصهيوني.. وينصرف كثيرٌ منا لمهمات متناقضة، ولكن لا شيء يوحي بأن هناك حلا قريبا لنكبة اقترب عمرها من قرن.. والمؤسف حقا أن يتم تناول قضية القدس وفلسطين وكأنها قضية تنازع حدودي بين دولتين على مياه دولية أو جزر نائية.. حتى هذا التناول غاب عن مجال العمل في اتجاه فلسطين..

المفاوضات والمفاوضات.. والنتيجة الفشل بعد الفشل ويا ليته الفشل فقط، إنه الغطاء السخيف لعملية استيطان نهمة تطال الأرض والمقدسات.. انه عملية منهجية لتهويد المعالم وطمس الوجود العربي الإسلامي الحضاري لفلسطين.. بالإضافة إلى سلوك إجرامي ضد المواطنين والأسرى.

هجم الغربيون علينا بمنطق المفاوضات والحوار في مواجهة الاستيطان الإسرائيلي والوجود العنصري الباطل.. مثلهم كالشيطان عندما يلوّح للمحتضر بشربة ماء وبوعود مخادعة ليصرفه عن نطق الحق والشهادة.. يحاولون إغراء الفلسطينيين بتحسين شروط المعيشة ليسكتوا عن العودة والوطن كمن قتلوا أباه وأعطوه قطعة حلوى.. وأصبح المتفذلكون منا هم من يروجون للعمل السياسي بفهمهم والذي يعتمد ترتيب خطوط التواصل والاتصال مع قنوات صنع القرار لدى الغربيين لإطلاعهم على الأوضاع والتأكيد لهم بالأهلية للتواجد في الخريطة السياسية. إنهم يدّعون المعرفة بشروط اللعبة ويمعِنوا في التماهي مع الوجهات الغربية التي تترافق مع تهديدات من هذه الجهة أو تلك لابتزاز المواقف ومحاصرة الأوضاع ضمن خيارات ضيّقة..

واستجاب الكثيرون للهجوم الغربي، وها نحن نتابع زيارات المندوبين الغربيين لفلسطين إلى قطاع غزة ورام الله.. يوزعون الأوهام هنا وهناك ويضحكون على اللحى هنا وهناك.. يتحدثون في غزة عن ميناء وإعمار وحياة إنسانية كريمة وفتح الآفاق للقطاع المنكوب، وفي رام الله يتحدثون عن مفاوضات مؤقتة للتوصل إلى حل في اطار حل الدولتين.. ويستجيب كثيرون ممن يتعاطون مع العملية لأحد الأبعاد الحقيقية الخطيرة لهذه المؤامرة الغربية، ألا وهو ضرب الإسفين بين المكوّن السياسي الفلسطيني وترسيخ حالة الانقسام الفلسطيني.

وللأسف الشديد، فقدَ القوم القدرة على معرفة المفيد من الضار، وفقدوا القدرة على التمييز بين العدو والصديق، وتركوا أخطر أداة من أدواتهم الخاصة بيد العدو، حيث لم يدركوا خطورة التفسيخ الحاصل في الساحة.. بل إنهم يمعنون، كل من طرفه، في إذكاء روح التشتت والإغراء بأخيه، يستقوون على بعض بالأطراف الإقليمية، وفي المحصلة يدفع الشعب الفلسطيني الضريبة كاملة.

ألم يصح الناس على أن الشمس عندما تخرج لا يبقى فرصة لدياجير الظلام؟ ألم ينتبه الناس بعدُ أن أرخص المهمات وأقذرها هي أن ينشغلوا ببعضهم ويتركوا العدو يسرح ويمرح نهبا وقتلا وتغوّلا..؟ ألم يعد يدرك الناس أن الأوطان لا تنال هدية أو صدقة أو فذلكة أو شطارة علاقات وصداقات أو بجولة أو جولتين إنما تؤخذ غلابا بالدم الأحمر القاني المستمر وبالموقف الصلب والإرادة التي لا خور فيها وبوحدة دونها قطع الرقاب..؟

ونحن هنا لا نتحدث عن وطن عادي، إنما عن وطن استثنائي؛ عن فلسطين.. فلا مفاوضات ولا علاقات ولا اتصالات تكون بديلا عن المقاومة المتواصلة وعن الوحدة الكاملة.. وهنا دعوة لكي نتدارك ما فات قبل أن يقصينا العدو واحدا بعد الآخر من مسرح المشهد السياسي، فالعدو لن يقبل بأي طرف، إنما هي قوانين الطابور: الذي ينتهي دوره يُزاح ويأتون بآخر وهكذا.. تولانا الله برحمته.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 67 / 2165274

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع صالح عوض   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2165274 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010