الأربعاء 24 حزيران (يونيو) 2015

الإسرائيليون من “جبهة النصرة” إلى تركيا

الأربعاء 24 حزيران (يونيو) 2015 par د.احمد جميل عزم

إذا ما سلمنا بتقارير تنشرها الصحف الإسرائيلية، فإنّه يمكن الاستنتاج أنّ ما يفعله الإسرائيليون، وبصمت، يتعدى حملة علاقات عامة على شكل مخاطبة الإعلام والدبلوماسيين، وتقديم “تسهيلات” مزعومة للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، إلى “خطط” كبيرة أو صغيرة، استراتيجية أو تكتيكية، تتعلق بالمحيط الإقليمي، مثل سورية وتركيا وغزة ومصر.
فقد نشرت “يديعوت أحرنوت”، أمس، تقريرين؛ يتضمن الأول الإشارة إلى “متمردين” من القوى المقاتلة في سورية يتعالجون في المستشفيات الإسرائيلية، والثاني عن لقاءات سرية تجري في إيطاليا لتطبيع العلاقات مع النظام التركي، وربما تنسيق شيء قادم.
لعل وجود سوريين يتعالجون في مستشفيات إسرائيلية أمر ليس بالسر، وهو قديم. ولكن كان هناك تركيز على أنّ هؤلاء يُنقلون بواسطة الصليب الأحمر، وأنهم مدنيّون ويأتون في ظروف طارئة. وعلى سبيل المثال، بثت “بي بي. سي” مطلع هذا العام تقريراً عن أنّ 1500 سوري على الأقل تلقوا علاجاً في المستشفيات الإسرائيلية، غالبيتهم من منطقتي درعا والجولان. وكان تقرير “بي. بي. سي” المذكور يتحدث عن حالة محددة، تتضمن استخدام تكنولوجيا متطورة وحديثة لإعادة تشكيل وجه أحد المرضى الذي تهشم أثناء الحرب، وبعد أن ينهي المريض العلاج يعود إلى سورية. وفي العام الماضي، قدّرت صحيفة “هآرتس” عدد الذين تلقوا العلاج في المستشفيات الإسرائيلية العام 2013 بنحو 700 مريض.
تطوع فلسطينيون لمساعدة السوريين الذين يتلقون العلاج. وقد حاولتُ التواصل معهم قبل نحو عامين لفهم الأمر، وكانوا ينكرون أنّ من يتعالجون مقاتلين، ويركزون على الأطفال وأناس عاديين، ولكن لا تجد لديهم إجابات واضحة عن كيف ولماذا يصل هؤلاء من سورية. وفي الشهر الماضي، نشرت “الإندبندنت” البريطانية تقريرا تضمن الإشارة إلى مقاتل تعتقد الصحيفة أنّه من “جيش النصرة”، فيما يقول هو إنّه من “الجيش الحر” المعارض. لكن باقي الحالات التي أشارت إليها الصحيفة لنساء وأطفال. وتسأل الصحيفة طبيباً إسرائيليا إن كان هناك مقاتلون، فيجيب: “ربما، لا أعرف خلفيتهم”. ويضيف فيما يكشف واحدا من الأهداف المحتملة للعملية: “لقد تربى هؤلاء الناس على الاعتقاد أن الإسرائيليين لديهم قرون وأذيال ويشربون دماء الأطفال. وجاؤوا عندنا ورأوا ماذا نفعل لأعدائنا الطبيعيين”.
أمّا تقرير يديعوت أحرنوت، فيتضمن أنّ نحو 150 من أبناء الطائفة الدرزية في الجولان ألقوا بالحجارة على سيارات إسعاف عسكرية تقل “متمردين” من سورية، ما أدى لمقتل أحدهم، وتنقل عن وكالة الأنباء السورية أنّ هؤلاء من “جبهة النصرة”.
يزعم النظام السوري وأنصاره أنّ الأمر جزء من مخطط أكبر، يتضمن تحالف “جبهة النصرة” مع الإسرائيليين. ووصل الأمر لزعم أنّ هؤلاء سيشكلون “جيش لحد” آخر (إشارة لمليشيات تحالفت مع الإسرائيليين في لبنان نهاية السبعينيات لإقامة منطقة عازلة). ورغم صعوبة الجزم بما يحصل، يبقى أنّ هناك لغزا في موضوع فتح المستشفيات الإسرائيلية، ويبقى أنّ هذا قد يكون مدخلا محتملا لكثير من المخططات الإسرائيلية.
أمّا المفاوضات السرية مع الأتراك في روما، فتهدف إلى تجاوز قضية أسطول الحرية قبل خمس أعوام -يوم هاجمت القوات الإسرائيلية سفنا تحمل متضامنين أتراكا في طريقهم إلى قطاع غزة- وتطبيع العلاقات. وربما يبرز هنا سؤال: هل ينسق الجانبان الآن تفادي تكرار الأمر ذاته، مع أسطول إغاثة جديد لقطاع غزة يُعتقد أنّه بدأ طريقه فعلا؟ وهل هذا نهج إسرائيلي جديد؟ وهل يرتبط بالأنباء عن وساطة تشترك فيها تركيا للتوصل لهدنة تقلص أو تزيل الحصار عن قطاع غزة؟
لا شك في أن الإسرائيليين واجهوا انتقادات عديدة مؤخراً، بل وبدأت خطوات مقاطعة اقتصادية وأكاديمية جدية من بعض الدول الغربية. ولكن إذا ربطنا بعض الملفات ببعضها؛ بدءا من ملف الجرحى السوريين (القديم الجديد)، والمفاوضات مع تركيا، وحملات العلاقات العامة للجيش الإسرائيلي بمناسبة شهر رمضان، وعودة السفير المصري لإسرائيل بعد ثلاثة أعوام من الغياب، والحديث عن هدنة مع غزة بوساطة أوروبية وتركية، فإنه مع كل هذا يمكن التنبؤ بخطة مبرمجة للتحرك في اتجاهات متعددة، لإعادة ترتيب أوراق الدبلوماسية الإسرائيلية، وتبني سياسات (تكتيكات) جديدة تتعلق بملفات مختلفة محيطة بها.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 85 / 2165924

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع احمد جميل عزم   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2165924 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 22


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010