الجمعة 19 حزيران (يونيو) 2015

الكيان.. كل حكومة أكثر تطرفا من سابقتها

الجمعة 19 حزيران (يونيو) 2015 par د. فايز رشيد

نقول عن كل حكومة صهيونية جديدة بأنها الأكثر تطرفا من كل سابقاتها، حتى أننا بتنا محتارين في أي من هذه الحكومات هي الأكثر تطرفا؟! الحصيلة أن كل الحكومات الصهيونية على ذات القدر من التطرف. بالتالي نستنتج أن الكيان بحكوماته وناسه يزدادون تطرفا مع مرور الزمن.. فمثلما كان متوقعاً، نجح نتنياهو في تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة.
لقد توقع البعض عدم استطاعته ذلك، ورجّح الذهاب إلى انتخابات جديدة، بسبب التباينات بين الأحزاب الإسرائيلية قلناها مراراً إن هذه التباينات هي في غالبيتها تتمحور حول السياسات الداخلية المتعلقة بالشأن الداخلي المحض، تتلاشى دوماً أمام اتفاق كافة الأحزاب الصهيونية على الموقف من الفلسطينيين والعرب ومن التسوية معهم، فالعداء لهم والتنكر لكل حقوقهم الوطنية هو القاسم المشترك الأعظم الذي يوّحد غالبية الشارع الإسرائيلي. حكومات الكيان كلها مجبولة على التطرف والشراسة منذ إنشائه وحتى اللحظة. ما يميز الحكومة الجديدة أن معظمها من عتاة المستوطنين والدمويين الأكثر حقدا على كل من هو فلسطيني وعربي.
على الصعيد الداخلي ستقوم الحكومة الحالية بالعمل على سن قانون “إسرائيل الدولة القومية لليهود” الذي يمنح اليهود كل الأولويات على غيرهم: في الإسكان والبناء واللغة والمساعدة والجنسية وغيرها.
للعلم هذا القانون سنه الكنيست في عام 1948، لكنه بقي قانون أساس (قوانين الأساس هي بمثابة دستور إسرائيل)، لكنه ظل في هذا الإطار، الآن فإن الاتفاق بين بعض أطراف الائتلاف الحكومي الحالي ونتنياهو يقضي بتشريع هذا القانون. أيضاً فإن هذا القانون كان يُعمل به في إسرائيل ولا يزال حتى من دون تشريعه (بل من خلال وضعه كقانون أساس) ويُعتبر أحد الأسس العنصرية التي تبيح سياسات التمييز ضد غير اليهود في إسرائيل.
صيغة القانون كانت قد اقتُرحت وبُلورت أساساً من قبل ما يسمى بــ“معهد الإستراتيجيات الصهيونية” المتماثل مع اليمين الأشد تطرفاً والمستوطنين، من الجماعات اليهودية المختلفة التابعة للمنظمة الصهيونية العالمية.
الكنيست الحالي بصدد إقرار قانون جديد يسمى بـ (قانون معاقبة مقاطعي المستوطنات)، وبموجبه يتم فرض عقوبات مالية ضخمة على كل حركة أو جمعية أو شركة تدعو أو تساهم في مقاطعة منتجات المستوطنات أو مقاطعتها على مستوى ثقافي وعلمي، كما يسمح القانون لعصابات المستوطنين برفع دعاوى للحصول على تعويضات مالية من الداعين للمقاطعة.
القانون موجه إلى العرب في منطقة 48 فهم وأحزابهم وجمعياتهم ومؤسساتهم ممن يدعون إلى مقاطعة إنتاج المستوطنات في الضفة الغربية.
وكذلك إلى تلك المؤسسات القليلة في إسرائيل التي تقف ضد الاحتلال، وإلى كل الداعين إلى مقاطعة المستوطنات في الخارج.
القانون يهدف أيضاً إلى إفشال حملة مقاطعة المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويهدف إلى التشويش على كل الجمعيات والمؤسسات الدولية (وخاصة في أوروبا) التي تنادي بمقاطعتها، والإساءة إلى الحملة الدولية التي يقودها علماء وأساتذة جامعات وجهات أكاديمية أخرى، والتي تنادي بمقاطعة الجامعات الإسرائيلية نتيجة لاحتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية.
هذه الحملة العالمية نجحت في العديد من الدول، من بينها بريطانيا وجنوب إفريقيا وذلك على سبيل المثال لا الحصر، ففي البلدين الأخيرين هنالك جامعات كثيرة ومؤسسات أكاديمية متعددة قطعت كل علاقاتها الأكاديمية مع الجامعات الإسرائيلية وقاطعتها بشكل نهائي، وترفض حضور الندوات والمؤتمرات التي تنظمها جامعات دولة الاحتلال، كما ترفض حضور دعوة ممثلين عن الجامعات الإسرائيلية إلى مؤتمراتها التي تنظمها.
في استطلاع أجرته صحيفة “يديعوت أحرونوت” حول هذا القانون ونشرت نتائجه يتبين أن51% من اليهود في إسرائيل يؤيدون إقرار هذا القانون. بنيامين نتنياهو وحكومته اليمينية الفاشية كان أول من تبنى هذا القانون، الذي يتناقض جملةً وتفصيلاً مع الأسس الديمقراطية، فتلك الهيئات التي تدعو إلى مقاطعة المستوطنات تنظم حملاتها بشكل سلمي، وهي في حقيقتها عبارة عن معارضة ليس إلاّ، وهي لا تمتلك سلاحاً تدافع به عن وجهة نظرها، وليس لها من نشاطات أخرى غير الكلمة والبيان السياسي، ومع ذلك فإن ما يسمى بــ(الديمقراطية الإسرائيلية) التي تتشدق بها الدولة الصهيونية صباحاً ومساءً، وتشيد بها حليفاتها الإستراتيجية مثل الولايات المتحدة والدول الأوروبية، هذه (الديمقراطية) تضيق ذرعاً بالكلمة، وتسن قانوناً في هيئتها التشريعية، يعاقب كل من يردد جملة: مقاطعة المستوطنات. إسرائيل ليست دولة عنصرية عدوانية احتلالية قمعية فاشية مرتكبة للمجازر فحسب، بل هي دولة دكتاتورية شمولية استطاعت بواسطة الأضاليل والدعايات الكاذبة، وبفضل الأبواق المؤيدة لها على الساحة الدولية، خداع العالم بديمقراطيتها المزيفة، فلا يمكن أن تستقيم الديمقراطية مع العنصرية والعدوان والاحتلال والقمع والفاشية وارتكاب المجازر.
من زاوية ثانية، فإن الشارع (ولا نقول المجتمع، لأن الدولة الصهيونية التي أقيمت عنوةً واغتصاباً لا يمكن لها بناء مجتمع) الإسرائيلي هو أكثر يمينيةً وفاشيةً من حكومته، وبالتالي ليس غريباً أن تكون هذه النسبة من التأييد للقانون في هذا الشارع، ونسبة التأييد العالية والتي وبمعدل وسطي تتجاوز %70 مؤيدة للقوانين العنصرية التي سنتها إسرائيل في وقت سابق: بمنع العرب في منطقة 48 من إحياء ذكرى النكبة، وقانون سحب الجنسية من المواطنين العرب، وإعطاء مجالس (القرى التعاونية) ومجالس القرى والبلديات اليهودية منع أي عربي لا تريده أن يسكن في حدودها.
القانون الأخير في شكله ومضامينه لا يختلف بالمطلق عن قوانين العزل (للسود) التي سنتها جنوب إفريقيا في مرحلة الحكم العنصري الأبيض، إبانها ثارت ثائرة العالم قاطبة على ذلك النظام العنصري، بينما لا ترفع دولة واحدة على الصعيد الدولي صوتها احتجاجاً على القانون الإسرائيلي الشبيه.
على صعيد آخر، فإن الحزب العنصري اليميني المتطرف “إسرائيل بيتنا” الذي يتزعمه الفاشي وزير الخارجية أفيجدور ليبرمان، سيقدم مبادرة قريبا من أجل الإقرار وبشكل نهائي، تشكيل لجنة تحقيق ضد الجمعيات والحركات الحقوقية التي تلاحق جيش الاحتلال وجرائمه، وكانت التهيئة الأولى هي: تشكيل لجنة للبحث في مواد القانون في العام 2014، إلاّ أن حكومة نتنياهو (ولاعتبارات تكتيكية) جمّدت العمل بمواصلة إتمام التصويت على القرار بعد الضجة الكبيرة التي تبعت صدوره من جهات شعبية أوروبية عديدة، الأمر الذي يعتبر ملاحقة قضائية وسياسية واضحة ضد هذه الجمعيات.
مثلما قلنا، فإن تجميد نتنياهو لاستمرار التصويت على القرار جاء لاعتبارات تكتيكية.
باختصار حكومة نتنياهو، هي حكومة عدوانية، عنصرية متطرفة، أعضاؤها هم الأكثر تعبيرا عن حقيقة الحركة الصهيونية، لا يلبسون قفازات حريرية لتغطية قبضاتهم الحديدية في التنكيل بشعبنا، حكومة ستُلهب معدلات الاستيطان، ستشن المزيد من الحروب العدوانية على غزة. وستشدد من قبضتها الحديدية على أهلنا في المنطقة المحتلة عام 48.
بالنسبة للحقوق الفلسطينية هم أكثر تشددا من كل زعامات الليكود وعلى رأسهم نتنياهو، لا يعترفون من الأساس بوجود الشعب الفلسطيني، فكيف ببعض حقوقة؟! يسمّون الضفة الغربية بـ“يهودا والسامرة”، يعتبرون الأردن جزءا من “أرض”إسرائيل"، ينادون بالترانسفير لفلسطينيي 48 ولأهالي الضفة الغربية،
يدعون إلى تشكيل دولة للفلسطينيين في الأردن.
أما الوجه “الألطف” في الحكومة فهو “نتن ياهو” الذي وعد المستوطنين وتعهد لنفتالي بينيت في اتفاقه معه على تطبيق مخطط “برافر” لاقتلاع فلسطينيي النقب من قراهم".
قانون برافر يقضي بتدمير 30 قرية فلسطينية في النقب، تهجير ما يزيد على 40 ألفا من فلسطينييه وتجميعهم في بلدات محاصرة بالمستوطنات، ومن ثم استكمال مصادرة 800 ألف دونم من أراضي النقب.
ملخص القول: إن الدولة الصهيونية غارقة حتى أذنيها في اليمينية والدكتاتورية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 32 / 2176725

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع فايز رشيد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

8 من الزوار الآن

2176725 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 8


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40