الجمعة 19 حزيران (يونيو) 2015

المكاسب الإسرائيلية من هدنة مع غزة

الجمعة 19 حزيران (يونيو) 2015 par د.احمد جميل عزم

لا تنفي حركة حماس وجود “أفكار” تخص التوصل إلى اتفاق تهدئة جديدة (هدنة طويلة الأمد) تخص قطاع غزة. كل ما تنفيه أنّ يكون هناك اتفاق نهائي تم التوصل إليه الآن، وتَعِد بأن يجري ذلك -إن جرى- ضمن ما سماه القيادي في “حماس” صلاح البردويل “قوى الشعب الفلسطيني الفاعلة”، وهو تعبير فضفاض، قد يعني أمورا كثيرة.
هذه الأنباء تأتي بعد قرابة عام على انتهاء حرب غزة. وعلى الأغلب لو تم التوصل لأي اتفاق شبيه بما يُتداول الآن، أثناء الحرب، لكانت التخوفات والمعارضة له أقل بكثير مما يثار الآن، لأنّه سيعتبر جزءا من حل وإدارة أزمة.
في أثناء الحرب، كان سيبدو أنّ الطرفين؛ الإسرائيلي يقابله “حماس”، يخرجان من مأزق المواجهة. أمّا الآن، فتزداد (وعلى نحو مبرر) التساؤلات بشأن لماذا يمكن أن يوافق الإسرائيليون على هدنة أو تهدئة يدفعون فيها ثمنا سياسيا، بينما هم يتمتعون بالتهدئة والهدنة فعلاً مجاناً. والواقع أنّ هذا السؤال يعطي مصداقية لتحليل عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية كايد الغول، بأن الأفكار المطروحة تأتي “في إطار صفقة هدنة تسعى من خلالها إسرائيل لفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية. وقد يرافقها إغلاق كل المعابر بالتزامن مع تنفيذ الميناء العائم لفصل غزة عن الضفة سياسيا وجغرافيا بشكل كامل، وتحويل القطاع لكيان فلسطيني مستقل، والاستفراد بالضفة الغربية عبر توسيع الاستيطان، وخلق واقع يجعل المجتمع الدولي يتقبل فكرة البحث عن بدائل عن الدولة الفلسطينية على كامل الأراضي المحتلة العام 1967 في الضفة وغزة والقدس”.
أحد أهم الأسئلة التي لم تُطرح باعتقادي، هو: هل يمكن أن توافق إسرائيل على هدنة تتضمن تعهدات من “حماس” تتعلق بقطاع غزة وحده؟
الوضع الآن يبدو كما لو كان وجود تهدئة مع قطاع غزة، يحاول الإسرائيليون أن يتجاوزوها لصالح آلية ما تضمن ضعف المقاومة هناك بنيوياً، ومنع تطويرها عسكرياً، بينما تحاول “حماس” وغيرها، تطوير الحالة لفك الحصار.
وفصل الضفة عن القطاع؛ سياسياً واقتصادياً وحياتياً، ربما يكون جزءا من الفكر الإسرائيلي. ولكن الربط العسكري والأمني واضح، بمعنى أنّ الطرف الإسرائيلي يتعامل مع غزة كرهينة وسجين، كلما جرى تصعيد في الضفة الغربية، ضُربت غزة والفلسطينيون هناك، وضُربت “حماس”. وهذا ما حدث، مثلا، في العام الماضي، عندما تحركت خلية لحركة “حماس” واختطفت ثلاثة مستوطنين في جنوب الضفة الغربية، تبع ذلك، فيما يُعتقد أنّه جزء من الرد الإسرائيلي، حربٌ مجرمة دموية ضد أهالي قطاع غزة.
في ظل هذه المعادلة (تهدئة غزة المشروطة بتهدئة الضفة الغربية، سواء أقرت “حماس” بذلك أم لم تقر، ووافقت رسمياً أم لم توافق)، سيبدو الوضع مريحاً للإسرائيليين، وقد يدفعون مقابله تخفيف الحصار على غزة.
مكاسب الإسرائيليين ستكون، أولا، تعهدات بشأن تقييد تطوير القدرات العسكرية في غزة. وثانيا، أنّ “حماس” تراجعت عن برنامجها القديم الذي يقبل هدنة طويلة الأمد مقابل دولة في الضفة والقطاع، إلى هدنة طويلة الأمد مقابل تخفيف الحصار عن قطاع غزة (وقد تكون هناك بنود معلنة بشأن مد التهدئة للضفة الغربية، أو ستكون بمثابة تحصيل حاصل من خلال نهج ضرب غزة إذا ظهرت مقاومة في الضفة). وثالثاً، تكون قد أعطت شيئاً للأوروبيين الذين يتوسطون بكثافة وسرية في “تداول هذه الأفكار”، بل وحتى أعطت الأتراك شيئاً، مرسخةً بذلك نهج إدارة الصراع وليس حله، وسيشعر الأميركيون بارتياح كذلك، لوجود تغير ما في المشهد.
هناك مكسب رابع، يتحمل الفلسطينيون وزره أكثر مما يتحمله الإسرائيليون، وهو استمرار الانقسام السياسي الفلسطيني. أمّا لماذا يتحمل الفلسطينيون وزره، فلأنّ قيادة منظمة التحرير الفلسطينية لا تبدي جدية في تطوير الإطار القيادي الموسع في المنظمة، ولأنّ “حماس” لم تمكّن حكومة الوفاق من العمل في القطاع. وسيكون بإمكان “حماس” أن تقول إنّه بغياب إطار المنظمة الموسع، وبعد حل حكومة الوفاق الفلسطينية، إنّ “القوى الفاعلة” التي أشار إليها البردويل تعني القوى المسلحة في غزة وحسب، وأنّه لا خيار أمامها لإنهاء المعاناة سوى القبول.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 37 / 2165372

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع احمد جميل عزم   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2165372 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010