الأربعاء 17 حزيران (يونيو) 2015

فيلم عن القاتل.. وتغذية قسرية

الأربعاء 17 حزيران (يونيو) 2015 par د.احمد جميل عزم

تشهد الدوائر الإسرائيلية جدلا بشأن مشروع قرار حكومي وتشريع برلماني يسمح بتغذية الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام قسراً. وفي الأثناء، يجري جدل حول السماح ببث فيلم عن إيغال عمير، الذي قام بقتل رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين، العام 1995. وإذا دققنا في الجدل وفي الفيلم، بجانب صور الأسرى المضربين عن الطعام مقيدي الأيدي والأرجل، سنكتشف صورة أخرى من الفضائح الإسرائيلية.
أوضح الشيخ خضر عدنان، الذي يقترب من اليوم الخمسين لإضرابه عن الطعام، بما في ذلك المدعمات الغذائية، في رسالةٍ وصلت الإعلام عبر محاميه، أنه مقيد اليدين والقدمين حتى وقت الصلاة وعند الدخول للحمام. لافتاً إلى أنه يخضع للرقابة بواسطة كاميرا مسلطة عليه طوال الوقت، الأمر الذي يمس بخصوصيته كإنسان من قِبَل احتلال يتغنى باحترام حقوق الإنسان. وحالة عدنان شبيهة، من هذه الزاوية، بالأسرى الآخرين الذين عدا هزالهم بسبب الإضراب، يُقيدون من أيديهم وأرجلهم لأسرتهم في المستشفى، وتقيد أيديهم وأرجلهم عند الذهاب للمحاكم أو الصلاة أو حتى لقضاء الحاجة.
مطالب الأسرى في السجون الإسرائيلية التي تدفعهم للإضراب عن الطعام، لا تكون دائماً طلب إنهاء الاعتقال الإداري أو إطلاق السراح، بل هي أحياناً لأجل الظروف المعيشية في المعتقل، أو للسماح بزيارة الأهل لهم. ومن هذا إضراب الأسرى الأردنيين، ومنهم عبدالله البرغوثي، قبل عامين، إذ كان في المقام الأول للحصول على حق زيارة الأهل.
في الأثناء، احتج الرئيس الإسرائيلي السابق شيمعون بيريز على العزم إطلاق فيلم عن إيغال عمير، قاتل اسحق رابين. والفيلم الذي نُشرت مقاطع منه على الإنترنت، “يؤنسن” عمير كثيراً؛ بمعنى أنّه يقلل من البعد السياسي والجنائي والأيديولوجي والمتطرف فيه، ويتحدث عنه كإنسان، بل ويتحدث مستخدماً مؤثرات موسيقية شاعرية عن زوجته وابنه، ويسجّل حواراً بينه وبين ابنه. وهنا يجب أن نقول إنّ زواج عمير جاء العام 2006، أي بعد 11 عاما من سجنه، وأنّ زوجته مُنحت زيارة اختلت به فيها عشر ساعات، فحملت وأنجبت ابنهما العام 2007. بل أكثر من ذلك أنّ هذه الزوجة هي دكتورة في الفلسفة وروائية، يهودية متدينة، كانت متزوجة ولديها أربعة أبناء، وكانت تتواصل مع عمير في سجنه، وأثناء ذلك تطلقت من زوجها العام 2003، وتزوجته العام 2007. وفي الفيلم يتحدث الطفل مع والده هاتفياً ويسأله: “لماذا سمحت لهم أن يمسكوا بك؟”. ويرد بصوت أبوي: لأنّه كان يجب أن أوضح سبب ما فعلت.
هذه هي حال قاتل رابين الذي حقق بعض مطالبه؛ من زواج وجهاز تلفزيون و“DVD” وغير ذلك، بعد إضرابات قصيرة عن الطعام. وهناك سجين آخر كتبتُ عنه مرات، هو عامي بوبر، الذي قتل سبعة عمال فلسطينيين بدم بارد مطلع التسعينيات (مجزرة عيون قارة)، وتزوج ثلاث مرات منذ سجنه؛ إذ يخرج في إجازات منتظمة. كما خُفضَت مدة سجنه.
قررت الحكومة الإسرائيلية قبل أيام دعم مشروع قانون يسمح بتغذية الأسرى الفلسطينيين (بحسب النصوص المعلنة إعلاميا، فإنّ الحديث حصرا عن الفلسطينيين، مع أن سجناء إسرائيليين، مثل عمير، سبق ومارسوا الإضراب عن الطعام). وهذه مخالفة واضحة للقانون الدولي الذي منع هذه الممارسة منذ العام 1975. وكما لاحظ رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس، فقد استشهد تاريخيا أسير واحد من الإضراب عن الطعام، هو عبدالقادر أبو الفحم، لكن ثلاثة أسرى استشهدوا أثناء أو بسبب محاولة تغذيتهم قسراً، بوضع أنابيب في جوفهم (والحديث هنا عن إضراب سجن نفحة الأسطوري العام 1980، الذي استشهد فيه راسم حلاوة، وعلي الجعفري، واسحق مراغة).
رفضت جمعية الأطباء الإسرائيليين القرار الحكومي والتشريع المزمع، باعتباره يقر ممارسةً تشكل خطراً على الأسرى وتعد تعذيباً. وواقع الأمر أنّ هناك شهادات كثيرة عن اشتراك أطباء في التعذيب، على الأقل بممارسة الإهمال الطبي للأسرى. لكن الأكاديميين والأطباء والحرفيين الإسرائيليين، باتوا يعرفون ردود الفعل الدولية والمقاطعة التي قد يواجهونها، خصوصاً إذا ما قبلوا صراحة مثل هذه التشريعات العنصرية.
ربما واحد من الملفات التي لا يتم تركيز الضوء عليها في سياق قضية الأسرى وطرح قضيتهم عالمياً، هي ازدواجية المعايير أيضاً بين المناضلين الفلسطينيين والمجرمين الإسرائيليين.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 17 / 2165463

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع احمد جميل عزم   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2165463 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010