السبت 6 حزيران (يونيو) 2015

لبنان.. اختيار قائد للجيش أهم

السبت 6 حزيران (يونيو) 2015 par د. عصام نعمان

دشّن «لقاء الرابية» بين رئيس «التيار الوطني» ميشال عون ورئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع و«إعلان النيات» الذي أصدره مرحلةً جديدة في أزمة لبنان المزمنة.

تفسيرات وتعليقات وتوقعات شتّى أعقبت اللقاء - المفاجأة، لعل أهمها ثلاثة:

*تثقيل وزن المسيحيين عموماً في موازين القوى السياسية والمذهبية المتصارعة في الساحة اللبنانية، وتوفير مناخ أفضل لاستعادتهم مبادرة مفقودة في الصراع السياسي المحتدم.

*ترفيع حظوظ العماد ميشال عون في انتخابات
رئاسة الجمهورية الشاغرة منذ أكثر من سنة بإضفاء صفة
«الرئيس القوي» عليه (وربما «الرئيس التوافقي» أيضاً) بعد تصالحه مع جعجع واحتمال انضمام قوى وشخصيات مسيحية أخرى إلى مؤيديه.

*توفير فرصة أفضل لاعتماد «تشريع الضرورة» في مجلس النواب، ولاسيما لجهة قانون الانتخابات الجديد ومشروع قانون استعادة الجنسية اللبنانية، وربما لمشاريع قوانين أخرى.

غير أن لقاء عون - جعجع و«إعلان النيات» لا يقدّمان بالضرورة دفعاً محسوساً باتجاه توافق جدّي بين سائر الأطراف السياسية المعنية على حسم استحقاق رئاسة الجمهورية.
كما أن «إعلان النيات» ببنوده ال 12 ليس أكثر من عناوين تحتاج، بدورها، إلى توافق بين زعماء التكتلات البرلمانية لترجمتها إلى مشاريع قوانين.
ثم إن ردود الفعل السياسية والبرلمانية على «لقاء الرابية»لا تشير إلى «حلحلة» بشأن مسألة التعيينات، ولا سيما لجهة الاستحقاق الأقرب المتعلق بتعيين خلف لمدير عام قوى الأمن الداخلي والاستحقاق الأبعد والأكثر تعقيداً المتعلق بتعيين خلف لقائد الجيش الذي سيشغر موقعه خلال شهر أيلول المقبل.
فقد بات واضحاً أن كتلة «تيار المستقبل» برئاسة سعد الحريري تتشبث بموقفها الداعي إلى تعيين قائد الجيش بعد انتخاب رئيس الجمهورية كونه، بحسب الدستور، القائد الأعلى للقوات المسلحة، «ومن الطبيعي أن يعطي رأياً بالقائد الجديد»، كما قيل.
بصرف النظر عن دافع عون إلى ضرورة التعجيل في إجراءات ملء المراكز الشاغرة في قوى الأمن الداخلي والجيش والإدارات العامة وفق أحكام القوانين النافذة، وعن دافع الحريري إلى إرجاء التعيينات إلى ما بعد انتخاب رئيس الجمهورية الجديد، فإن ثمة حقيقة لا سبيل إلى نكرانها أو تجاوزها هي اقتراب الحكومة من حال الشلل الكامل مع اعتزام فريق وازن من الوزراء الاعتكاف وعدم حضور جلسات مجلس الوزراء.
هذا كله في وقتٍ يستمر شلل مجلس النواب بامتناع فريق كبير من أعضائه عن التشريع بدعوى عدم مشروعية ذلك، دستورياً وميثاقياً، في أثناء شغور مركز رئيس الجمهورية.
إذ تزداد أزمة لبنان السياسية تعقيداً بفعل مواقف أصحاب القرار من زعماء التكتلات البرلمانية ومتزعمي الطوائف والمذاهب يتطلع أصحاب النيات الطيبة من المواطنين الشرفاء، وهم أكثرية الشعب اللبناني، إلى مخرج من هذه الحال البائسة وانعكاساتها الخطيرة على لبنان، وجوداً وكياناً ومصيراً.
من الضروري، في سياق البحث عن مخرج وطني ودستوري من مآزق الأزمة الراهنة، التنبيه إلى حقيقة ساطعة هي أنه لن يبقى بين مؤسسات الدولة إلاّ اثنتان لبنانيتان حقاً: الجيش ومصرف لبنان المركزي.
فاللون والسلوكية الطائفية والمذهبية يدمغان سائر الإدارات والمؤسسات العامة بميسهما النافر والمنفّر ويقلّلان تالياً من مقبولتيهما وفاعليتهما.
لذا من المنطقي أن تتجه الأنظار إلى قيادة الجيش كمرجعية وطنية عابرة للطوائف لاستدرار الثقة والهيبة والقوة والصمود في وجه ما يحيق بالبلاد من مخاطر وتحديات.
إذ تتضح صعوبة التمديد للعماد جان قهوجي مرةً أخرى، تتولد حاجةٌ وطنية ملحّة لتعيين خلفٍ له يكون أهلاً بقدراته وأدائه وقابليته لتوليد حالة إجماع أو شبه إجماع على شخصه لتولي قيادة الجيش الوطني.
فالجيش اللبناني جيش وطني بتركيبته وتربيته وتدريبه وعقيدته القتالية نتيجة إعادة بنائه بعد اتفاق الوفاق الوطني في الطائف واستيعاب قيادته الجديدة دروس تجارب الماضي المريرة التي أدت إلى تفككه بأن أحسنت دمج عناصره ووحداته وصوّبت بنادقه باتجاه أعداء لبنان الحقيقيين من صهاينة وإرهابيين.
عندما يكون الجيش بهذه المواصفات والتوجهات الوطنية، يصبح مرشحاً في المنعطفات المصيرية ليلعب دور المرجعية الوطنية القادرة على قيادة سفينة البلاد بعيداً من الأنواء إلى ميناء الأمن والأمان.
أليس هذا ما فعلته قيادة الجيش بشخص اللواء فؤاد شهاب عشية الأزمة السياسية الحادة التي عصفت بالبلاد سنة 1952 وغداة اضطرار رئيس الجمهورية الشيخ بشارة الخوري إلى الاستقالة ضنّاً بالوحدة والاستقرار، وتسليمه مقاليد السلطة إلى قائد الجيش؟ أليس اللواء فؤاد شهاب، الآتي من قيادة الجيش الوطني، هو من أخرج البلاد من أزمتها الوطنية سنة 1958 بإصلاحاته الإدارية المركزية ونزعته التنموية الشاملة؟ إزاء هذه الخلفية الإيجابية التي تتمتع بها قيادة الجيش الوطني، وفي غمرة الصعوبات والصراعات التي يمور بها المشهد السياسي اللبناني، يبرز العميد شامل روكز، قائد فوج المغاوير، كأحد أبرز المرشحين لقيادة الجيش.
فهو، إلى كفاءته وقدراته الشخصية، يتمتع برصيد ميداني وازن سواء في «عملية عبرا» التي أنقذت صيدا والجنوب من مخاطر حركة إرهابية مدعومة من الخارج، أو في عمليات جرود رأس بعلبك والقاع التي أنقذت البقاع الشمالي والبلاد من شرور هجمات إرهابية واسعة.
إلى ذلك، يتمتع العميد روكز بتأييد معلن من زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري وزعيم كتلة اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط، ناهيك عن تأييد زعيم تكتل الإصلاح والتغيير ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري.
صحيح أن ثمة تحفظات شتى من هذا الفريق أو ذاك على تعيين قائد للجيش قبل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لكن خطورة ما يعصف بالبلاد من مخاطر وتحديات ستجعل من هذا الاستحقاق الماثل أهم وأقرب منالاً من أي استحقاق آخر، بل لعل الوفاء به في هذه الظروف الاستثنائية يعجّل في إيحاد مخارج للاستحقاقات الأخرى.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 25 / 2165692

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع عصام نعمان   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2165692 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010