السبت 16 أيار (مايو) 2015

النكبة .. والكرم الألماني .. وفوقهما اللواء الضميري!

السبت 16 أيار (مايو) 2015 par عبداللطيف مهنا

احتفل الألمان والصهاينة بالذكرى الخمسين لإقامتهما علاقات ديبلوماسية متبادلة. لإحياء المناسبة جاءت وزيرة الدفاع الألمانية اورسولا فون دير لاين بنفسها إلى فلسطين المحتلة، يرافقها إعلان عن صفقة تسليحية تليق بالمناسبة قوامها أربع فرقاطات بحرية تزوِّد بها برلين جيش الاحتلال، قيل إنها لتمكينه من القيام بمهمة محددة وهي حماية منصات نهب الغاز الفلسطيني واللبناني والمصري الذي يسرقه الصهاينة بواسطة الشركات الغربية من المياه الإقليمية العربية شرق المتوسط. مع الصفقة، التي يطلق عليها الصهاينة “صفقة المياه الاقتصادية”، هبة مالية ألمانية مقدارها 115 مليون يورو لتغطية جزء من نفقاتها البالغة 430 مليونًا، وذلك جريًا على معتاد الكرم الألماني حيال تليد الابتزاز الصهيوني. ونذكر هنا على سبيل المثال فحسب، صفقات تزويد الكيان بغواصات “دولفين” الألمانية الست المتطورة والجاهزة لحمل مقذوفات نووية، والتي مُوِّلت أيضًا ألمانيًّا بما يتراوح ما بين ثلث ونصف التكلفة. هذا، مع عدم إغفال الإشارة إلى سيل التعويضات المنثالة على الكيان طيلة العقود التي تلت قيامه تكفيرًا عن ما اقترفته ألمانيا النازية بحق يهودها. ويأخذ السخاء الألماني مداه في هذه المرة بتعهُّد برلين بشراء منتجات صهيونية بما يقارب 200 مليون، ويؤكد تدفق فيضه قول الوزيرة: إن “إسرائيل هي صديقتنا الأكبر في الشرق الأوسط. لدينا معكم 70 مشروعًا، ولا توجد دولة في العالم لنا معها علاقات أمنية كثيرة بهذا القدر”. من جانبه زميلها ومضيفها وزير الحرب الصهيوني موشيه يعلون كشف ما لم تكشفه عندما أشاد بدعم أصدقائه الألمان الجاري للكيان، ومنه أنهم قد زوَّدوا جيشه في السنوات الأخيرة بأربع بطريات “باتريوت”، إلى جانب ما يدور الآن في الكيان من حديث عن بطاريات من طراز “باك” ألمانية تفيض عن حاجة الجيش الألماني إثر قرار تقليصه.
هذه الصفقة وهذا الكرم الألماني المرافق لها يسوقان ويبرران بدافع من محاولة إعادة الثقة بين الطرفين بعد أن “تضررت” بسبب من تدهور مزعوم لحق بها إثر انهيار المفاوضات بين الصهاينة والأوسلويين الفلسطينيين، فما بالكم بالكرم الأميركي والبريطاني والفرنسي والغربي عموما الذي لم تشُبْه شائبة التدهور هذه إثر انهيار تلكم المفاوضات، بل وكثيرًا ما ينثال على الكيان بحجة محاولة إعادة نتنياهو لطاولتها المهجورة؟! كما هل هي المصادفة وحدها التي زامنت بين الاحتفال بخمسين عاما من العلاقات الدبلوماسية بين برلين وتل أبيب ومرور الذكرى السابعة والستين للنكبة الفلسطينية المصادفة لمنتصف شهرنا الجاري، أو منتصف ليلة 14-15 مايو 1948 حين قرر المستعمر البريطاني إنهاء انتدابه على فلسطين ومغادرتها بعد أن مكَّن العصابات الإرهابية الصهيونية منها وسلَّمها لها، وإعلان الصهاينة مباشرةً قيام كيانهم الغاصب على أنقاض الوطن الفلسطيني، والذي سبقته مشاورات أجراها بن جوريون مع ترومان، ولحقه اعتراف الولايات المتحدة بعد أربع دقائق فقط من إعلان قيامه. ليعقبه في أقل من أسبوعين توحيد عصابات “البالماخ”، و”الأرجون”، و”الشتيرن”، و”الهاجاناة”، والمتطوعين الأوروبيين أو “الماخال”، لتشكيل الجيش الصهيوني، الذي بات له دولة يرعاها ويرعاه الغرب، ويضمنها ويضمن له التفوُّق، ومن حينها وحتى قدوم الوزيرة الألمانية مع صفقتها وتمويلها لتحتفي بمشاركة خمسين عامًا في صناعة وإدامة النكبة الفلسطينية؟!
بموازاة احتفاءات الكرم الغربي المنثال على “إسرائيله”، والراهن المقيت للواقع العربي، أحيا الفلسطينيون، وطنًا وشتاتًا، ذكرى نكبتهم المستمرة بالتأكيد على أبدية تمسِّكهم الراسخ والذي لا يلين بحق العودة الذي هو جوهر قضيتهم. أما السلطة الأوسلوية فلاقت المناسبة على طريقتها، أي وفق ما تقتضيه منها طقوس التنسيق الأمني “المقدَّس” مع المحتلين، وأيضًا على طريقتهم، أي مطاردات وملاحقات ومداهمات للبيوت بعد منتصف الليل لاعتقال مناضلين وأسرى محررين وصحافيين… يؤكد لنا اللواء عدنان الضميري، المفوَّض السياسي العام والناطق الرسمي باسم عموم المؤسسة الأمنية الأوسلوية، إنهم جميعًا اعتقلوا لأسباب جنائية ثابتة واعترفوا بها… وما هي؟!
“حيازة أسلحة، وإدخال أموال بطريقة غير مشروعة، وتشكيل عصابات أشرار”… وهي تهم أوسلوية بامتياز، بمعنى أنها وفق المنطق والأعراف والمآثر الأوسلوستانية يمكن تفسيرها فحسب كالتالي: حيازة الأسلحة تعني مقاومة المحتل، والأموال غير المشروعة مصاريف ما يعرف بـ”الكانتينة” التي تخص الأسرى في سجون الاحتلال، والتي كانت تودع سابقًا في حساب الأسير مباشرةً من قبل أي شخص في البريد، لكن الاحتلال وتضييقًا على الأسرى قرر منعها واستبدالها بالسماح بمبلغ “محدود القيمة ومن قبل أحد أقرباء” الأسير فحسب، أما عصابات الأشرار فهي تعني أوسلويًّا تنظيمات المقاومة!!!
…في الذكرى السابعة والستين للنكبة العربية في فلسطين، تضافر الكرم الغربي الجهنمي مع مختلف سوءات الراهن العربي، تردفهما كارثية الموقف الأوسلوستاني المتعايش مع جوائح التهويد الزاحف في الضفة الأسيرة وبشاعة الحصار العربي الصهيوني على غزة، وكأنما لم يعد ينقصها إلا من هم على مثال اللواء الضميري، هذا الذي يسيء أول ما يسيء إلى عائلته، التي قدمت ثلاثة شهداء وأسير، ربما أكثر منه إلى عوائل من يعتقلهم، ناهيك عن شعبه وقضيته… بالمناسبة، نقلت صحيفة “هآرتس” الصهيونية أن المحتلين، الذين لا يبدو أنهم يُقدِّرون جهوده في ملاحقة المقاومين “الأشرار” حق قدرها، قد سحبوا منه بطاقة الـ”vip”، أو “الشخصية المهمة جدًّا”، التي يمنحونه بواسطتها حرية التنقُّل في الضفة ودخول المحتل في العام 1948 بإذن مسبق، فقط لأنه وصف نتنياهو بأنه أخطر من أبوبكر البغدادي!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 65 / 2165355

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع عبداللطيف مهنا   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2165355 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010