شبان يحرقون شهاداتهم الجامعية، بعد ثلاث سنوات من التخرج؛ لعدم وجود فرص عمل لتخصص جديد كان أُقر وفق سبب لا يعلمه أحد!
الشباب لم يجدوا مكاناً لهم في سوق العمل، ومثلهم مئات الآلاف من الخريجين المكدّسين في منازلهم، حدّ أن ضاق بهم حتى ذووهم!
كوادر تهاجم مباني رئاسة جامعات تعمل فيها، احتجاجا على سياسات إدارية، في مسلك غير مقبول للاحتجاج، لكنه حصل وتكرر! هذا فيما عنف الجامعات لا يتوقف، مستنزفاً من أوقات الطلبة أكثر مما يُخصص لتلقي العلم.
الطبيب الشاب يلقى حتفه، بعد أن فشلت المؤسسات المعنية في حمايته. وزملاؤه في المهنة، إذ يرتعدون خوفا من مصير مماثل، يرفعون الصوت عاليا لحمايتهم، بعد أن تكررت الاعتداءات على أنبل المهن، حتى وصلت حد القتل.
شاب متهم يخضع لـ“محاكمة شخصية” من رجل الأمن، بدلا من تطبيق القانون بحقه! فينتهي هذا الشاب جثة هامدة! ولتخلف مثل هذه الممارسات، عدا عن مأساويتها محلياً، صورة قبيحة للأردن بسبب تجاوزات تتم في مراكز التوقيف.
سيارة للأمن يستولي عليها خارجون عن القانون، وسط حالة استقواء على كل ما هو رسمي أحيانا، ومحاولة لكسر هيبة المؤسسات؛ ربما ثأراً لأوضاع معيشية سيئة، أو رداً على غلو البعض في استخدام السلطة.
كل الحملات الأمنية لضبط الاعتداءات على المواطنين ومالهم، لم تفلح إلا قليلا. بل كادت تصير هكذا اعتداءات متكررة أقرب إلى “العادية”؛ ليس مستغرباً أن نواجه مثلها يوميا.
كل هذا الذي نشهده من أحداث مؤسفة ومقلقة، وثمة من يقول إن الوضع على ما يرام!
بصراحة، فإن الحرص على المصلحة العامة يقتضي تغيير النظرة والتقييم، من خلال الإمعان في كل هذه التفاصيل التي تشكل لوحة مضمونها خطير بشأن ما بلغه البلد من حالة تجاوز على القانون، ومحاولة تهشيم سطوته.
طبعاً، الحل المباشر يكمن في تطبيق القانون لاستعادة هيبة المؤسسات. لكن هذا ليس الحل الوحيد الكافي. الحل الشامل والحقيقي يحتاج إلى تفسير نفسي لما آل إليه المزاج الشعبي، بما أدّى إلى بروز اعتقاد بأن كل شيء يؤخذ بالقوة.
والحل تنموي أيضاً، لكن لا يبدو من أمل، على المدى المنظور، في تحقيق التنمية؛ اعتمادا على الخطط الرسمية، وضمنها الوثيقة العشرية “الأردن 2025” التي أطلقتها الحكومة مؤخراً.
والحل كذلك اقتصادي، بالمعنى الضيق، يقوم على حساسية سياسات رسمية لمخاطر اتخاذ قرارات صعبة تعقّد حياة الناس. إذ إن ردود الفعل على قرارات رفع الأسعار والضرائب، لا تكون بالضرورة عنيفة وجماعية، موجهة إلى أسبابها المباشرة، بل هي قد تتوزع، على نحو ما تبدو عليه الحال اليوم، إلى ردود فعل فردية، لا يمكن أبدا تقدير متى وأين وكيف، تكون النتيجة العامة الكلية المجتمعية.
من الضروري الاعتراف بأن الأحوال الاقتصادية، وما تولّده من ضغوط؛ بالتعاضد مع ظروف إقليمية معقدة، كلها تلقي بانعكاساتها على الحالة النفسية للفرد، ليتم التعبير عنها في نهاية المطاف بأحد الأشكال التي اتخذتها الأحداث السابقة.
إزاء ذلك، فإن الحل الحقيقي، والأساس، هو خطوة سياسية، تقوم على قانون انتخاب عصري مُمثّل، يفرز بالتالي مجلس نواب يشبع طموحات الناس ويدافع عن حقوقهم. وأهم من ذلك قدرته على إعادة تشغيل الماكينة الحقيقية لإنتاج النخب القادرة على إدارة البلد. ليتبع ذلك إدارة رشيدة وواقعية للملف الاقتصادي.
وكل ما سبق لا يعني شيئاً، فليس يرتجى منه خير، إن لم يترافق مع تحقيق العدالة؛ بتطبيق القانون بحذافيره على الجميع، من دون تمييز.
خارجيا، يظهر الأردن بلدا آمنا. وهو كذلك فعلاً، مقارنة بباقي الأقطار المجاورة. لكن ذلك لا يعني أن الأمور بخير؛ لأن حالة الإحباط والقنوط أخطر من كل التقديرات الرسمية.
السبت 16 أيار (مايو) 2015
أخطر من كل التقديرات الرسمية!
السبت 16 أيار (مايو) 2015
par
جمانة غنيمات
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
19 /
2180601
ar أقسام الأرشيف ارشيف المؤلفين جمانة غنيمات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
15 من الزوار الآن
2180601 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 14