الخميس 14 أيار (مايو) 2015

حكومة نتنياهو و«تعريف المعرف»

الخميس 14 أيار (مايو) 2015 par عوني صادق

في الأسبوع الماضي، حاولت أن أطّلع قدر المستطاع على أكبر عدد ممكن من المقالات التي تناولت حكومة بنيامين نتنياهو الرابعة بالتحليل والتعليق، واشتملت بطبيعة الحال على مقالات لكتاب فلسطينيين وعرب، و«إسرائيليين» وعالميين. كانت النتيجة التي حصلت عليها نتيجة غريبة، وهي أن كل التحليلات والتعليقات لم تضف إلى معلومات القارئ العادي شيئاً، بل والمهتم أو المتخصص، (ربما باستثناء عدد المقاعد التي حصلت عليها الأحزاب المشاركة في الانتخابات)، وكأنما صبت كل «المجهودات» في مجرى واحد، هو ما يمكن أن أسميه «تعريف المعرف» و«تكرار المكرر»!
قد يقول قائل: وما ذنب المحللين والمعلقين إن كانت نتائج الانتخابات لم تفرز جديداً يتكأ عليه؟ معروف أن من مهمات المحلل السياسي أن يتابع الأحداث السياسية سواء انطوت على جديد، أو كانت خلواً منه، ثم عليه أن يناقش من خلالها «السياق العام» لسياسات الدولة أو البلد المعني، ليستكشف من خلال ذلك، الآفاق الجديدة لها إن وجدت. لكن إن اقتصر عمله على تكرار ما هو معروف ومكرر، يصبح في منزلة «لزوم ما لا يلزم»، أو يصبح عليه، على الأقل، أن يلتزم بقاعدة «ما قل ودل»، وليس أن يسهب فيما سبق وقتله وغيره تحليلاً ونشراً! ومعروف أيضاً في صدد موضوعنا، على سبيل المثال، أن نتنياهو دفع حكومته الثالثة إلى الاستقالة، والتي كانت عنصرية بامتياز وتوسعية بلا حدود، حتى اعتبرها معظم أصحاب الرأي في الكيان «حكومة المستوطنين»، دفع الاستقالة وبكّر الانتخابات، لأنه أراد الحصول على حكومة أكثر عنصرية وتوسعية، ولتجيء من لون واحد مع ما سماهم «الحلفاء الطبيعيين» من غلاة المتطرفين، دينيين وعلمانيين! فأية إضافة يضيفها محلل أو معلق عندما يقول: «حكومة نتنياهو الرابعة أكثر عنصرية من حكومته الثالثة»؟! والشيء نفسه يقال عن الحديث عن استمرار الاستيطان، أو عن قتل «حل الدولتين»، أو استمرار سياسة «إدارة الصراع»، كسياسات للحكومة الجديدة.
ويتحول الأمر إلى معضلة حقيقية، عندما تتجاوز قضية «تعريف المعرف» من كونها تحليلاً لكاتب في جريدة إلى «مواقف سياسية» للرسميين في السلطة الفلسطينية، فيصبح التحليل والتوصيف هما كل عدة أصحابها لمواجهة واقع مادي شرس كواقع الاحتلال! ولعل السؤال المطروح على السلطة الفلسطينية اليوم هو ما كان مطروحاً: كيف سترد على نتنياهو وحكومته؟!
لن نلجأ إلى التكهن للإجابة عن السؤال، بل سنتوقف عند مقابلة نشرتها صحيفة (القدس- 9/5/2015)، أجرتها مع عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، كبير المفاوضين الفلسطينيين، الدكتور صائب عريقات. وسنجد فيها الجواب حتماً.
* « تشكيل هذه الحكومة برئاسة نتنياهو وقوى التطرف في «إسرائيل»، يعني أن عملية السلام أصبحت غير موجودة. هذه حكومة جاءت لتكمل تدمير عملية السلام، جاءت لتكمل دفن خيار الدولتين، حكومة ستكون منبعاً للشر والتطرف والعنف والفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة».
بهذه الكلمات بدأ عريقات «تحليله السياسي»! هل كانت «عملية السلام» موجودة قبل هذه الحكومة؟ هل كان «خيار الدولتين» موجوداً؟ هل كانت المنطقة تنعم بالاعتدال والسلام والهدوء والاستقرار؟! ترى لماذا لم يتحقق شيء خلال أكثر من عشرين عاماً على بدء تلك العملية وخيارها؟
* وعند سؤال عريقات عن الموقف الأمريكي، قال: «باعتقادي أن الإدارة الأمريكية مطالبة الآن بالكف عن التعامل مع «إسرائيل» كدولة فوق القانون، الإدارة الأمريكية مطالبة الآن بالكف عن تقديم الحماية ل«إسرائيل» في مجلس الأمن، الإدارة الأمريكية مطالبة الآن بالانتصار لعملية السلام وخيار الدولتين»!
لم أفهم من كلام عريقات لماذا كل تلك الطلبات مطلوبة «الآن»، طالما أن الحكومة الجديدة لم تأت بجديد! هل كانت الحكومات «الإسرائيلية» السابقة «متعاونة»، ولم يكن مطلوباً من الإدارة الأمريكية ما هو مطلوب منها «الآن»؟! أم أنه كان يطالبها بها دائماً ولم تكن تستمع إليه؟ وإذا كان ذلك ،فلماذا يتوقع أن عليها أن تستمع إليه الآن؟ ألم يسمع عن تهنئة الرئيس أوباما لنتنياهو، وإعرابه عن استعداده للتعاون معه؟ أم أنه لمجرد أن أوباما ذكر «خيار الدولتين» في تهنئته شجعه على تقديم مطالبه مجدداً؟.
* وعن الموقف الأوروبي، قال عريقات إنه يطالب الاتحاد الأوروبي بالمطالب التالية: الاعتراف بدولة فلسطين في حدود 1967 وعاصمتها القدس، وبمقاطعة ««إسرائيل»» كلياً، وبالتعاون مع اللجنة العربية في مجلس الأمن لاستصدار قرار يعترف بالدولة الفلسطينية في حدود 1967.
وفي النهاية، لم يتأخر عريقات عن أن «يثمن عالياً» الموقف العربي. أما فلسطينياً، فطالب بتحقيق المصالحة والذهاب إلى الانتخابات وتسليم المعابر في غزة إلى السلطة الفلسطينية!
تلك هي خطة السلطة الفلسطينية، كما عرضها عريقات، لمواجهة حكومة نتنياهو الرابعة. لا جديد فيها، ولا حتى المفردات. كلها مطالب من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. أما العرب، وأما السلطة الفلسطينية، فليس مطلوباً منهم أكثر مما كانوا يقدمون منذ «اتفاق أوسلو».
«المتفائلون» رأوا أن حكومة نتنياهو الرابعة تمثل فرصة للسلطة الفلسطينية لتتخلص من كل الاتفاقات والسياسات التي اتبعتها منذ «اتفاق أوسلو». و«المتشائمون» رأوا أن لا فائدة ترجى من هذه السلطة. أما المواطن الفلسطيني الذي يقف أمام الذكرى السابعة والستين للنكبة، فلا يعير ذلك كله اهتماماً وهو يرى عذاباته تتسع وتزداد، ويرى الأرض التي يقف عليها تضيق وتتقلص.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 22 / 2165866

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع وفاء الموقف  متابعة نشاط الموقع عوني صادق   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2165866 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010