الخميس 14 أيار (مايو) 2015

دحر الفاشية وعرض الكرامة والتحدي

الخميس 14 أيار (مايو) 2015 par د. فايز رشيد

التاسع من يناير في كل عام، هو ذكرى دحر النازية والفاشية في ذات التاريخ من عام 1945. هذا العام 2015 وفي عرض الكرامة والكبرياء والتحدي، في الساحة الحمراء، حيث ألقى بوتين خطابه في ظل وجود عدد من رؤساء الدول في مقدمتهم رئيس الصين، ومقاطعة مُستغربة من الرئيس أوباما والعديد من رؤساء دول أوروبا الغربية!. هذا في ظل حصار تفرضه أميركا وأوروبا على روسيا على خلفية أحداث أوكرانيا. في العرض الأخير (منذ أقل من أسبوع) وبمناسبة الذكرى السبعين للانتصار على النازية .. هذا العام جرى استعراض الدبابة الحديثة “أرماتا”أو “تي-80″ في سلسة “تي” , طائرات من نوع “ميغ-29″ و “سوخوي -27″ و مروحيات “مي -28″ والتي تسمى بـ “الصياد الليلي”، والمدافع ذاتية الحركة من طراز “مستا –إس” .. وغيرها، والقائمة تطول !. وفقا لخبراء عسكريين عالميين فإن: الأسلحة العسكرية الروسية الجديدة تشكل قفزة نوعية في الصناعات العسكرية العالمية. كما تشكل تفوقا على مثيلاتها في الدول الغربية بالعديد من الميزات. مزايا هذه الأسلحة عديدة وهي أكثر بكثير من أن تتسعها مقالة.
عرض الأسلحة الروسي هذا العام هو رسالة للولايات المتحة والغرب، مفادها: أولا، أن روسيا لن تسمح بتفوق عسكري أميركي – غربي عليها، وأنها لن تخضع للغة التهديد، وستكون قادرة على رد الصاع صاعين إذا ما اقترف أحد جريمة دوس طرفها. ثانيا: أن روسيا ماضية في طريق تشكيلها قطبا عالميا ثانيا في وجه الولايات المتحدة، وحضور الرئيس الصيني للعرض يحمل في مضمونه: وقوف الصين إلى جانب الكونفدرالية الروسية على هذا الصعيد. ثالثا: إفهام الغرب بأن الحصار الغربي على روسيا لم ولن يؤثر بالمعنى الاستراتيجي على مسارها السياسي، ولا على الاقتصادي فرغم انخفاض قيمة الروبل بفعل تخفيض الغرب لسعر النفط وهم مصدر مهم للدخل الروسي، فإن الاقتصاد الروسي قادر على التعافي، ولا على صعيد التصنيع وبخاصة العسكري. رابعا: أن روسيا لن تتزحزح قيد أنملة عن سياستها الثابتة تجاه الازمة الأوكرانية وغيرها من الأزمات، سواء: في الموقف من المضي قدما في تصدير الصواريخ إلى إيران أو في الموقف من الأحداث في سوريا وغيرها.
في مسيرة الساحة الحمراء كان بوتين يحمل صورة والده مثل معظم أبناء وأحفاد الروس، الذين ضحى آباؤهم وأجدادهم في سبيل تحرير مناطق سوفياتية شاسعة احتلها النازيون في الحرب العالمية الثانية، كما المضي قدما في ملاحقة النازية حتى عقر دارها في قلب الرايخستاغ في برلين، ورفع العلم السوفياتي عليه. لقد خسر السوفياتيون حوالي 40 مليونا من شبابهم (منها 26 مليون روسي) وليس مثلما تقول الأرقام المنشورة: عشرين مليونا، الأرقام حرصت على استيضاحها عام 1978 من أكبر مكتبة سوفياتية ـ روسية ـ عالمية وهي “مكتبة لينين” بالقرب من الساحة الحمراء.
خمسة عشرة عاما منذ أن جاء بوتين إلى سدة الرئاسة بعد 25 عاما من تحطيم الاتحاد السوفييتي على يدي “غلاسنوست” و “بيريسترويكا ” غورباتشوف ! وبعد أن حول الرئيس “الثمل” يلتسين روسيا إلى دولة متسولة، تتسول وتتوسل المساعدات الأميركية ـ الغربية والقمح الأميركي!.
لقد ابتدأت مجابهة بوتين بعد فترة قصيرة نسبياً من فترتي رئاسته الأولى. كان في البداية منشدّاً إلى تصفية حكم المافيات في روسيا، وإلى ضبط الأمن وفرض سلطة الدولة على كافة بقاعها المتسعة، وإعادة الاقتصاد الروسي إلى حيويته وأوضاعه الطبيعية، واستعادة مؤسسات القطاع العام التي خصخصها يلتسين مباشرة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، فقام بفرض سلطة الدولة عليها، وصادر أموال العديدين من المليارديرات (الأغنياء الجدد ومعظمهم تابعون للحركة الصهيونية) فوضع البعض في السجون، وهرب آخرون من روسيا بعد أن استقامت ظروف الفيدرالية الروسية. أولى بوتين الأهمية الكبرى للتصنيع وبخاصة العسكري ولسياسات روسيا الخارجية ومجابهة عالم القطب الواحد. وأبرز خطوات قام بها على طريق هذه المجابهة هي الحرب الروسية ـ الجورجية في عام 2008 حين قام بالتدخل لحماية الروس في تلك الجمهورية. في فترة رئاسته الثانية التي ابتدأت مع مجيئه إلى السلطة في عام 2012، حيث صاعدت روسيا من مجابهتها للغرب. كذلك خطوات: ضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا، والموقف من الأزمة في أوكرانيا، والموقف من أحداث سوريا، واستئناف تصدير الصواريخ إلى إيران.
ما جرى في شبه جزيرة القرم من انتصار روسي، وفي جورجيا .. وتطوير العلاقات مع سوريا ومع إيران وتسليم الصواريخ إليها .. أتي في سياق الحرص الروسي على تأكيد مجابهة روسيا للغرب عموما وحليفته الصهيونية .. باللغة والفعل العملي وبالأساليب التي يفهمها جيدا أطراف هذا المعسكر… لغة المجابهة والتحدي.
حذر بوتين نتنياهو، التحذير كان بمثابة جرس إنذار لإسرائيل وللعالم الغربي عموما بعد تحدي رئيس الوزراء الصهيوني لروسيا جراء استئنافها تصدير صواريخ “إس- 300″ لإيران، وفقا لصفقة قديمة، مع العلم أن إيران دفعت لروسيا 4 مليارات دولار ثمنا للصواريخ. من قبل في معظم خطاباته: أعلن بوتين وأكد على سياسة روسيا الخارجية.. كان ذلك أيضا بمثابة ضوء أحمر تنبيهي لهذا الغرب، عله يعد الحسابات قبل اتخاذ خطوات فعلية في هذه القضية الدولية أو تلك.
يبقى القول: إن كاتب هذه السطور آلى على نفسه أن لا يزور موسكو بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، ووصول روسيا إلى الحضيض على يدي يلتسين ومجموعته .. ذلك حفاظا على صورة وذكريات جميلة انطبعت في ذهنه، جراء معرفته عن قرب للعاصمة السوفياتية امتدت اثني عشر عاما وعلى فترتين! ولكن مع عودة العزة والكرامة والتحدي لسياسات روسيا على يدي بوتين .. سيزور موسكو بعد أسبوعين في جولة (منها هدف صحفي- كتابي) تمتد ثلاثة أسابيع، وتشمل أوكرانيا وبيلوروسيا وروسيا.. وإلى لقاء.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 18 / 2165250

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع فايز رشيد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2165250 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010