الاثنين 11 أيار (مايو) 2015

الانقسام الدائم

الاثنين 11 أيار (مايو) 2015 par هاشم عبد العزيز

ما إن يظهر قدر من التوافق الفلسطيني باتجاه إنهاء الانقسام السياسي القائم حتى يعاد استحضار كل ما من شأنه أن يصير دائماً.
وهذا ما كان أظهره التوافق بين السلطة والمقاومة إبان الحرب الصهيونية الأخيرة على غزة من جانب وما تداعى بخلاف ذلك بين المنقسمين ومنه اتهام حركة «فتح» لحركة «حماس» بعرقلة الاحتفال بغزة بذكرى رحيل ياسر عرفات واتهام «حماس» للسلطة بالمناورة في شأن تحركها السياسي حول الدولة الفلسطينية ومحكمة العدل الدولية، ومن ثم جاء اتهام الحكومة الفلسطينية ل«حماس» من أنها عطلت عملها الذي قدمت من أجله في غزة بشأن إعادة إعمارها، ليدخل طرفا الانقسام دورة جديدة من الاتهامات والحملات الإعلامية التي زادت مع الأنباء المنسوبة لمصادر من «حماس» من أن الحركة تجري «سراً» جولات من المفاوضات مع «إسرائيل» لتعود أزمة الانقسام إلى ذروتها مكررة ذات الأسئلة حول أسبابها وتداعياتها، ومن ثم عودة الحديث غن محاولات عربية متجددة لجمع الطرفين في مسعى لإنهاء الانقسام.
وإذا ما تمت المبادرة فهي لن تكون المحاولة الأولى تجاه قضية الانقسام السياسي بين «فتح» و«حماس» وتداعياته ميدانياً في الضفة الغربية وقطاع غزة. فالجهود السعودية والمصرية وغيرها كانت أثمرت سابقاً ما يعرف باتفاق المصالحة الوطنية الذي سرعان ما سقط جراء الخلافات المستحكمة سياسياً وتنظيمياً بين فتح وحماس بكل تداعياته الكارثية على الشعب الفلسطيني وقضيته المركزية.
وإنجاز المصالحة لم يكن ليتحقق لولا إدراك الدول العربية التي رعت الاتفاق الرغبة الأكيدة في الخروج من هذه الحالة التي ألحقت بالشعب الفلسطيني أضراراً فادحة وخسائر جسيمة.
السؤال الآن: إذا كان المنقسمون يزعمون أنهم يعملون من أجل المصالحة ما الذي منع تحويل نصوص اتفاقهم إلى أعمال؟ أم أن الأمر يعود إلى غياب الآلية الفلسطينية والمتابعة العربية؟ أم أن هذه الأطراف هي في الأساس غير صادقة ولا تريد تحقيق المصالحة؟
الإشكالية في عدم تحويل الأقوال إلى أفعال تعود إلى أوضاع المنقسمين أو ما يمكن وصفه بالحالة الانقسامية التي إذا ما استمرت ستؤدي إلى أن يتحول الانقسام إلى واقع دائم ولهذه الحالة عواملها الذاتية الداخلية ودوافعها الخارجية التي يراد لها أن تلتف حول عنق القضية الفلسطينية وهاكم بعض أسباب هذه الحالة الانقسامية:
أولاً: تأثير السلطة بمغرياتها المادية والمعنوية الذي ولد مصالح لأفراد وجماعة خاصة من المستويات القيادية لطرفي الانقسام وإشاعة شعور التمايز داخل التنظيم بكامله عن التنظيمات الأخرى والمجتمع الفلسطيني بأسره.
ثانياً: الانقسام داخل كل طرف من طرفي الانقسام.. ولو لم يكن الأمر كذلك ما كان ماراثون الحوار دار على تغليب ما هو سياسي على أولوية الوفاق والوحدة الوطنية.
ثالثاً: الاختلاف بين المنقسمين في شأن العلاقات الخارجية عربية وإقليمية ودولية.. «فتح» بالنظر إلى أنها تسيدت منظمة التحرير الفلسطينية أدارت هذه العملية بوجه عام على قاعدة دعم القضية الفلسطينية، وعزز من هذا كونها انفردت برئاسة السلطة الفلسطينية التي خلطت بين مثلث رئاسة السلطة وقيادة «فتح» غير المؤدلجة ومنظمة التحرير الفلسطينية.
في المقابل مع أن لحماس دورها الكفاحي لكن نظراً لوجودها خارج منظمة التحرير فما زالت تعاني «عقدة» الاعتراف بوجودها وهي السبب في إضعافه جراء ارتباطاتها العقيدية مع قوى ومجموعات دينية تعمل تخريباً في العديد من الدول العربية.
رابعاً: الدور الصهيوني المزدوج مع طرفي الانقسام، من جهة حاول الاحتلال ربط الاتفاقات الأمنية بقيام السلطة بحمايته من المقاومة وتحت مظلة الحرب على الإرهاب حيث كان الاحتلال يمارس الابتزاز على السلطة التي بدت مشلولة أمام التمادي والتطاول الصهيوني لتبدو كما لو أنها أسيرة أمور سرية مفتوحة على مواجهة فلسطينية – فلسطينية.. ومن جهة ثانية «انتقادات «حماس» لتحرك السلطة الفلسطينية الدولي في شأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية والعضوية في محكمة العدل الدولية، إذ إن «إسرائيل» تعتبر ذلك خطوة أحادية الجانب وكما لو أن كل ما هو فلسطيني لا بد أن يمر بالقناة «الإسرائيلية» فيما اعتبرت «حماس» هذا التحرك مجرد مناورة ليأتي الإعلان المنسوب لمصادر من «حماس» عن أنها تجري مفاوضات مع «إسرائيل» سرياً ما يعني أن الاحتلال دخل من بوابة الانقسام ويحتمل هذا تفسيرات عديدة.
إذا كان التفاوض بين«إسرائيل» وحماس تم فعلاً فهو رد فعل «إسرائيلي» تجاه التحركات الفلسطينية دولياً بشأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية وعرض جرائم الحرب «الإسرائيلية» أمام محكمة العدل الدولية واستغلال لحالة الانقسام الفلسطينية وتجييرها لخدمة الأهداف «الإسرائيلية».
يمكن القول إن الأولوية المطلوبة لإنهاء الانقسام الفلسطيني تقتضي وضع القضية والشعب والحقوق كأولوية مطلقة تتجاوز الحسابات الفصائلية والتنظيمية والشخصية جانباً، والبدء في وضع برنامج وطني نضالي يشكل قاسماً مشتركاً تلتزم به كل الفصائل الفلسطينية لمواجهة مخططات الكيان الصهيوني.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 21 / 2166027

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع ارشيف المؤلفين  متابعة نشاط الموقع هاشم عبدالعزيز   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

28 من الزوار الآن

2166027 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010