السبت 2 أيار (مايو) 2015

ما حاجة الأردن لغاز العدو؟!

السبت 2 أيار (مايو) 2015 par جمانة غنيمات

منتصف العام الحالي، أو في الربع الثالث منه على أبعد تقدير، ستتوفر للمملكة مصادر جديدة للغاز؛ الغاز النفطي المسال أو الغاز الطبيعي المسال. إذ ستكون القدرة متاحة لاستيراد الغاز من الأسواق العالمية.
ذلك أنه بحسب المعلن من الحكومة، فإن ميناء النفط في العقبة سيكون جاهزا حينئذ، لاستقبال الغاز. كما ستكون الباخرة المستأجرة لغايات استيراد الغاز الطبيعي، من خلال الاتفاق المبرم مع شركة “شل” العالمية، قادرة على جلب هذا النوع من الغاز. والموعد المفترض هو 25 أيار (مايو) الحالي.
إلى جانب ذلك، تم افتتاح أكبر محطة لتوليد الطاقة الكهربائية شرق العاصمة، بقدرة 573 ميغاواط؛ تعمل بالديزل والوقود الثقيل والغاز. بل تم تسجيلها في كتاب “غينيس” للأرقام القياسية، كأكبر محطة تعتمد على تكنولوجيا الديزل. وهي تعتبر دليلا على التقدم الذي أحرزه الأردن في سعيه لتحقيق أمن الطاقة مستقبلا.
بالأرقام، سيضيف المشروع السابق ما نسبته حوالي 15 % إلى سعة الشبكة الكهربائية القائمة، والمقدّرة بحوالي 4000 ميغاواط حالياً. ويتوقع أن يتم العمل على مشاريع أخرى بسعات أصغر، لكنها تدعم قطاع التوليد، وتستجيب للطلب المتزايد على الطاقة في المملكة، منها محطة للطاقة المتجددة بقدرة 145 ميغاواط، يتوقع أن تباشر العمل العام الحالي أيضاً.
ومن المجدي التذكير بالاتفاقيات المبرمة لإنتاج الطاقة من الصخر الزيتي، وعلى رأسها تلك الموقّعة مع الأستونيين، وينتظر بدء إنتاجها للكهرباء في العام 2018. ناهيك عن باقي الاتفاقيات الموقعة مع أطراف أخرى، للاستثمار في هذا القطاع.
الأمر لا يتوقف هنا، إذ لدى المملكة خطط طموحة لإنشاء محطة نووية، تضم مفاعلَين نوويين للأغراض السلمية، منها إنتاج الطاقة بقدرة 2000 ميغاواط سنويا، فيما العمر الافتراضي للمحطة يبلغ ستين عاما. كما أن هناك أفكارا لتطوير قدرة شركة البترول الوطنية على إنتاج الغاز الطبيعي المحلّي، ورفع قدرتها إلى حدود 50 مليون قدم مكعب خلال السنوات الثلاث المقبلة، وهي الكمية ذاتها التي تصلنا اليوم من الغاز المصري. علماً أن الشركة الوطنية تنتج حاليا نحو 14 مليون قدم مكعب من الغاز، تسعى لزيادتها إلى 17 مليون قدم مكعب مع نهاية العام الحالي.
بالمحصلة، فإنه مع نهاية هذا العام، يُتوقّع أن يلمس المواطن تغيرا طفيفا على أحوال قطاع الطاقة. لكنّ الآمال كبيرة بتحقيق “استقلال طاقوي” أكبر مع مرور الوقت، شريطة توفر إرادة العمل والإنجاز، لاسيما مع الحديث الرسمي الإيجابي عن تطوير القطاع اعتمادا على مصادر محلية، بما يغطي الطلب المتزايد، بكلف أقل.
إزاء كل ذلك، ما حاجة الأردن للغاز الإسرائيلي الذي يدرك بعض أهدافه وليس جلها؟! وما مستقبل كل المشاريع الأخرى إن توفر مصدر واحد للطاقة؟
المبرر الرسمي هنا سطحي، يتحدث عن انخفاض الكلف؛ بأرقام متضاربة أحيانا، وغير مجدية أحيانا أخرى. إذ تبقى التفسيرات الرسمية مبتعدة تماما عن التفكير بخطورة ربط الأردن استراتيجيا بعدو الماضي والحاضر والمستقبل، حتى لو كان ذلك مقابل كلف أقل من المصادر الأخرى؛ كون العدو يعلم تماما أنّ قيمة المنافع المتحققة له سياسيا أعلى بكثير من الملايين التي سيوفرها على الأردن.
وليس سرا أن الاتفاق على استيراد الغاز الإسرائيلي هُندِس في السفارة الأميركية بعمان، في عهد السفير الأميركي السابق. وكانت سفارتنا في واشنطن جزءا من “المطبخ”، على قاعدة أن الشركات العاملة في حقول الغاز الإسرائيلية هي شركات أميركية.
فمن مصلحة إسرائيل تصدير الغاز للأردن، لتشتبك معه وتحقق فكرة السلام الاقتصادي، وتربط مصير البلد معها بشكل يهدد استقرار القطاع. كما من مصلحة الأميركيين تصدير منتجهم لبلد قريب، بما يوفر عليهم كلف النقل، ويؤدي لتحقيق أرباح أعلى لشركاتهم العابرة للحدود.
لكن السؤال الملحّ: ما هي مصلحة الأردن في استيراد غاز العدو، وهو الذي يسير بخطى ثابتة نحو “استقلال طاقوي”، يجنّبه الاعتماد على مصدر وحيد للطاقة، ولينأى بنفسه تالياً عن أزمات متعلقة بذلك، طالما هددت استقراره وجعلته رهينة للآخر؟!
القرار النهائي بشراء غاز العدو من عدمه، هو قرار سياسي، لا اقتصادي. فهلا نفكّر مجددا بتعقل، وبعيدا عن ضغوط الآخرين.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 21 / 2166017

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع ارشيف المؤلفين  متابعة نشاط الموقع جمانة غنيمات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

2166017 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 25


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010