جاء في الأنباء: أن مبادرة فرنسية جديدة سيجري طرحها على مجلس الأمن للحل بين الفلسطينيين والكيان الصهيوني! ووفقا لصائب عريقات فإن مشاورات فلسطينية تجري مع فرنسا ودول أوروبية بشأن المبادرة! تعودنا من المسؤولين الغربيين، وفيما يتعلق بالتسوية في الشرق الأوسط،أن يقولوا كلاماً جميلاً في البداية، فيه بعض من الإنصاف للحقوق الوطنية الفلسطينية، وذلك بهدف استدراج الجانب الفلسطيني للعودة إلى المفاوضات مع إسرائيل، وبعد(إنجاز) هذه الخطوة، يتراجع هؤلاء المسؤولين عن وعودهم السابقة، ويصطفّون بالكامل إلى جانب المطالب الإسرائيلية، أو إلى جانب رؤيا الدولة الصهيونية للحل. بالطبع يعود ذلك إلى أسباب كثيرة، لعل من أهمها: الضغوطات الخارجية والداخلية التي تُمارس عليهم من إسرائيل واللوبي الصهيوني، والتيار الصهيو- مسيحي، وأصدقاء إسرائيل على الساحة الدولية، وفي البلدان التي يحكمها هؤلاء بشكل أساسي.
هكذا كان الحال مع أوباما الذي تراجع عن كل وعوده، ومن قبله أيضاً: كان كلينتون، وجورج بوش الابن قد تراجعوا. دعونا نستعرض ما مرّ على ما اصطلح بتسميته (المبادرة الفرنسية الأولى، التي كانت في عهد ساركوزي!) والتي انطلقت من عودة المفاوضات الإسرائيلية-الفلسطينية على أساس دولة للفلسطينيين على حدود 4 يونيو 1967، وإخضاع القضايا المختلف عليها كاللاجئين والقدس وغيرهما إلى التفاوض بين الجانبين، وعقد مؤتمر دولي حول الشرق الأوسط في باريس، يحضره الجانبان الإسرائيلي والفلسطيني، إضافة إلى الأطراف الدولية. هذا هو ملخص المبادرة الفرنسية السابقة التي بالطبع لم يكتب لها النجاح! المبادرة الجديدة قزّمت الحقوق الفلسطينية أكثر من السابقة .. بالتالي لا داعي لطرح بنودها! .
من قبل..اعترضت وزيرة الخارجية الأميركية حينها هيلاري كلينتون على بعض نقاط المبادرة الفرنسية السابقة وبذلك تم إحباطها في مهدها. “هذا الأمر لن يُثن فرنسا عن المُضّي بمبادرتها” وفقاً لتصريحات ناطقها الرسمي آنذاك في المقر الدائم للأمم المتحدة !.. رغم ذلك جرى إجهاض المبادرة… وذهبت في مهب الريح!
من جانبٍ ثان، فإن الرئيس أوباما وإبان المبادرة الفرنسية السابقة… وفي المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقده مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في البيت الأبيض ، في زيارتها آنذاك للولايات المتحدة أعلن أن ذهاب الفلسطينيين إلى الأمم المتحدة لإعلان دولة فلسطينية أحادية الجانب لا يتفق والمبادئ التي وضعتها(الرئيس أوباما بنفسه)، واستطرد قائلاً: شكرت المستشارة لدعمها للمبادئ التي أعلنتها للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
من الجدير ذكره القول بأن فرنسا ألمحت مراراً من خلال الرئيس ساركوزي آنذاك… وفي مقابلة له مع مجلة ” إكسبرس الفرنسية الأسبوعية”، ومن خلال المندوب الفرنسي في الأمم المتحدة..إلى ما معناه: أن فرنسا ستتحمل مسؤوليتها إذا لم تُستأنف عملية السلام بين الجانبين! ذهب ساركوزي بالطبع.. وطارت المبادرة.
ربما الاعتراف الفرنسي بالدولة الفلسطينية الذي تم ، يشكل نقطة الافتراق الوحيدة بين الموقفين الأميركي والفرنسي فيما يتعلق بالتسوية في الشرق الأوسط، فمن المعروف أن الإدارة الأميركية تعارض تماماً طرح هذا الموضوع في الأمم المتحدة.
فرنسا حتى في مبادرتها الجديدة… لم تتجاهل المطالب الإسرائيلية في تعديل الحدود،ذلك يعود إلى الموقف الفرنسي من القرار 242 الصادر عن الأمم المتحدة والذي يدعو إلى انسحاب إسرائيل من أراض( وليس من الأراضي) فلسطينية احتلتها عام 1967،آنذاك وحين صدور القرار في المنظمة الدولية أُثيرت الفروقات بين النسخة العربية للقرار وتحديداً القول بـ (الانسحاب من الأراضي) والنسخة باللغات الأخرى والذي جاء بـ(الانسحاب من أراضٍ)، وتصاعد الجدل كثيراً آنذاك بين الوفود العربية، وتفسير الولايات المتحدة للقرار، ومعها وقفت كل من بريطانيا وفرنسا بالطبع.المقصود القول أن باريس تعترف بما تطالب به إسرائيل من تعديل للحدود، والتعديلات التي تطلبها إسرائيل كثيرة(مثل شهيتها لاحتلال الأراضي العربية) فهي التعديلات التي تُبقى على المستوطنات والمستوطنين، والطرق الالتفافية والجدار العازل في الضفة الغربية، أي أن الدولة الفلسطينية ستقام على أقل من 30% من مساحة الضفة الغربية بالإضافة إلى قطاع غزة،دولة بكانتونات متفرقة مقطعة الأوصال. بالطبع ليس هدف إسرائيل من التعديلات ما تدعّيه:المحافظة على الأمن وعدم القدرة على حماية تلك الحدود،فالصواريخ الحديثة قريبة وبعيدة المدى قادرة على الوصول على أية نقطة فيها،الهدف الحقيقي للدولة الصهيونية هو:التخلص من الكثافة السكانية العربية الكبيرة في منطقة المثلث في أراضي 1948 في سبيل نقاء دولتها اليهودية.
يتوجب القول أيضا..أن فرنسا اعترفت بـ “يهودية الدولة الصهيونية” وهوما يقطع الطريق على حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم وفقاً لقرار الأمم المتحدة رقم 194،الأمر الذي يشي بأن ما جاء في المبادرة الفرنسية ..في السابقة وفي الحالية :من إخضاع قضايا الخلاف بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني كحق عودة اللاجئين.. والقدس (التي لن تكون أفضل حالاً من موضوع اللاجئين)،للمفاوضات بينهما… فهذه قضايا تم حسمها اسرائيليا.. هذا الاعتراف يقطع الطريق على كل ما طرحته في مبادرتها الجديدة ! ألم تفكر فرنسا بذلك حين صاغت مبادرتها الجديدة!؟.
يبقى القول أن الرئيس أوباما(ومبادؤه) للحل معروفة تماماً، فهو أعلنها مرارا: ضرورة تعديل حدود عام 1967، مراعاة التغييرات الديموغرافية الجديدة في الضفة الغربية(أي الإبقاء على المستوطنات) . الدولة الفلسطينية تكون منزوعة السلاح، لا عودة مطلقاً للاجئين الفلسطينيين، تفهم المطالب الأمنية الإسرائيلية وتداعياتها … الخ! فهل ستختلف مبادرة فرنسا الجديدة عما يقرره الراعي الأميركي للكيان!! وللحلفاء الغربيين.. ومنهم فرنسا !؟ سؤال ندرك تماما الإجابة عليه! .
الخميس 30 نيسان (أبريل) 2015
المبادرة الفرنسية الجديدة!
الخميس 30 نيسان (أبريل) 2015
par
د. فايز رشيد
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
40 /
2178810
ar أقسام منوعات الكلمة الحرة كتّاب إلى الموقف فايز رشيد ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
13 من الزوار الآن
2178810 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 14