الجمعة 13 آب (أغسطس) 2010

عن معسكرات الاعتقال الصهيونية

الجمعة 13 آب (أغسطس) 2010 par د. عبد العزيز المقالح

يراودني - منذ وقت ليس بالقصير - شعور يتعاظم مع الأيام، عن تغيير جوهري سيحدث في أوساط السياسيين الأوروبيين تجاه القضية الفلسطينية، لاسيما عند الجيل الجديد من الساسة الشبان هؤلاء الذين بدأوا يتحررون تدريجياً من سطوة الخوف الذي ارتبط بتهمة اللاسامية ذلك السيف الذي أشهرته الصهيونية في وجوه كل الذين يقاومون ابتزازها وإسرافها في البطش بالفلسطينيين، وتحويل مدنهم وقراهم إلى معسكرات اعتقال، ولا جدال في أن تصرفات هذا الكيان العدواني قد ساعدت على بلورة أبعاد هذا التغيير، وكشفت عن المؤامرة التي أدت إلى إقامة هذا الكيان القبيح في أفعاله وتجرده في كل التزام روحي وأخلاقي وبذلك فضح نفسه من داخله بوصفه كياناً عنصرياً حاقداً على البشرية جمعاء وعلى أبناء هذه البقعة من الأرض التي كان أهلها وما يزالون يحلمون بأن يعيشوا في أمان وسلام.

وربما يكون الدليل الأقرب والأحدث إلى ما نشير إليه هو تلك التصريحات التي أدلى بها السيد ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا الجديد بعد زيارته لمدينة غزة المحاصرة ووصفه لها بأنها «معسكر اعتقال»، وما رافق هذا التصريح الأول من نوعه على لسان رئيس وزراء بريطاني من تعليقات ومن ردود أفعال صهيونية صارخة، وواضح أن «كاميرون» من الجيل الجديد من السياسيين البريطانيين، ورغم كونه من المحافظين الذين كانوا دائماً في صف الصهيونية فإن التحول الذي تشهده بريطانيا والإحساس بالمخاطر التي تحيط بها قد كانا وراء ذلك التصريح المنصف، والذي يشكل بداية لإنهاء التعصب البريطاني الخاطئ والمغلوط لقوة نازية غاشمة لا عمل لها سوى القتل والتدمير وإشاعة الفتن والحروب وتحويل الوطن العربي إلى بؤرة للاضطرابات الدائمة.

ولست هنا بحاجة إلى تأكيد أن «كاميرون» ليس وحده الذي تغيرت رؤيته إلى ما يحدث في فلسطين وفي غزة خاصة، فقد شمل التغيير الجيل الجديد من الساسة البريطانيين، شأن مجايليهم من السياسيين في فرنسا وألمانيا الذين بدأوا يبصرون ويقرأون ويتابعون، وبدأت مواقفهم تتغير وتنطلق من هذا الإبصار وهذه المتابعة، ومن المستحيل أن تبقى الأمور كما هي عليه، وألا يكون لهذا التغير تأثير حاسم وعاجل في مجريات الأمور في القضية الفلسطينية، وأن ضمائر الأجيال الشابة في أوروبا بدأت تستيقظ وتدرك خطورة التعصب الأعمى للصهيونية ومجافاة العدل الإنساني، فضلاً عن أن إدراك الساسة الجدد في أوروبا أن مصالح بلدانهم هي مع العرب أساساً وليست مع هذا الكيان الذي كان ومايزال يشكل عبئاً اقتصادياً وأمنياً على أوروبا وحكوماتها.

لقد ترك موقف رئيس وزراء بريطانيا الجديد في أول زيارة له للمنطقة أثراً طيباً، وبعث آمالاً طالما روادت الكثيرين من أبناء الأمة العربية الذين كانوا يراهنون على أن يأتي يوم تتكشف فيه الحقائق ويظهر فيه الكيان الصهيوني على حقيقته العدوانية الاستيطانية، وأدرك العالم أجمع أن غزة ليست معسكر الاعتقال الوحيد، بل فلسطين كلها رهن الاعتقال، يستوي في ذلك شأن الضفة والقدس والمدن والقرى التي يعيش فيها عرب 48 بوصفها معسكرات اعتقال محاطة بالأسوار والأسلاك الشائكة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 42 / 2165442

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

2165442 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010