السبت 21 آذار (مارس) 2015

مطبات حكومة نتنياهو

السبت 21 آذار (مارس) 2015 par برهوم جرايسي

تطلق رموز اليمين المتطرف المنفلت، في حزب “الليكود” وغيره، في اليومين الأخيرين، تصريحات تعكس مدى شراهتها لإطباق سيطرتها على الحكم والحياة العامة. فهذا التيار المسيطر، ليس خطرا على مستقبل القضية الفلسطينية وحل الصراع فحسب، بل حتى اليمين الأيديولوجي التاريخي صار ينظر بقلق الى هؤلاء المتطرفين، لكونهم يشكلون خطرا على المشروع الإسرائيلي ذاته. وهذا قلق يسود أيضا الجمهور العلماني. كما أن كبار المستثمرين يتخوفون من انعكاسات هذه السياسة على العلاقات الاقتصادية مع العالم. وهذا كله يدركه تماما بنيامين نتنياهو ذاته.
كل الدلائل، حتى الآن، تشير الى أن نتنياهو سيتجه الى حكومة ترتكز إلى 67 نائبا، إلا إذا رأى تصلبا من أحد مركبات الائتلاف المتوقع، وخاصة من أفيغدور ليبرمان الذي يُصر على تسلم وزارة الحرب؛ ما قد يدفع نتنياهو للتوجه إلى الحزب الوحيد الذي بالإمكان ضمه لحكومة كهذه، وهو حزب “يوجد مستقبل”. وقد نسمع نتنياهو يلوّح بحكومة “وحدة”؛ بمعنى مع كتلة “المعسكر الصهيوني”، يهدد بها شركاءه في اليمين المتطرف. لكن هذا سيصطدم باعتراض من داخل “الليكود” ذاته.
بالإمكان القول إن الائتلاف المتوقع من 67 نائبا، سيكون فيه إجماع على سياسة الرفض اليمينية لحل الصراع، بما في ذلك حزب “كلنا” الذي وضعته وسائل الإعلام والساحة السياسية، في خانة “الوسط”. بينما هذا الحزب جاء من عقر اليمين المتشدد، بدءا من رئيسه موشيه كحلون، كما الغالبية الساحقة من نوابه التسعة الآخرين.
لهذا، فإننا نسمع نوابا بارزين في “الليكود” يلوحون بسياسة متطرفة تجاه القضايا الداخلية. فمثلا، يقول النائب المستوطن ياريف لفين، ومثله عديدون، إن هذه الحكومة ستكون قادرة على سن سلسلة من القوانين التي تعثرت في الماضي؛ بينها تغيير قانون وأنظمة عمل المحكمة العليا، وقوانين أخرى تتعلق بعمل وسائل الإعلام. ويطالب هؤلاء بسحب صلاحية المحكمة بإلغاء قوانين يقرّها الكنيست، تتعارض من حيث الجوهر مع قوانين حقوق الإنسان وغيرها.
ويتوقع كثيرون أن تسرع هذه الحكومة في تشريع قانون “دولة القومية اليهودية”، الذي تعترض عليه أوساط علمانية ليبرالية من جهة، واليمين الأيديولوجي التاريخي من جهة أخرى. فهؤلاء بغالبيتهم متفقون على صيغة “دولة الشعب اليهودي”، بمعنى في العالم، لكن في القانون بنود أخرى، تتعلق بعلاقة الدين بالدولة. فالعلمانيون يريدون تخفيف العلاقة، بينما “الحريديم” لا تكفيهم الصيغة بل يريدونها أشد. إضافة الى أن تيارات في “الحريديم”، ومنهم ممثلون في الائتلاف الحاكم، يتحفظون بقدر ما على صيغة “دولة الشعب اليهودي”، لكونها ليست الدولة التي تنص عليها التوراة، بل كيانا مؤقتا إلى حين يأتي المسيح لأول مرّة في العالم، حسب معتقداتهم.
ولدى تشكيل الحكومة الجديدة، سيكون هناك الكثير مما عليها معالجته على صعيد أزماتها وخلافاتها المستقبلية. إلا أن نتنياهو الذي تتملكه الغبطة وهو يشكل حكومته الرابعة، كأول رئيس وزراء بعد ديفيد بن غوريون يجري تكليفه أربع مرات بهذه المهمة، يدرك أي ائتلاف سيقوده وهو يتبنى العقلية ذاتها، إلا أنه قد يلعب دور “المعتدل”. وسيظهر كمن يلجم النواب المنفلتين الذين يطالبون بمزيد من قوانين العنصرية، في محاولة منه للظهور كـ“رئيس وزراء للجميع”.
وحتى في مسألة الصراع، فربما نسمع نتنياهو يراوغ كثيرا، ليتوهم البعض وكأنه بالفعل انقلب على تصريحاته خلال الحملة الانتخابية، برفضه قيام الدولة الفلسطينية. فتلك لم تكن تصريحات فحسب، بل هذه هي السياسة الواقعية التي انتهجها منذ حكومته الأولى في النصف الثاني من التسعينيات. وهي ذات السياسة التي اتبعها في حكومتيه في السنوات الست الأخيرة، والتي سيواصلها حتما في السنوات القريبة.
ستظهر هذه الحكومة في أشهرها الأولى منسجمة، لأنها ستكون منهمكة في إقرار مشروع الموازنة العامة للعامين الحالي والمقبل، والتي سيكون على نتنياهو التنازل فيها عن بعض من جوانب سياسته الاقتصادية الصقرية. لكن لاحقا، ستبدأ التناقضات بالظهور تباعا. وسنرى أن الأحزاب المشاركة تسارع إلى “إبراز عضلاتها”، فهي ليست معنية بالانصهار في بوتقة “الليكود”، ولها “حساب عسير” مع نتنياهو الذي اقتنص منها أصواتا هائلة من معاقلها الأساسية، وخاصة حزب المستوطنين “البيت اليهودي”.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 35 / 2165372

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع برهوم جرايسي   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2165372 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010