يُشكّل يهود جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق مجموعة سكانية ذات تأثير كبير في مسار الحياة السياسية الداخلية في «إسرائيل»، لجهة تأثيرها في ميزان الانتخابات البرلمانية للكنيست، حيث باتت أعداد اليهود من مواطني الكتلة السوفياتية السابقة تقارب سدس سكان الدولة العبرية، ويحظون بحضورٍ ملموس داخل الكنيست، حيث حزب «إسرائيل بيتنا» بزعامة اليهودي المولدافي الأصل أفيغدور ليبرمان، وهو حزب يَضُمُ في صفوفه يهود دول الاتحاد السوفياتي السابق فقط، وصاحب الكتلة البرلمانية الثالثة في الدورات الانتخابية الأخيرة المتتالية للكنيست.
إن المهاجرين الروس يُشكّلون اكبر قطاع إثني في الدولة العبرية، فهؤلاء لهم الثقل الديموغرافي الكبير في تقرير طبيعة الحكومة القادمة في «إسرائيل».
حيث يتمثل حضورهم بعددٍ من النواب في الكنيست يقترب من (16) نائباً، فكانوا خلال الدورات الانتخابية المتتالية منذ عقدين من الزمن أصحاب شأنٍ كبير في توازن الحكومات الائتلافية التي قامت في «إسرائيل» بما في ذلك في حكومة الشراكة الوطنية التي كان قد شكّلها أيهود اولمرت عام 2006 مع حزب العمل.
ومع هذا، وعلى الرغم من أنه قد مضى ربع قرن تقريباً على هجرة معظم اليهود الروس ويهود الجمهوريات السوفياتية السابقة لـ «إسرائيل» (يمثلون الهجرة الاستيطانية الأكبر في تاريخ الحركة الصهيونية والدولة العبرية)، فإنهم ما زالوا بعيدين عن حياة الاندماج الحقيقية في الدولة العبرية، فغالبيتهم الساحقة لا تزال تتداول اللغة الروسية كلغة يومية حتى عند أطفالهم، ومُعظم هؤلاء لا يجيدون اللغة العبرية، من هنا كان التنافر بين هؤلاء وبين «الثقافة الاسرائيلية»، حاداً وقاطعاً بحدودٍ ملموسة وملحوظة، مع نمو ظاهرة العودة إلى الجذور(الإثنية/القومية) بشكلٍ عام بين يهود «إسرائيل».
لقد فَشَلت جهود الدولة العبرية لبلورة «الثقافة الإسرائيلية»، المُستوعبة لثقافات الإثنيات التي ينتمي اليها اليهود في «إسرائيل» طبقاً لمواطنهم الأصلية وجذورهم القومية، وعلى الأخص منهم يهود جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق. فالمهاجرون إياهم والذين وصلوا في موجات الهجرات اليهودية الكولونيالية الكبرى الى فلسطين المحتلة أواخر ثمانينيات القرن الماضي وأوائل التسعينيات عقب تفكك منظومة الاتحاد السوفياتي السابق، قد أقاموا الكثير من الإذاعات وقنوات الكوابل التليفزيونية التي تعنى ببث الأغاني باللغة الروسية.
إن كِبَار قادة الدولة والسياسيين وجدوا أنفسهم مرغمين على تَمَلُق المنتمين الى التجمعات الإثنية المختلفة من اجل كسب تأييدهم السياسي، وخاصة منهم يهود دول الاتحاد السوفياتي السابق، عبر تشجيع الغناء بلغات البلدان التي هاجر منها هؤلاء وآباؤهم، وعبر تقديم رزم من الحوافز لهم والمتعلقة بالإسكان وشروط العمل، وتوفير القروض المُيسرة لهم.
RLS
