الثلاثاء 17 آذار (مارس) 2015

الصمود أو الهاوية

الثلاثاء 17 آذار (مارس) 2015 par صالح عوض

ليس هناك خيار ثالث أمام الفلسطينيين في غزة والضفة وأرض الـ 48 ومخيمات الشتات في هذه المرحلة الاستثنائية التي تتميز بتهاطل المشاريع والمبادرات المسمومة عليهم.. فإما الصمود على ثوابتهم التي قدموا من أجلها مئات الآلاف من الشهداء والجرحى وتعرض مئات الآلاف منهم للاعتقال وشرد نصف شعبهم إلى المنافي.. أو التعاطي مع المبادرات التي تدس السم في الدسم، مستغلة قسوة الراهن وتخلي معظم العرب والمسلمين عنهم في معركة الوجود بل تطوع بعض العرب والمسلمين لشد الخناق عليهم.

في السلطة الفلسطينية تواجه قيادة منظمة التحرير الفلسطينية واقعا معقدا على أكثر من صعيد بعد أن سارت بكل طاقتها باتجاه الالتزام بمبادرة للتسوية ودفعت من أجل ذلك جهدا خرافيا وأبدت من الالتزام فوق التصور، إلا أنها في نهاية المطاف اكتشفت أن المسألة كلها مماطلة إسرائيلية وتضييع وقت على الفلسطينيين واستغلال الزمن الضائع في التوسع في بناء المستوطنات والتهويد ونهب الثروات.. وبمجرد محاولة السلطة الاستفادة من قوانين الشرعية الدولية شنت عليها الإدارة الأمريكية ضغوطا هائلة انسحبت على مواقف البعض العربي الرسمي وثار جنون الصهاينة الذين اتجهوا إلى سلسلة منهجية لتفريغ السلطة من كل سلطة لها.. ومن حين إلى آخر وبعد هذا الانكشاف على السياسة الإسرائيلية والأمريكية يتقدم الإسرائيليون والأمريكان وسواهم من حلفاء المشروع الصهيوني بصيغ لتنفيس الاحتقان وإرجاع دوامة العمل السياسي والتسوية والمفاوضات من جديد.

وفي قطاع غزة لم تتوقف حملات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة لتكسير روح المقاومة وجعل الحياة مستحيلة لنموذج انفصل عن الاحتلال.. في قطاع غزة أصبح مليونا فلسطيني خارج القانون الإنساني يتعرضون لعقاب جماعي قلّ نظيره عبر التاريخ وتحول الفلسطينيون في قطاع غزة الى رهينة سياسية محاصرة ولا مستقبل لها.. وفي قطاع غزة أيضا تلقى المبادرات بعد أن دمروا كل شيء وهانحن نسمع من حين إلى آخر تباكي قادة إسرائيل على الوضع المزري لأهل غزة ودعواتهم المتكررة إلى رفع الحصار عن غزة ونشر مناخ يوحي باستعدادهم لرفع الحصار نهائيا.. وهنا جاءت المبادرات لبناء ميناء ومطار ورفع الحصار نهائيا مقابل هدنة خمس سنوات..

أجل إن الفلسطينيين في معاناة شديدة في الضفة الغربية وقطاع غزة وفي كل مكان يتواجدون فيه، وهم بلا شك يحتاجون إلى ميناء ومطار في غزة وهم يحتاجون إلى رفع الحواجز في الضفة وإيقاف عجلة الاستيطان والتهويد المستمر.. وهذا مطلب وحاجة ماسة.

ولكن الذي ينبغي ألا يغيب عن بال أحد أن الشروط السياسية المرافقة لهذه المبادرات لا تهدف إلا إلى شق الصف الفلسطيني وتكوين كانتونات فلسطينية وإلهاء الفلسطينيين بالأماني الخادعات، ثم إذا حان حين الجد نكتشف أن لا ميناء ولا مطار ولا سلام ولا استقرار بل مزيد من القصف والدمار والتخريب.. فمن ذا الذي يضمن ألا تدمر إسرائيل المطار والميناء بعد بنائهما كما دمّرت المطار السابق الذي دشنه الرئيس الأمريكي كلنتون؟ ما الذي يضمن لو أعادت المفاوضات تنفيذ إسرائيل للالتزامات؟ فلقد تنصّلت إسرائيل من التزامات أوسلو التي تم توقيعها في البيت الأبيض أمام العالم وبحضور رؤساء أكبر الدول في العالم.

إن الفلسطينيين مدعوون اليوم إلى إظهار أكبر قسط من التصميم على وحدة الموقف الفلسطيني والتشبث بالثوابت الفلسطينية.. كما أن على العرب الذين يلعبون بأدوات الاستعماريين أن يكفوا عن الخديعة، وعلى العرب المحترمين والمسلمين والأحرار أن يتقدموا لإنقاذ الفلسطينيين ودعمهم في صمودهم الصعب والقاسي.. تولانا الله برحمته.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 55 / 2181373

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع صالح عوض   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

24 من الزوار الآن

2181373 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 21


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40