الثلاثاء 17 شباط (فبراير) 2015

ثقافة الهزيمة وتداعيات “شارلي هبدو”

الثلاثاء 17 شباط (فبراير) 2015 par زياد حافظ

حادثة المجلّة الفرنسية “شارلي هبدو” التي ذهب ضحيتها عدد من المحرّرين والرسّامين على يد شابين فرنسيين منحدرين من أصول إسلامية رافقها موجة من الكتابات في الغرب وفي الدول العربية والإسلامية مندّدة بالعمل البشع. لسنا في إطار التحدّث عن ملابسات الجريمة التي ما زال حتى هذه الساعة تثير الأسئلة التي لا إجابات واضحة عليها. ما يهمّنا هو التحدّت عن سيل المقالات التي اتخذّت من هذه الحادثة منطلقا لتصفية حساباتها مع التراث العربي والإسلامي. لسنا معنيين بما يقوله المحلّلون والمعلّقون الغربيون بل ما يقوله المفكّرون العرب سواء كانوا مقيمين في الغرب أو متغرّبين ومقيمين في الدول العربية والإسلامية.
ما لفت نظرنا هو ترداد الأفكار المعلّبة والنمطية حول الإسلام بشكل عام وثقافة العرب بشكل خاص. فالتهمة الملفقة بشكل معمّم وبدون تدقيق هي أن الثقافة العربية مبنية على العنف وأن الحركات المتطرّفة الإسلامية جذورها في الدين وأن الإسلام لا يكترث للحرية والفرد وأن الرسالة النبوية انتهت مع وفاة الرسول الأعظم وأن لا بد من قطيعة كاملة مع التراث والإسلام للوصول إلى الحضارة والتمدّن أو على الأقلّ المباشرة بتجديد وإصلاح الدين أسوة بما حصل في المسيحية في القرن السادس عشر في أوروبا. كما أيضا هناك تهمة مضحكة وهي أن الإسلام ولد في مجتمع قبلي وغير مديني. ونتسأل هل كان بنو إسرائيل من سكّان المدن أم كانوا قبائل؟ وهل المسيحية التي أتت لتصحح انحرافات الأحبار اليهود كانت بعيدة عن مجتمعات قبلية أم كانت من الحضر فقط. فكيف نصنّف القبائل العربية المسيحية التي قاتلت الروم مع الجيوش الإسلامية؟ هل كانت بعيدة عن البداوة أم كانت لها تراث حضري؟ وهل اختفت البداوة من سلوكنا ونحن في العقد الثاني من الألفية الثالثة؟ كيف نصنّف الفئويات التي تنخر مجتمعاتنا سواء كانت من المسلمين أو من المسيحيين؟ فهل القضية قضية “الدين” أم الظروف الموضوعية التي تحدّد مسار المجتمعات كالإنتاج وتوزيعه والتخلّف والجهل؟ على كل حال هذا نموذج من التعميمات العبثية التي يتغنّى بها دعاة الحضارة والتمدين من مثقّفين عرب تمّ تغريبهم بشكل تام وفقدانهم للميزة الأساسية في الثقافة الغربية المعاصرة وهي الفكر النقدي والحر. أصبح هؤلاء من التابعين لفلسفات وقراءات مغرضة للتاريخ والمجتمع وفقا لمعايير استوردوها دون التدقيق في مدى صلاحيتها.
إن الفكرة الأساسية التي نريد عرضها هي أن الغرب ليس الحل وليس النموذج وأن الدين وخاصة الإسلام ليس المشكلة. المشكلة في مكان آخر وخاصة عند أولئك المثقفين الذين انبهروا بأفكار الغرب دون التدقيق. صحيح أن الغرب خلال القرنين الماضيين أنتج معرفة مبنية على العلوم ولذلك أسباب موضوعية تخصّ الغرب ويصعب تعميمها على الشعوب الأخرى. نذكّر هنا أن العرب والمسلمين أنتجوا معرفة ونقلوها للعالم وخاصة الغرب الذي كان غارقا في التخلّف والجهل. توقف العرب والمسلمون عن إنتاج المعرفة لأسباب ضعف في المجتمعات وتراجع في القوة وليس لأسباب الدين. فكيف يكون الدين حافزا في العصر الذهبي وعائقا في عصر الانحطاط؟ إذن المشكلة ليست في الدين ولكن في مكان آخر.
في رأينا الحل هو في المشروع النهضوي العربي الذي يحمل في طيّاته الحلول لمشاكل الأمة من تجزئة وتبعية واستبداد وتفاوت بين مكوّنات المجتمع وتخلّف اقتصادي واجتماعي وثقافي. فبالنسبة للعلّة الأخيرة نعتبر أن واجب التجدّد الحضاري متلازم مع القضاء على التخلّف وإرساء التنمية المستقلّة عبر إشراك مكوّنات المجتمعات العربية وتحرير العقل مع تحرير الأرض والإرادة عبر ثقافة مقاومة وتوحيدية وصانعة القوة من خلال الوحدة والاستقلال وترسيخ مفهوم العدالة في كافة أبعادها الفردية والمجتمعية. نعتقد أن تلك المقاربة تبيّن أن الخروج من الواقع الرديء في الأقطار والمجتمعات العربية لا يجزّ الدين في تلك العملية إلاّ بطريقة فرعية عبر بلورة منظومة معرفية عربية جديدة تبدأ بتفكيك الفكر الغربي والمستورد وتعيد النظر في قراءة النص الديني على ضوء الأرضية المعرفية المتراكمة عبر القرون والتي نقف عليها وانتهاء بثورة تربوية تركّز على العلوم والفكر النقدي.
فماذا عن الانبهار بالغرب؟
نعتقد أن الانبهار بالغرب وأفكار الغرب ليس عائدا لقيمة تلك الأفكار والمفاهيم بمقدار ما هو الاعجاب بقوة الغرب الذي حكم المنطقة بشكل مباشر وغير مباشر منذ قرنين تقريبا. اعتبر هؤلاء أن صعود الغرب يعود لمرحلة التنوير وللثورة الصناعية ولقيام المجتمع المدني والديمقراطية وصيان حرّية الفرد في إطار دولة القانون. لم يتساءلوا ولو مرة واحدة ماذا كان ليحصل لأوروبا لو لم تستعمر القارة الإفريقية ومناطق واسعة من القارة الآسيوية فحصلت على ثروات ومواد أولية رخيصة لتشغيل مصانعها فصنعت الثروة والرخاء على حساب دم وعرق ودموع الرجل الأصفر والأسمر والأسود؟ أليس الغرب هو الذي خاض في أقلّ من خمسة وعشرين سنة حربين عالميتين كلّفتا عشرات الملايين من الضحايا ويتكلّمون عن “وحشية” الإسلام والعرب؟
يتهمون العرب والمسلمين بأن لديهم ثقافة العنف وبعض العباقرة في لبنان ابتكروا مصطلح ثقافة الحياة لمن يريد “السلام” مهما كلّف الثمن خاصة إذا ما كان على حساب السيادة والكرامة الوطنية. بالمقابل يُطلق على من يروّج لثقافة المقاومة مصطلح ثقافة الموت لاستعدادهم بالتضحية الكبرى في سبيل السيادة والكرامة. نلفت النظر هنا أن الغرب المعاصر هو من يغذّي ثقافة العنف. فكيف نفسّر شعبية أفلام العنف في السينما وفي التلفزيون؟ ألم ينل رامبو إعجاب الملايين؟ وكذلك بالنسبة لروكي؟ ألم تنل أفلام الحروب والعصابات والقتل الجماعي والرخيص إعجاب الشباب في العالم؟ أليست لعبة الكرة الأميركية من أعنف ألعاب الرياضة؟ وأخيرا لماذا يتناسون أن الدستور الأميركي يقدّس حمل السلاح ويسمح بوجود الميليشيات ويتناقض ذلك مع مفهوم أساسي للدولة التي تحتكر العنف وحمل السلاح؟
أما فيما يتعلق بالولايات المتحدة قائدة الغرب والعالم المسمّى بالحر ماذا كان ليحصل بها لو لم تقم موجات من المهاجرين الانكلوساكسون بتطهير عرقي للقارة عبر إبادة الشعوب القاطنة والمسمّاة خطأ بالهنود الحمر؟ ماذا كان ليحصل في تلك الدولة لولا استعباد الإفريقيين واستيرادهم رغم إرادتهم للعمل في مزارع القطن والتبغ؟ ألم يتمّ تبرير ذلك بأنهم يقومون بتنفيذ أحكام الاناجيل؟ وهل الأناجيل مسؤولة عن استعباد الأفارقة؟ وهل كانت الولايات المتحدة لتستكمل بناء شبكة سكك الحديد التي ربطت بين شرق وغرب البلاد-القارة لولا الاستغلال البشع لليد العاملة الصينية؟ هل أفكار الآباء المؤسسين لبناء دولة حرّة قائمة على العدل بين المواطنين والسعي للسعادة هي التي جعلت الولايات المتحدة ما هي عليه أو الجرائم البشعة التي ارتكبتها بحق القاطنين الأول؟ لماذا نأخذ بالواقع الجيد وننسى الواقع الفظيع؟ وهل يتذكّر المعجبون بالولايات المتحدة الحروب الدموية التي شنتها على جزر الهاواي ومن بعدها الفيليبين في اواخر القرن التاسع عشر؟ أو على كوبا؟ أم نسوا الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة في كل من أوروبا وآسيا طيلة القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين؟ للمعلومة فإن الولايات المتحدة قادة منذ 1945 حتى 2003 3حوالي 30 محاولة انقلاب في دول لم تكن سياستها منسجمة مع سياساتها. كما انها موّلت وقمعت وقصفت حوالي 25 دولة مسببة قتل الملايين مباشرة وبشكل غير مباشر. فهل كان التنوير وحقوق الانسان المعيار لتلك السياسات والحروب؟ وكيف ينسى هؤلاء أن حلفاء الولايات المتحدة في الدول الصاعدة كانوا دائما من الديكتاتوريات؟ وهل يعتقد هؤلاء أن ولايات المتحدة في القرن الواحد والعشرين تعيش على وتيرة حقوق الانسان ودولة القانون؟ فإذا كانت الإجابة بنعم فلماذا لم تُعاقب القيادات التي ورّطت الولايات المتحدة في حروب عبثية في المنطقة بحجج كاذبة اعترفوا فيها؟ ولماذا لم تُعاقب عصابات اللصوص المهيمنين على المؤسسات المالية التي سرقت أموالا طائلة من أصحاب الودائع؟ هل فكرة المسائلة والمحاسبة مطبّقة؟ فعلى أي أساس يروّجون لنموذج لم ينتج عنه إلاّ القتل والدمار والفساد؟
هناك من سيسارع في “تفسير” ذلك التفوّق عبر مقولة أن الحضارة الغربية المتقدمة بأفكارها هي التي هزمت واستعمرت القارات والدول ناهيك عن بعض التنظيرات المغرضة التي تتكلّم عن “قابلية العرب للاستعمار”! فإذا كان ذلك صحيحا فكيف نفسّر انتصار البرابرة على الإمبراطورية الرومانية؟ كيف نفسّر انتصار هولاكو على الخلافة العبّاسية؟ هل كانت حضارة البرابرة والمغول متفوّقة على الرومان والمسلمين؟ وبالنسبة ل“قابلية العرب للاستعمار” فكيف نفسّر حرب تحرير الجزائر والمقاومة الفلسطينية الممتدة على حوالي قرن من الزمن والمقاومة في لبنان والعراق؟ فالتفسيرات المغلوطة لوقائع تاريخية تمثّل في رأينا إحدى تجلّيات ثقافة الهزيمة حيث كل شيء عند المنتصر أحسن مما موجود عند المهزوم!
وعلى صعيد آخر هل كلّفوا أنفسهم بمقاربة مفهوم الديمقراطية التي يتغنّون بها؟ هل يتكلّمون عن ديمقراطية أثينا مهد الديمقراطية ولكن المحصورة بالأحرار والتي أقصت النساء أي نصف المجتمع؟ أم يتكلّمون عن ديمقراطية الثورة الأميركية التي حصرت حق التصويت بأصحاب المال والعقارات الذين يدفعون الضرائب وأقصت النساء أيضا؟ أم يسعون إلى “ديمقراطية المال” حيث قوة المال هي التي تأتي بالممثلين عن “الشعب”؟ لا ننسى أن الولايات المتحدة اضطرت إلى خوض حرب أهلية من أسبابها تحرير السود لكن مسيرة اكتساب الحقوق المدنية للسود أخذت أكثر من مائة سنة وهناك من يعتقد أن العنصرية ما زالت قائمة في الولايات المتحدة رغم وجود رئيس في البيت الأبيض من أصول إفريقية. وأن حقوق المرأة في التصويت والمشاركة السياسة حديثة العهد وتقلّ عن مائة سنة في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا. أما في سويسرا، النموذج الذي يسعى إليه العديد من المعجبين بالثقافة الغربية فلم تحصل المرأة على حق التصويت إلاّ عام 1971! نلفت النظر هنا أن الدولة القائدة للديمقراطية في العالم ما زالت عاجزة عن إيصال امرأة إلى سدة الحكم بينما دول إسلامية كتركيا وباكستان وبنغلاديش والسنغال أوصلت المرأة إلى سدة المسؤولية الأولى في بلادهم ومنذ عدة عقود! ويتكلّمون عن "تمكين المرأة في الدول الإسلامية ويصدرون تقارير عن التنمية البشرية توصي بذلك!
وهل هناك حرّية التعبير والتفكير بينما يسجن في بلاد الغرب من يشكّك بالمحرقة وينتقد الكيان الصهيوني فيصبح من المعادين للسامية؟ ولماذا يتمّ منع الانتقاد في الاعلام المهيمن لسياسات مدمّرة سواء في السياسة أو الاقتصاد أو الثقافة إذا ما مسّت مصالح الشركات الكبرى؟ لماذا تمّت محاصرة حركة الاحتجاج على هيمنة المؤسسات المالية وتمركز الثروة بيد واحد في المائة من السكّان؟ ومؤخرا لماذا تجنّبت وسائل الاعلام المهيمنة ابراز جريمة الكراهية التي ذهب ضحيتها ثلاث شباب مسلمين؟ وكيف كانت لتتصرّف إذا ما كانت الضحايا من غير المسلمين؟ وهل يعلم المعجبون بالغرب أن وسائل الاعلام من صحف ومجلاّت ومحطاّت راديو وتلفزيون وحتى استديوهات السينما تملكها شركات لا يتجاوز عددها الأصابع العشرة؟ للعلم فإن الولايات المتحدة سقطت إلى مرتبة 49 في العالم بالنسبة لحرّية الصحافة وفقا لتقرير “مراسلين بدون حدود”! فإذا غابت حرّية الاعلام عبر القيود والرقابة والمال غابت إمكانية المسائلة والمحاسبة. لذلك لم تقدم الصحافة الأميركية على مسائلة المسؤولين الأميركيين الذين جزّوا البلاد في احتلال العراق! وعلى ما يبدو تكرّر الصحافة، أي النيويورك تايمز والوال ستريت جورنال والواشنطن بوسط نفس السيناريو تجاه روسيا في الأزمة الأوكرانية وكأنها لم تتعلّم شيء من الماضي! ويمكن أيضا تعميم ذلك على الصحافة الفرنسية والبريطانية والألمانية التي غذّت الأزمة الأوكرانية كما غذّت الحرب على سورية.
فعن أي حرّية رأي يتكلمّون إذا ما كان إعلامهم تحت السيطرة شبه الكاملة؟ أليس واقعنا في الدول العربية مشابها لذلك دون الادعاء بحرّية التعبير؟ وماذا عن فضائح التجسس على الأفراد وحتى المسؤولين سواء في الولايات المتحدة أو في سائر العالم فهل ذلك معيار للحرّية؟ وماذا عن القوانين التي تسنّ بحجّة مكافحة الإرهاب وتقلّص الحرّيات العامة التي يتشدّقون بها إلى مستويات متدنية؟ ماذا يعني سجن دون محاكمة كل من يعارض سياسات الدولة تحت سقف قانون الباتريوت؟ أليس هناك قيود على حرّية حركة رؤوس الأموال بحجة مكافحة الإرهاب والجريمة لكل من يعارض سياسة الدولة؟ ألم يتكلّم العديد من أدباء الغرب عن تعاظم دور الدولة في مراقبة الأشخاص وأن البارا نويا أصبحت من سمات تلك المجتمعات؟ لماذا يُلاحق كل من جوليان ديسانج وادوارد سنودن اللذين فضحا انحرافات القيادات الغربية وكذبهم على شعوبهم وارتكاب مخالفات للدساتير والقوانين، ويتكلّمون مع كل ذلك عن “دولة القانون والمؤسسات”!
أما على صعيد قوّة المال فيتم مكافأة من يقوم بأكبر عملية اقتناص أموال المدّخرين كما فعلت المؤسسة المالية الكبرى غولدمان ساكس وأزرتها مؤسسة تقييم الائتمان كستاندارد أند بور أو مودي أو فيخت. بالمناسبة كانت مؤسسة غولدمان ساكس من نصح الحكومات اليونانية في الاحتيال على القوانين الضابطة للاتحاد الأوروبي وأوقعتها في سياسات الدين والفساد المالي! فأين دولة المسائلة والمحاسبة ودولة القانون في تلك الجرائم الكبرى التي هدّدت مصير الولايات المتحدة ومعها سائر العالم؟
ألم يتسرّب المال إلى المسار الديمقراطي وتحت حماية القانون بحجة أن المال وسيلة من بين وسائل التعبير وبما أن الدستور الأميركي يصون حق التعبير فلا يمكن وضع حدود للإنفاق المالي في الحملات الانتخابية؟ والمفارقة في كل ذلك هو تثبيت ذلك بقرار من المحكمة الدستورية العليا فحتى تلك المؤسسة تمّ إفسادها فأصبحت أسيرة مصالح المال! ألم يصبح المسؤول المنتخب لأي منصب رفيع أو متوسط أو حتى متدنّي مدينا بوجوده في موقف المسؤولية لمن مدّه بالمال وليس للناخب الذي أوصله إلى الموقع؟ أليس تلك الثقافة التي تسمح بشراء كل شيء طالما المال هو المسيطر والسمة الأساسية للسلوك السياسي والاقتصادي والاجتماعي وحتى الثقافي؟ ألم تعمّم تلك الثقافة في الانتخابات النيابية الماضية في لبنان حيث المال كان الناخب الأول؟
وهل اعتبر المعجبون بالغرب أن دولة القانون محصورة به وأن لا قانون ولا مسائلة ولا محاسبة في الإسلام؟ فكيف عاشت الشعوب التي دخلت الإسلام وازدهرت تحت رعايته بينما كانت أوروبا في الظلام؟
والآن ماذا عن الهجوم على الإسلام والثقافة الموروثة عبر القرون؟
يعتبر المعجبون بالغرب أن الإسلام يحمل عبر القرآن الكريم دعوات إلى القتل ويؤسس لثقافة الموت بدلا من ترويج ثقافة الحياة. فعلى ما يبدو فإن هؤلاء لا يعرفون القرآن ولا يعرفون من التراث إلاّ القليل وخارج سياقه الطبيعي أو المقصد. لا داعي للدخول في سجال معهم حول الموضوع نكتفي بالقول إن القرآن الكريم لا يدعو إلى القتال إلاّ في حال الدفاع عن النفس وقتال الأعداء بمثل ما يقاتلون المسلمين.
أما اللذين يدعون إلى “ثورة” في الإسلام أو “إصلاح” فنلفت النظر أن هؤلاء يجهلون تاريخ الفكر الإسلامي الذي منذ اللحظات الأولى فتح باب النقاش على مصراعيه حول المفاهيم وتكيّف مع الظروف الموضوعية التي أحاطت به. فالاجتهاد ما زال قائما ولم يغلق كما يدّعي الجاهلون بالإسلام وإلا كيف نفهم انتشار الفتاوى حول كل موضوع وحول كل شيء؟ أليس ذلك اجتهادا؟ بالمقابل ليست كل الاجتهادات صائبة وقد تكون مبنية على معايير لم تصبح قائمة أو صالحة فيجب الإعادة النظر بها. ولكن هناك فرق كبير بين إعادة النظر في الاجتهاد وإعادة النظر في الدين والنص. ليس هدفنا الدخول في سجال حول ما يمكن أن يقوم به المسلمون ولكن نقول إن أولئك اللذين يوجّهون الانتقادات يمينا وشمالا أن يتريّثوا ويعيدوا قراءة التاريخ والتراث بشكل موضوعي وليس بناء على أفكار مسبقة. وسيكون لنا كلام في ذلك الأمر لاحقا.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 20 / 2178515

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع زياد حافظ   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2178515 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40