الاثنين 9 آب (أغسطس) 2010

يا أهل غزة : الموت عليكم والأكفان علينا

الاثنين 9 آب (أغسطس) 2010 par فرج بو العَشّة

المتضامنون الغربيون الإنسانيون هم من ابتكروا فكرة كسر الحصار عن غزة ودبروا وسائلها، بحراً وبراً، بينما كان بنو يعرب مستسلمين لخنوعهم المعتاد لأنظمة الاستبداد والفساد.

المتضامنون الغربيون الإنسانيون، ضمن حركة «غزة حرة» و«الحرية لغزة»، هم من سيروا في البحر سفنهم الصغيرة. فتمكّن بعضها من اختراق الحصار الصهيونازي، يوم وصلت إلى ميناء غزة صباح الخميس 28/08/2008 تلك السفينتان الصغيرتان، ونزل أولئك الناشطون المنتمون إلى سبع عشرة جنسية في قلوب الغزيين الذين استقبلوهم استقبال الأبطال الأسطوريين... لم يكن الغزيون معنيين بما تحمله السفينتان من معونات. فذلك ليس مطلب شعب مقاوم عزيز النفس. كانوا يدركون أن ما قام به الناشطون الإنسانيون لن يرفع الحصار نهائياً. لكن فرحتهم كانت تعبيراً عن امتنانهم للإخوة الإنسانية التي جاءت بهولاء الأجانب الشرفاء إلى شاطئ قطاعهم المعزول ظلماً وعدواناً عن العالم.

ثم سيّر المتضامنون الأجانب، وبمعيتهم عرب ومسلمون مقيمون في أوروبا، قوافل شريان الحياة. كانت أكبرها قافلة «شريان الحياة 3» التي تكونت من 250 آلية ضمت سيارات إسعاف ومركبات عادية وشاحنات. قطعت أكثر من عشرة آلاف كيلومتر، حاملة ما استطاعت من المساعدات الإنسانية والمعدات الطبية، مع وفد من حوالي 465 شخصية من 17 دولة، بقيادة المناضل العالمي جورج غالوي، الذي دخل في مجابهة شجاعة مع الفرعوني حارس معبر رفح، من أجل إدخال القافلة، التي سعت، كما قال غالوي، إلى إيصال : «الأمانة التي حمله إياها مئات الآلاف من الأشخاص في بريطانيا من مختلف شرائح المجتمع، بمن فيهم الفقراء والمحتاجون، من أجل ضمان أن يكون لكل طفل فلسطيني ملابس يرتديها ولكل مريض علاج يتناوله، ولكل من هدم منزله أن يجد سكنا يؤويه».

أما من جهة بني يعرب فقد فتحت المبادرات الإنسانية الصادقة القادمة من الغرب لكسر الحصار عن عرب غزة المحاصرين من العدو «الإسرائيلي» والأخ العربي والشقيق الفلسطيني (في المقاطعة)، سوق المزايدات الرسمية والشعبية في إظهار التضامن مع أهل غزة. ومع الاحترام الواجب لنوايا قوى الشارع العربي الشعبية في تسيير قوافل كسر الحصار، إلا أن كثيرها لم يسلم من أغراض المزايدة، بل ان الكثير من المساعدات، لاسيما الأدوية كانت منتهية الصلاحية أو على وشك انتهاء تاريخ صلاحيتها، اما بدون قصد أو بسبب استغلال «تجار الحروب» لمأساة غزة، على حد تعبير الدكتور منير البرش مدير عام الصيدلة في وزارة الصحة في تصريحه لصحيفة «القدس العربي». وليس مستغرباً كما أشار الدكتور البرش الى أن : «يكون بعض المسؤولين الاداريين في بعض الدول (العربية) هم من ادخلوا هذه الادوية بعد تلقيهم اوامر عليا حتى لا تتم محاسبتهم عن وجود هذه الادوية المنتهية الصلاحية». والأنكى أن البعض لم يتورع عن إرسال عشرة آلاف كفن الى غزة بمقاييس للأطفال والكبار، في إهانة مقيتة لكرامة الفلسطينيين الإنسانية وقضيتهم النبيلة. وكأن لسان حال هؤلاء العربان المتبرعين بآلاف أمتار الأقمشة البيضاء، يقول لأهل غزة : الموت عليكم والأكفان علينا.. يذكرني ذلك بذاك القومجي الجعاج الذي طالب المقاومين الفلسطينيين أثناء حصار بيروت (1982) بالانتحار..!

وإذا كانت هناك قوى عربية شعبية حاولت بصدقية أن تكسر الحصار البحري على غزة، مثل سفينة الإخوة اللبنانية التي سيّرتها جمعيات أهلية لبنانية، أو محاولة السفينتين اللبنانيتين «مريم» و«حنظلة» المزمع انطلاقهما في اتجاه غزة، إلا أن ما يغيض أن تصل المزايدة العربانية الرسمية، على دوافع الناشطين الغربيين الإنسانية، إلى حد الاستخدام السياسي الرخيص للمساعدات الرسمية في الدعاية للحكام العرب وتلميع صورهم وصور ورثتهم بحسبانهم يحبون فلسطين حباً جماً، بينما بعضهم مسؤول مسؤولية مباشرة عن محاصرة غزة وأهلها مثل البيه بواب رفح. وهم لم يكتفوا بإرسال المساعدات عبر البرّ، حيث يمكن مساومة البيه البواب، بل دخلوا المنافسة على البحر، لاسيما بعد حادثة شهداء السفينة «مرمرة» وما ترتب عليها من مواقف تركية بطولية، شعبية ورسمية، ضد العربدة «الإسرائيلية». وهنا نتوقف عند مآل ما سميت بـ «سفينة الأمل». شخصياً كنتُ واثقاً، ومعي معظم الليبيين لمعرفتنا بطبيعة النظام الذي يحكمنا، أن الأمر لا يتعدى كونه استعراضاً إعلامياً لحملة دعائية «بحرية» غرضها تلميع صورة الوريث. وأن لا علاقة لها من قريب أو بعيد بأي تضامن قومي أو إنساني مع أهل غزة. وكان واضحاً منذ البداية أن سفينة المزايدة الدعائية سوف ترسو في ميناء العريش، غير بعيد عن منتجع شرم الشيخ، الذي يقضي فيه بواب رفح نقاهته الممتدة منذ عقد تقريباً. وكما هو متوقع، توجهت «الأمل» إلى ميناء العريش وفق سيناريو مُعد، تضمن، كما كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، وساطة رجل الأعمال اليهودي السويسري مارتن شلاف المعروف بعلاقته القوية مع وريث العرش الثوري في سرت، وكذلك مع وزير الخارجية «الإسرائيلي» أفيغدور ليبرمان، علاوة على تدخل وزير المخابرات المصرية اللواء عمر سليمان. وبالنتيجة تحقق ما تريده «إسرائيل». إذ سجلت سفينة «الأمل» سابقة تزكي وتعزز الموقف «الإسرائيلي» بتوجيه سفن كسر الحصار إلى العريش أو أسدود. وكأن أهل غزة المغزولين من عزة النفس، في حاجة حقاً إلى ما تحمله سفينة الأمل المهترئ.

فباسم الليبيين : سامحونا يا أهل غزة..

سامحنا يا جد سيد العرب وخاتم أنبياء رسالات التوحيد الكبرى، المدفون بحي الدرج في مدينة غزة القديمة..

إننا ندرك أنكم في حاجة إلى عودة روح عمر المختار إلينا وليس لسفينة أمل مهترئ.

ولسنا وحدنا فجميع العرب في الذل سواء.

وليس من حقنا، ونحن قطعان مُساقة حسب توجهات الحاكم بأمر مزاجه، أن نتنطح لفك الحصار عنكم أنتم الأحرار، رغم الحصار والعدوان..

يا أهل غزة الأحرار الكرام، لا تعولوا علينا، فنخوتنا منتهية الصلاحية كالأدوية المنتهية الصلاحية التي وصلتكم من جهتنا، وتورطتم في كيفية التخلص منها مع الحفاظ على البيئة..

إننا ادعياء إلى حد الوقاحة.. أي إلى حد التجرؤ على تزويدكم بالأكفان.. والضحك على معاناتكم بسفينة مهترئة يُطلق عليها اسم «الأمل»، فإذ بها «أمل» لـ «إسرائيل» لكسر آمال كاسري الحصار الحقيقيين من بني الغرب الإنسانيين.

فلا تعولوا يا أهل العزة على بني يعرب الأذلاء في معركة فك حصار بني صهيون عنكم. فذلك يشترط، من حيث المبدأ، فك الشعوب العربية، لاسيما عرب الطوق حول فلسطين المحتلة، حصار أنظمة الاستبداد والتبعية عليها، كي تحرر إرادتها السياسية، فتمتلك حق تقرير مصيرها الوطني في نظام ديمقراطي حقيقي.

وإلى ذلك الحين شكراً، أيها العرب، على عواطفكم الجياشة. ولكن، إذ أردتم حقاً فك الحصار عن غزة، حتى لا نقول الشراكة العملية في تحرير فلسطين، على الأقل الواقعة في حيز 22 في المائة من كل فلسطين، دونكم، أولاً، فكوا حصار أنظمة الاستبداد والتبعية عن وجودكم كي يكون لشهامتكم في فك الحصار عن غزة مغزى شريف..



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 38 / 2165325

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2165325 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010