الأحد 8 شباط (فبراير) 2015

السلطات - اللاجئون

الأحد 8 شباط (فبراير) 2015 par د. مصطفى يوسف اللداوي

الهاربون من ويلات الحرب، والفارون من جحيمها، والناجون من أورارها، الذين حالفهم الحظ ووجدوا بيتاً آمناً، لا يسمعون فيه أصوات الأعيرة النارية، ولا انفجارات الصواريخ، ودوي المدافع...

ولا يرون المسلحين وبأيديهم البنادق، وعلى أكتافهم القذائف والصواريخ...

ينامون بهدوء، فرحين مستبشرين راضين عن كل شئٍ حولهم، لا يريدون المزيد...

لا يتبطرون ولا يتبرمون ولا يشكون ولا يعترضون ولا يستكبرون ولا يتأففون...

يحمدون الله سبحانه وتعالى على هذه النعمة الكبيرة... والشعور بالأمان السابغ...

يحضنون أطفالهم، ويحنون على بعضهم، ويتراصون في فراشهم ليتسع لهم ويكفيهم...

يسهرون.... ويتسامرون ويضحكون... وأحياناً يلعبون وترتفع أصواتهم صخباً وفرحاً...

ويأكلون جميعاً من صحنٍ واحدٍ، ويشربون من زجاجة ماءٍ واحدة...

يحمدون الله بعدها على نعمة الماء الذي أذهب الظمأ، وعلى فضل الطعام الذي أسكت الجوع...

يشعرون بشئٍ ناعمٍ رقيقٍ تحتهم، وبعضاً من غطاءٍ دافئٍ فوقهم...

ينامون وينظرون إلى سقفٍ فوقهم غير السماء...

يحمدون الله أن هناك مصباحاً مضيئاً يتراقص فوق رؤوسهم، يبدد ظلامهم، ويؤنس وحشتهم، ويذكرهم أنهم لاجئين بحمد لله، لهم حق الحياة وحق البقاء، وليسوا مواطنين محرومين من العيش الكريم وحق الحياة...

السلطات ... سلطات الدولة والتنظيم، والحزب والحركة والفصيل، كاذبة وإن صدقت، وهي ظالمة وإن ادعت العدل، وهي عنصرية وإن نادت بالمساواة، وهي دنسة وإن بدت طاهرة، ومذنبة وإن تظاهرت بالقداسة، وهي سارقة وإن روجت للعفة، وأعلنت أنها شفافة ونزيهة، وصادقة وأمينة، والقائمون عليها ليسوا أهلاً للمسؤولية، ولا عنوناً للواجب، وإن ظهروا أنهم رجال المرحلة، ورواد المسيرة.

فلا تصدقوا روايتها، ولا تنخدعوا برجالها، ولا يأخذكم بريق شعاراتها، ولا رنين كلماتها، وبهرج حديثها، ولا تركنوا إلى وعودها، ولا تطمئنوا إلى أقوالها، ولا تأمنوا شرها، ولا تستندوا إلى عدلها، ولا تستظلوا بظلها، ولا تنتظروا فيئها، ولا تقبلوا عذرها.

بل ابذلوا جهودكم لتكشفوا عورتها، وتبينوا أخطاءها، وتفضحوا عيوبها، وتعروا المخطئين فيها، والمجرمين منهم، والمنحرفين من بينهم، ثم انزعوا الثقة منها بسلميةٍ ووفق الأسس الديمقراطية، واسحبوا الشرعية منها أصولاً، ولا ترتكبوا في سبيل ذلك أخطاءً تبرر جرمهم، وتطيل في عمرهم، وتعمق جذورهم، بل كونوا عقلاء فطنين، واعين ومدركين، فهم يخططون لتخطئوا، ويعملون لتزل أقدامكم وتنحرفوا، بل إنهم يزرعون بينكم مجرمين وقتلة، وسفاكين وسفلة، لينفذوا ارادتهم، ويصلوا بهم إلى غايتهم.

كونوا ثوريين واعين كي لا تجددوا لهم العهد إن استطعتم، لتخلصوا اليلاد والعباد منهم، فتلك بطولةٌ ما بعدها بطولة، وتحدي وإرادة تنحني لها الجباه تقديراً ووفاءً، وتتضائل أمامها النضالات والتحديات.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 72 / 2165475

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام الموقف  متابعة نشاط الموقع د.مصطفى اللداوي   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

12 من الزوار الآن

2165475 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010