السبت 17 كانون الثاني (يناير) 2015

نتنياهو الإرهابي والغرب “الأخلاقي”

السبت 17 كانون الثاني (يناير) 2015 par يونس السيد

أثارت مشاركة رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو الاستفزازية في مسيرة باريس العالمية ضد الإرهاب سخطاً وغضباً شعبياً، وجدلاً واسعاً في الساحة الدولية، ليس بسبب وقاحته المعهودة، وتحديه قصر الاليزيه في الذهاب من دون دعوة فحسب، بل لأن وجوده في باريس يسبب حرجاً لفرنسا بالذات، ويذّكر العالم بماضيه الإرهابي الذي أراده أن يكون حاضراً في هذه التظاهرة العالمية، كمن يقتل القتيل ويمشي في جنازته، بحماية المعايير المزدوجة للغرب وأخلاقياته المزعومة في التعامل مع قضايا الإرهاب .
بهذا المعنى ذهب نتنياهو الإرهابي بامتياز إلى باريس، وكل العالم يدرك أنه قبل عدة أشهر فقط، قتل نحو 2500 فلسطيني في قطاع غزة، ودمر عشرات آلاف البيوت فوق رؤوس أصحابها، وهجّر مئات الألوف الذين لم يجدوا مأوى يلجأون إليه للاحتماء من العاصفة الثلجية التي اجتاحت المنطقة مؤخراً، من دون أي اعتراض أو مساءلة من جانب الغرب الذي يدّعي الحرص على الديمقراطية وحقوق الإنسان . لقد أراد نتنياهو استغلال هذا الحشد العالمي، غير المسبوق، ضد الإرهاب، في شن حملة تحريض عنصرية بغيضة ضد العرب والمسلمين ووصمهم بالإرهاب، بالتزامن مع حملة تحريضية مماثلة من جانب الصحافة ووسائل الإعلام الصهيونية، ربما لقطع الطريق على ما تردد في الغرب حول وجود أصابع صهيونية وراء هجمات “شارلي إيبدو” وملحقاتها، على غرار ما تردد عن وجود مثل هذه الأصابع إبان هجمات 11 سبتمبر/أيلول الأمريكية، من أن الجماعات الإرهابية المنفذة لم تكن سوى واجهة استغلتها أجهزة الاستخبارات الصهيونية لتحقيق عدة أهداف مركبة في آن واحد .
لكن تصريحات نتنياهو التي طالب فيها دفن القتلى الأربعة في المتجر اليهودي، ودعوته اليهود الفرنسيين للهجرة إلى الكيان، قلبت السحر على الساحر، ووضعته في مواجهة حادة مع فرنسا إلى درجة أنه لم يجد مكاناً في الحافلتين اللتين أقلتا زعماء الدول المشاركة إلى مكان التظاهرة، بل إن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الذي ألقى كلمة في المعبد الرئيسي في باريس تعمد أن يغادر المعبد قبل أن يبدأ نتنياهو كلمته .
هناك أسباب أخرى، بطبيعة الحال، دفعت نتنياهو للذهاب إلى باريس، منها ما يتعلق بالحملة الانتخابية “الإسرائيلية” ومحاولة استغلال هذا الحضور في مواجهة خصومه السياسيين، خصوصاً بعد أن علم بقرار وزيريه الإرهابيين أفيغدور ليبرمان ونافتالي بينيت المشاركة في التظاهرة، وذلك للظهور منفرداً بمظهر من يحقق انجازات للكيان، حتى ولو عبر محاولته الفاشلة لمحو صورته الإرهابية في أذهان العالم . وهناك أيضاً دعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، التي وإن كانت مثيرة للاستغراب والدهشة، كونها جاءت رداً على إصرار نتنياهو على المشاركة، إلا أنها، مع ذلك، شكلت دافعاً إضافياً لدى الأخير للذهاب وزيادة حراجة الموقف الفرنسي .
ولكن أياً تكن أسباب نتنياهو ودوافعه، فإن المسؤولية بالدرجة الأولى تقع على عاتق الغرب، الذي لا يزال يتعامل مع “إسرائيل” كدولة فوق القانون، ويبرر جرائم قادتها، على حساب كل الأخلاق والقيم التي يدّعي رعايتها، وهي صورة بدأت تتهاوى في نظر العالم بسبب الانحياز الأعمى لهذا الكيان .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 75 / 2166056

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

26 من الزوار الآن

2166056 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 26


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010