السبت 17 كانون الثاني (يناير) 2015

ما بعد الجليل

السبت 17 كانون الثاني (يناير) 2015 par زهير ماجد

يسترجع الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله وجها لتاريخ سما في المنطقة حين كانت قبلة المسلمين القدس، كأنما ينقص المسلمين الكثير بدون المدينة المقدسة، وحين استرجعها صلاح الدين الأيوبي، كتب على صفحة من صفحات ذلك التاريخ عنوانا لا يجوز تغييره أو التغاضي عنه ويخص القدس أيضا.
هذه الروحية في التسمك بفلسطين كشرط لأداء سليم وحقيقي وصميمي في المنطقة، لم يعد أمامها أي من المهمات الأخرى .. فتحريرها واجب شبيه بالصلاة والصوم، إنه الفتح المنتظر الذي لا يغيب عن بال زعيم حزب الله، ويوم قال عن معركة الجليل، أعطى بالأمس صورة أوسع لما بعد الجليل، هل هي الإمكانيات الجديدة التي توافرت بعد معارك الحزب في سوريا، أم هي الإضافات في السلاح، وإن كان عنوان الرجال يظل بطولة مفتوحة رغم وجود السلاح أو عدمه.
لا شك أن كلمة ما بعد الجليل أصابت الإسرائيلي الذي تتقلص قامته وبات يحب الانزواء خوفا من هيبة تطل على المنطقة تقصده هو بالذات وترى فيه الجرم الذي يعتم صدر حريتها. كل إسرائيلي بمثابة مجرم تائه في مساحة سوف تنكره عند الحاجة، ولسوف تنساه عندما يطل التاريخ بكل معانيه مملوءا بالحنين إلى تكرار اللحظة التي أعطى فيها صلاح الدين الأمان لأهلها بعد أن حررها، فخرج منها من خرج، وهكذا التصور الممكن لمعركة لن ينتصر فيها إلا ذاك اللاعب الذي لا تغيب فلسطين عن باله، يكاد وحده تقريبا من لا يفكر فقط بها، بل يعمل لأجلها، ويهيئ جيوشه للعبور إليها، ويتحدث عن ذلك اليوم كأنه يمسكه بيده أو يراه عن قرب.
كثيرون لم يصدقوا بعد أن قصة فلسطين لن تكون وسط بازار السياسة، بل هي كتاب الدم المفتوح لمن أرادها جسر عبور لعالم آخر غير الذي يعيشه الفلسطيني تحديدا والعربي معه .. ليست النكبة الفلسطينية فقط في إخراج الفلسطيني من بلاده، بل هي الترتيب الذي قسم الأمة بعدما رجع فيها غريبا فيه كل الشذوذ وأبرزها أنه لن يعرف أيضا أن الذين أسكنوه فلسطين على حساب شعبها إنما وضعوه في دائرة الموت أيضا، ورسموا له أن لا تهدأ أيامه، بعدما اعتدى ونهب وسرق مكانا جوهرة وتاريخا من ألمعه.
ما بعد الجليل كلمة من أسرار المرحلة التي يعاد السيطرة عليها ليس بالشعارات، بل بالتقليد الجديد الذي عنوانه مقاتل وسلاح، مقاتل عقائدي مسحور بالأمانة التي تقلدها فكان أهلا لها، وسلاح لن يصدأ في المخازن، سيكون له توجه في الحين الذي تنده روح فلسطين عليه.
ما أخذ بالقوة إذن لن تعيده إلا القوة، فكرة مخترعة من ليل عربي قدر له أن يطول نهارا، وسيظل طرقا قويا إلى أن ينده صلاح الدين من جديد. رغم الهزيمة التي أوقعها صلاح الدين بالصليبيين ظلوا يكتبون عنه الشعر الجميل ويمدحونه، لأنه خلصهم من أزمتهم الاستيطانية .. واليوم كلما تحدث نصرالله صدقه الإسرائيلي وامتدحه، فلقد عرف أن هذا القائد الشجاع سوف يسمح له بالخروج من فلسطين التي صار لها موعد مع حلم مقدس، وسيكون شاهدا على لحظات خروجه.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 33 / 2165266

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

8 من الزوار الآن

2165266 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 8


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010