الخميس 15 كانون الثاني (يناير) 2015

في يوم ميلاده كان نهج ناصر حاجة عربية وبات اليوم حاجة عالمية

الخميس 15 كانون الثاني (يناير) 2015 par معن بشور

كلما باعدت السنون بين زمن جمال عبد الناصر وزمننا المليء قهراً وعنفاً وتطرفاً وغلواً ، كلما اكتشف أبناء الأمة ، كما أحرار العالم ، كم تفتقد البشرية بأسرها نهجا جامعاً كالذي مثّله قائد كأبي خالد.
فلقد كان نهج القائد الراحل يوحد ولا يفرق ، يصون ولا يبدد ، يصون كرامة الإنسان ، فكيف بحياته ، يقّدم صورة نقية عن العروبة التي تجمع ، وعن الإسلام دين الرحمة والتسامح والانفتاح …
لقد نجح قائد ثورة 23 يوليو في أن ينتزع احترام خصومه بقدر ما انتزع حب مؤيديه وحماستهم ، حتى جاء يوم أدرك خصوم الرجل الكبير كم خسروا برحيله ، وكم انفلت الغلو من عقاله بغيابه ، وكم بات التطرف الأعمى سيد الموقف بعد أن حوصر نهجه الجامع.
لقد بات الجميع يدرك اليوم ، سواء أبناء الأمة الذين احتضنوا قائدهم بأغلى ما يملكون ، أو تلك التيارات أو الحكومات التي ناصبت عبد الناصر العداء ، أن أهل الحرب على العروبة ، وقد كان ناصر حامل لوائها ، و أصحاب السعي لتحطيم فكرة الوحدة العربية القادرة وحدها على استنهاض الأمة وتحريرها من التبعية والتخلف والفقر والجهل ، لم يتمكنوا –ولو إلى حين- عبر حروبهم ومؤامراتهم من الزعيم الملهم ومما كان يمثله من رموز فحسب ، بل إنهم يكتشفون اليوم أنهم بشيطنتهم لفكرة العروبة الجامعة إنما كانوا يفتحون أبواب جهنم على الأمة نفسها ، وعلى الكون بأسره.
فهل كان لأهل الغلو والتطرف أن تنتعش مشاريعهم التدميرية ، كما هو حالها اليوم ، لو كان جمال عبد الناصر مازال حاضرا بفكره ورؤيته على رأس مصر والأمة العربية ، وهل كان لهذه العصبيات التفتيتية المدمرة أن تتفشى اليوم في ربوع المنطقة والعالم لو كانت العروبة الديمقراطية الحضارية متكاملة مع الإسلام وباقي الرسالات السماوية هي الهوية السائدة في وطن كبير يجمع في حناياه بين عرب مسلمين وغير مسلمين ، ومسلمين عرب وغير عرب .
إن استحضار ناصر ، القائد والنهج والسيرة اليوم ، لا يعفينا بالطبع من مراجعة تجربته خصوصا ، وتجربة الحركة القومية العربية عموما ، وإبراز أخطاء وخطايا وقعت بها والسعي للتخلص منها ، كما لا يعفينا بالطبع من مسؤولية القيام بعمل قومي جامع يتجاوز كل الاعتبارات الذاتية والحسابات الآنية لإطلاق تيار واسع في الأمة يجرف فيما يجرف كل نعرة أو عصبية أو سلوك هدد وما يزال ، وحدة الأمة واستقلالها وتنميتها وأمنها واستقرارها .
واليوم وقد وصلت شظايا السم المطبوخ لامتنا ، إلى كل أصقاع العالم ، إلا يحق لنا أن نقول أن جمال عبد الناصر ونهجه الاستقلالي ، وفكره القومي والتقدمي ، لم يكن حاجة عربية فقط ، بل هو حاجة اقليمية ودولية أيضاً لا سيما لمواجهة أولئك الذين ظنوا أنهم بحروبهم على جمال عبد الناصر وما يمثله ، وعلى العروبة ومن يحمل لوائها ، سيرتاحون حيث هم ، فإذ بهم يدفعون اليوم ثمن رهاناتهم ، وإذ ببلادهم لا تواجه الإرهاب الوافد بأبشع صوره فحسب ، بل تئن تحت وطأة العنصرية التي ما تمكنت من مجتمع إلا ودمرته ، وما توغلت في بلاد إلا وحطمتها.
في ميلادك يا أبا خالد عهد من الأوفياء لنهجك أن يعيدوا عبر مشروع نهضوي وحدوي جامع بناء القلاع التي بنيت ، والجسور التي أقمت ، والهوية الجامعة التي حميت.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 40 / 2165247

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع معن بشور   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2165247 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010