الأربعاء 14 كانون الثاني (يناير) 2015

كوخ غزة

الأربعاء 14 كانون الثاني (يناير) 2015 par د.احمد جميل عزم

أحد مناهج فهم ما يحدث في قطاع غزة، هو منهج “دراسة الحالة”؛ إذ تأخذ قصة انفجار أو تفجير محول كهرباء في منزل مسؤول فلسطيني مقيم في رام الله وبيته في غزة فارغ، أو نصب كوخ صغير لشرطيين أدى إلى إقفال المعابر، أو لاختطاف شرطي مصري، وتحلل معنى هذا الحدث وأطرافه وأسبابه. لكن منذ البداية، تصبح الحقيقة الصادمة أنّ صغائر الأمور صارت تلخص مأساة بأكملها.
الأسئلة الآن في غزة هي: أي معبر يفتح؟ ومن سبب الإغلاق؛ “فتح” أم “حماس”؟ وهل يقوم محمد دحلان بفتحه؟ من الذي فجّر بيوت قيادات “فتح” والصرافات الآلية للبنوك؛ هل هم رجال “حماس” الغاضبون من الاتفاق ومن توقف رواتبهم، كما تزعم “فتح”، أم هم رجال دحلان، كما تزعم أصوات في “حماس” في إطار خلاف فتحاوي داخلي، أم أصابع إسرائيلية؟
في هذا المقال نقاش لإغلاق معبر “بيت حانون”، أو ما يسميه البعض بالاسم العبري “إيرتز”، بين الأراضي المحتلة العام 1948 وقطاع غزة؛ وإغلاق معبر رفح مع مصر. وإغلاق المعبرين يعني إغلاق كل غزة على أهاليها وسكانها.
سبب إغلاق معبر “بيت حانون”، بحسب رواية مسؤولي حكومة “حماس” السابقة، هو أن عنصرين من الشرطة الفلسطينية يقومان بعملهما اليومي بمساعدة المواطنين المسافرين، رفضَ الارتباط المدني الفلسطيني التابع لأمن الضفة (بحسب تعبير المسؤول) إدخالهما مكاتب الارتباط ليحتميا من البرد والمطر، “ما اضطرنا لوضع صندوق حديدي بطول متر وعرض متر ليحتمي به رجال الشرطة من المطر والبرد. فتذرّع الارتباط الفلسطيني بأن الجانب الإسرائيلي رفض هذا الإجراء من قبلنا، الأمر الذي تبيَّن عدم صحته فيما بعد”. ويمكن أن ننجرّ للنقاش فنسأل: لماذا برزت الحاجة لهذا الصندوق-الكوخ الآن، بعد 7 أعوام من الانقسام، بكل ما مر فيها من شتاء وثلوج؟ وأن نسأل أيضا: ألا يوجد مسؤول تابع للحكومة الحالية يتمتع بدبلوماسية، يحل مشكلات من هذا النوع؟ أو نسأل: هل حقاً “حماس” تريد مواصلة فرض وجودها كسلطة، رغم خروجها من الحكومة، وأنها لا تنوي العودة إلى لعب دور المقاومة حصراً، فكل ما تريده هو أن تدفع الحكومة مصاريفها؟
عمليا، قيل يوماً إنّ “فتح” رفضت تسليم السلطة فعليا لـ“حماس” يوم فازت هذه بالانتخابات. وقيل يومها إنّ الوضع كما لو كانت “فتح” تسكن بيتاً ملكيته الآن بيد “حماس”؛ فكانت المؤسسات مليئة بأعضاء “فتح” الذين لا ينفصلون عن ارتباطهم الفصائلي، فيما الوزراء من “حماس”. والآن يحدث العكس؛ سكّان السلطة من “حماس”، والملكية (إن صح التعبير) بيد حكومة خارج سيطرة “السكّان-الموظفين”. الموضوع، إذن، ليس استراتيجية وطنية، ولا جبهة جديدة، بل هو شدّ وشذب على كل متر، وكل نقطة سيطرة، بينما الطرف الإسرائيلي يسيطر على كل شيء في الحقيقة. والطرف الإسرائيلي يتذرع بالغياب الفلسطيني (تغيّب موظفي الارتباط الفلسطيني التابعين للسلطة الفلسطينية عن موقعهم في المعبر)، فيمنع الإسرائيليون العبور، بما في ذلك لأهالي الأسرى في طريقهم لأبنائهم. إذن، الفلسطينيون هم سبب شقائهم الذاتي، والإسرائيليون أبرياء!
في معبر “رفح” الذي أقفل مجددا، يصرّح محمد دحلان، المفصول من حركة “فتح”، والملاحق في المحاكم الفلسطينية، والذي التقى مؤخرا الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، أنّ مصر ستفتح معبر رفح قريبا كـ“خطوة أولى في سلسلة إجراءات لصالح قطاع غزة”. ويضيف: “أستطيع أن أؤكد بعد الاتصالات التي أجريتها مع الإخوة في مصر، أن إرجاء استئناف العمل في المعبر أمر طارئ، نتج عن اختطاف قوى الشر والإرهاب والتكفير للضابط أيمن دسوقي، ما جعل من رفح منطقة عمليات أمنية وعسكرية لفترة محدودة لتحرير الضابط المختطف”. إذن، ليس السؤال أنّ مصر تقوم بعقاب جماعي كلما حصل شيء في سيناء، ولكن كيف يثبت دحلان أنّه القوي. و“حماس” الآن تساعد دحلان وتلوح بالتحالف معه، رغم أنّه كان عدوها رقم (1)، وكانت تبث تسجيلات له وهو يعد أن يقوم “بتلعيب” حماس “على الشناكل”. وتأمل “حماس” بهذا الآن إضعاف الرئيس محمود عباس، والحصول على الرضا المصري-الإماراتي.
ما يحدث في غزة هو التضحية بشعبها، من كل القوى السياسية والدول الراعية لهم، على مذبح صغائر الأمور، وحساباتهم الخاصة الضيقة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 79 / 2178476

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع احمد جميل عزم   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

23 من الزوار الآن

2178476 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40