المدينة السعودية: إنهم يستثمرون في الإرهاب

جريمة الأربعاء الإرهابية التي استهدفت فرنسا، وما خلفته من أصداء وردود فعل داخل فرنسا وخارجها، هذه الجريمة تستوجب وقفة للتمعن ومحاولة للفهم والنظر إلى ما وراء الحدث الذي يعتبر بمثابة 11 سبتمبر (فرنسية)، لكنه يؤكد على أن العالم يعيش عصرًا إرهابيًا قد يطول عشرات السنين ما لم يتوحد في حرب حقيقية ليس ضد داعش فقط، أو غيرها من التنظيمات الإرهابية التي تزداد عددًا وعدة وانتشارًا بشكل مطرد، وإنما ضد كافة أشكال الإرهاب انطلاقًا من الحقيقة بأن المواجهة العالمية للإرهاب لا تحتمل الاستثناء أو التغاضي أو التأجيل، وأن سياسة ازدواجية المعايير تشكل البيئة المواتية لنموالإرهاب وتقوية حججه ومبرراته.
بيد أن ما يزيد من صدمة الحدث أن تلجأ بعض الأطراف إلى محاولة استثمار الجرائم الإرهابية لمصلحتها، أو لأهداف تبتعد كل البعد عن ما يتطلبه هكذا حدث مأساوي من موقف إنساني وأخلاقي يعكس التفاعل مع مشاعر المواطنين وذوي الضحايا الذين استهدفهم الإرهاب. لذا فيبدو من المستغرب أن يدعو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يهود فرنسا على إثر جريمة الأربعاء للهجرة إلى إسرائيل، وهي جريمة إرهابية أخرى كونه يدعو في واقع الأمر إلى المزيد من بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة لاستيعاب أولئك المهاجرون الجدد، إلى جانب ما تحمله تلك الدعوة من إساءة إلى فرنسا بقوله بطريق غير مباشر بأنها لم تعد بلدًا آمنًا، وهو ما أثار استياء العديد من المسؤولين الفرنسيين. لكن تلك المحاولة ليست الأولى من نوعها، فقد سبق لإسرائيل أن استغلت أحداث 11 سبتمبر الإرهابية لتغذية مشاعر الإسلاموفوبيا في الولايات المتحدة عبر وسائل الإعلام التي يسيطر عليها اللوبي الإسرائيلي وفي كسب المزيد من الدعم الأمريكي بحجة الوقوف معها في خندق واحد ضد الإرهاب .
تتضح معالم أكبر للمأساة من خلال الدافع الحقيقي لتنظيم القاعدة الذي اعترف بمسؤوليته عن الجريمة، ليس دفاعًا عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وإنما لاستعادة الزخم لمكانته التي افتقدها كأكبر تنظيم إرهابي بعد أن اختطف منه تنظيم داعش تلك المكانة.
بلدان أخرى إما ضالعة في الإرهاب أو متعاطفة مع بعض تنظيماته، أو مع إرهاب الدولة، أرادت الاستفادة من الحدث بإرسالها ممثلين لها للمشاركة في تظاهرة الأحد العالمية في محاولة مكشوفة للتظاهر بأنها تقف إلى جانب فرنسا في معركتها ضد الإرهاب.