العاصفة الثلجية (هدى) التي ضَربت بلاد الشام، حَمَلت معها ثلوج الخير، وأمطار البركة، والمياه الزُلال، حيث غطى بياضها الناصع كل مساحات بلاد الشام من أقصاها الى أقصاها، من جنوب فلسطين عند نقطة رفح ونقطة إيلات وحتى آخر مترٍ مُربع من شمال سورية.
اكتست الأرض بغطاء الخير المنشود، ومنحت جميع الناس بغطائها الأبيض النقي، جرعاتٍ جديدة من التفاؤل بيوم الفرج القريب، بعد فتراتٍ حالكة طالت واستطالت في سوادها، وهي مُتخمة بالمصاعب التي عاشها ويعيشها عموم أبناء البلد، ومنهم فلسطينيو سوريا، وفلسطينيو مخيم اليرموك، ومخيم درعا، ومخيم حندرات على وجه الخصوص، أبرز الضحايا المنسيين في معمعان الأزمة السورية.
الثلوج البيضاء الناصعة، لم تشفع للفلسطينيين أنهم كانوا ومنذ ما قبل النكبة ضحايا لعبة دولية كبرى اقتلعتهم واقتلعت معهم كيانهم الوطني والقومي عام 1948، فأعادت تلك الثلوج وعاصفتها الأخيرة الى ذاكرة الفلسطينيين محطتين هامتين من تراجيديا المأساة الفلسطينية. المحطة الأولى كانت عام النكبة 1948، حين كان شتاؤه مُثلجاً وقاسياً جداً وغير مشهود، فعانت الآلاف من العائلات الفلسطينية من لاجئي فلسطين في سورية ولبنان من تبعاته. فمنهم من ألقت به المقادير في مساجد دمشق وباقي المدن السورية كمراكز إيواء، ومنهم من كان حظه عاثراً فعاش سنوات اللجوء الأولى في الخيام، وكم من مرة في ذاك العام المشهود، عام النكبة، اقتلعت الرياح الهوجاء والعواصف الثلجية، الخيام المؤقتة التي كان يُقيم فيها الناس، وأعادت تشريدهم من جديد، وكم من الأطفال ماتوا ومعهم كبار السن في تلك الأيام العصيبة.
RLS
