السبت 7 آب (أغسطس) 2010

اليهود وأفضلية الاندماج في بلدانهم الأصلية

السبت 7 آب (أغسطس) 2010 par علي بدوان

تشير الإحصاءات المدققة والمعطيات الرسمية، التي وزعها ونشرها «معهد تخطيط سياسات الشعب اليهودي» الذي أسسته الوكالة اليهودية، إلى أن أعداد اليهود في العالم ككل آخذة بالتراجع والانخفاض لأسباب مختلفة، ففي الثلاثين عاماً الأخيرة انخفض عدد اليهود خارج فلسطين المحتلة بـ 3, 2 مليون نسمة، في حين بات يبلغ الآن وفق تقديرات الوكالة اليهودية 76, 7 مليون فقط.

وأشارت المعطيات المنشورة إلى أن عدد اليهود في العالم ككل، بما في ذلك فلسطين المحتلة، يبلغ 1, 13 مليون يهودي. فقد طرأ انخفاض بنحو 24% في أعداد يهود جنوب القارة الأميركية، حيث تبقى 393 ألف يهودي موزعين وفق التالي : 84 ألف يهودي في الأرجنتين، 96 ألفاً في البرازيل، وفي المكسيك 40 ألفاً.

أما في شمالي إفريقيا فقد طرأ انخفاض كبير في عدد اليهود، حيث بقي في المنطقة إلى منتصف العام 2008 خمسة آلاف يهودي فقط، مقابل 83 ألفاً كانوا مقيمين في أوطانهم الأصلية هناك عام 1970.

وفي جنوب إفريقيا، فمن أصل 124 ألف يهودي في عام 1970، بقي الآن 72 ألفاً فقط. وفي دول آسيا سجل أيضاً انخفاض كبير في عدد اليهود، فمن أصل 100 ألف يهودي كانوا يعيشون داخل بلدانهم الأصلية في القارة الآسيوية عام 1970، لم يتبقَ سوى 20 ألفاً حتى منتصف 2008، أغلبيتهم الساحقة في إيران، بينما لا يزال نحو 300 يهودي يمني في بلدهم الأم، وعدد ضئيل جداً في سوريا. أما في استراليا ونيوزيلندا فقد طرأ ارتفاع في عدد اليهود، حيث بلغت أعدادهم 111 ألفاً، مقابل 70 ألفاً عام 1970.

أما بالنسبة لعدد اليهود في أميركا الشمالية، وتحديداً في الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، فلم يتغير العدد بشكل كبير، لأسباب معلومة ومنطقية، رغم موجات الهجرة اليهودية الكبرى من شرقي أوروبا في اتجاه القارة الأميركية، حيث تبلغ الآن أعداد المواطنين من اليهود في البلدان المذكورة 6, 5 مليون. أما في أوروبا الغربية، فقد انخفض عدد اليهود بنحو 5%.

وتشير المؤشرات والمعطيات الرقمية الأخيرة، إلى أن عدد يهود بريطانيا بلغ 300 ألف، معظمهم يعيشون في مدينة لندن وضواحيها، حيث كان قد غادر «إسرائيل» بصفة مهاجرين إلى بريطانيا 30 ألفاً خلال العقدين الماضيين ضمن هجرة معاكسة، أي ما نسبته 10% من يهود بريطانيا.

أما في فرنسا فقد بلغ عدد اليهود 600 ألف، وهي الدولة التي تضم أكبر عدد من اليهود في أوروبا، وتأتي في المرتبة الثانية بريطانيا، وفي الثالثة ألمانيا التي أصبحت تضم 200 ألف من اليهود الذين عادوا أو هاجروا إليها، من يهود «إسرائيل» وروسيا وبعض دول أوروبا الشرقية.

وفي هذا الإطار فإن كل المؤشرات تنحو للاستنتاج بأن المواطنين اليهود في فرنسا، يفضلون كندا في حال رغبتهم الهجرة، واليهود من جنوب أميركا يفضلون أستراليا، ويهود الأرجنتين يفضلون مدن الساحل الغربي للولايات المتحدة على «تل أبيب».

في الوقت الذي لا تخفي فيه مصادر الوكالة اليهودية رغبتها الجامحة لدفع يهود فرنسا على وجه الخصوص، للهجرة الجماعية نحو الكيان الصهيوني، مع توافر ثلاثة عوامل محبذة وراء ذلك، من حيث التعداد النسبي العالي ليهود فرنسا أولاً، وقوة نفوذ هذا التجمع واللوبي اليهودي في المؤسسات الفرنسية الرسمية وغيرها، مع تعدد المنظمات اليهودية المنتشرة هناك، والسطوة الواضحة للاتجاه اليهودي الأرثوذكسي وأهدافه المتقاطعة مع اليمين «الإسرائيلي» بشقيه العلماني والتوراتي ثانياً، وتأثيره العالي في الدائرة الأوروبية ثالثاً.

وعليه، فإن انخفاضاً ملموساً بات واضحاً في أعداد اليهود الذين يعيشون في العالم، بينما تضاعف عدد السكان اليهود منذ العام 1970، على أرض فلسطين التاريخية (المناطق المحتلة عامي 1948 و1967).

وترجع مصادر الوكالة اليهودية أسباب انخفاض أعداد اليهود في العالم (عدا فلسطين المحتلة)، لجملة من الأسباب على رأسها الهجرة الاستيطانية التهويدية إلى فلسطين، رغم تراجعها المستمر من عام لآخر.

فاليهودي الذي يريد الهجرة إلى خارج موطنه الأصلي، يبحث بالضرورة عن المستويات الأفضل للحياة في الدرجة الأولى، وفي العقد الأخير على سبيل المثال، هاجر إلى ألمانيا أكثر من 200 ألف يهودي من الاتحاد السوفيتي السابق، وفي السنوات الثلاث الماضية فاق عدد اليهود الذين هاجروا إليها من هناك، عدد الذين هاجروا من الاتحاد السوفيتي إلى «إسرائيل».

فالحياة المريحة التي تعيشها غالبية اليهود في بلدانهم الأصلية أصبحت تشكل دافعاً لهم للبقاء فيها، وللإحجام عن القدوم إلى «إسرائيل» والأراضي الفلسطينية المحتلة.

ويشير العديد من المعطيات الصادرة عن مراكز بحث حيادية وموضوعية، إلى أن 90% من اليهود في العالم، يعيشون في بلادهم الأم بمستوى معيشي أعلى من المستوى المعيشي في «إسرائيل».

وهناك سبب آخر يعود إلى الزواج المختلط والذوبان في المجتمعات المحلية، حيث تدل المعطيات على أن نسبة الذوبان في روسيا وصلت 70%، وفي أميركا الشمالية 50%، وفي أوروبا الغربية 45%، بحيث أمست مصادر الوكالة اليهودية والمنظمة الصهيونية العالمية، تتحدث عن إشارات عدة لترك اليهودية، وهم يخشون حتى من اضمحلال يهود أميركا.

وفي البحث الذي أعده أكاديميون من معهد «هيبرو يونيون كوليج» وجامعة «كاليفورنيا ديفيس» في الولايات المتحدة الأميركية أواخر عام 2007، وشمل أكثر من 1700 شاب يهودي أميركي حتى سنّ الخامسة والثلاثين، فقد بيّن تراجع الشعور بالانتماء والأهمية بالنسبة لـ «إسرائيل».

وعدّ المشرفون على البحث الهبوط المتواصل في نسبة الشعور بالانتماء إلى «إسرائيل» لدى الأجيال الشابة، مؤشراً على تزايد الاختلاط وتفكك الغيتو اليهودي من جهة، واضمحلال الجمهور اليهودي المؤيد والداعم لـ «إسرائيل» في الولايات المتحدة الأميركية، من جهة ثانية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 63 / 2181422

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

6 من الزوار الآن

2181422 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 6


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40