الاثنين 5 كانون الثاني (يناير) 2015

الأخطاء التكتيكية

الاثنين 5 كانون الثاني (يناير) 2015 par علي بدوان

بالرغم من تلبية الطلب الفرنسي بإجراء تعديلٍ محوري على مشروع القرار العربي والفلسطيني الأخير والمُقدم لمجلس الأمن الدولي، والذي طال مسألتين أساسيتين: مدينة القدس التي تم إدراجها كعاصمة مشتركة للدولتين، وقضية اللاجئين الفلسطينيين وحقهم بالعودة، حيث وضع التعديل الذي يقول «حل عادل ومُتفق عليه لقضية اللاجئين».

بالرغم من ذلك جاءت نتيجة التصويت مُخيبة للآمال في جانب كبير منها على وقع الضغط الأميركي الذي مارسته واشنطن طوال الأيام التي سبقت انعقاد جلسة مجلس الأمن الدولي، وذلك على الدول الأعضاء المؤقتين في المجلس، لمنع وصول التصويت إلى تسعة موافقين على مشروع القرار، كي تنقذ نفسها من اتخاذ حق النقض (الفيتو) أمام الأسرة الدولية، وحتى تبدو وكأنها ليست المُعرقل الوحيد لمشروع القرار.

كان موقف نيجيريا مفاجئاً، حيث انتقلت تلك الدولة الإفريقية المحورية من موقع الدولة المؤيدة بشكل تلقائي للقضايا العربية إلى موقع المُمتنع عن التصويت. ونيجيريا هي دولة إفريقية يدين أكثر من نصف سكانها بالإسلام، وكان يتوقع لها أن تكون الصوت التاسع المضمون، لكنها انقلبت على مواقفها السابقة وامتنعت عن التصويت. ويعتقد البعض أن واشنطن لعبت الدور الأبرز في إقناع نيجيريا بالامتناع عن التصويت في اللحظات الأخيرة، فيما يرى الآخرون أن السبب يكمن في الخطوات التنسيقية التي وقعت في الخفاء بينها وبين «إسرائيل» على صعيد تعزيز العلاقات الأمنية والتعاون الأمني في ظل الوضع الداخلي الذي تعانيه نيجيريا منذ عدة سنوات. مشروع القرار المقدم لمجلس الأمن يطلب من «إسرائيل» الانسحاب من أراضي دولة فلسطين في فترة لا تتجاوز نهاية عام 2017. لكن الطرف الفلسطيني لم يدرك أنه وقع في ثلاثة أخطاءٍ تكتيكية، كان أولها عندما قَبِلَ أصلاً بتعديل المشروع في مسألتين أساسيتين منه في ما يتعلق بالقدس وقضية اللاجئين خلافاً لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وهو ما اسبغ إمكانية القفز على قرارات الشرعية الدولية في مرات قادمة.

وكان ثانيها عندما لم يسع الطرف الفلسطيني لتأجيل طرح المشروع لفترة قصيرة، حيث من المتوقع أن تبدأ الدورة الجديدة لمجلس الأمن مع العام 2015، يتم من خلالها خروج بعض الدول ذات العضوية المؤقتة ودخول دول جديدة من بينها ماليزيا وفنزويلا، وهو ما يرفع سقف التصويت لمشروع القرار بدلاً من أن يكون التصويت على حافة صعبة أدت لنكوس المشروع كما حصل عملياً. وكان ثالثها أن حسابات الطرف الفلسطيني لم تكن دقيقة، فالخطوة كان مُقدراً لها أن تقع في حفرة الفشل مُسبقاً بسبب التعنت الأميركي، ودور الولايات المتحدة خلف الكواليس لإفشال تمرير القرار دون لجوء واشنطن لاستخدام حق النقض، حيث كان من الأفضل دفع واشنطن لاستخدام هذا الحق لتعرية مواقفها بدلاً من الظهور بمظهر المتناغم مع رأي نصف عضوية مجلس الأمن. في هذا السياق، إن واشنطن لا تريد للمنظمة الدولية ولا لأي من الدول الكبرى أن تأخذ دورها على صعيد عملية التسوية المتوقفة أصلاً في الشرق الأوسط. فهي تسعى عملياً لإعادة انتاج المفاوضات دون اشتراط وقف الاستيطان والتهويد، من خلال إعادة إنتاج مشروع وزير الخارجية جون كيري الذي فَشِلَ في تحقيق أي نتيجة من النتائج التي بَشّرنا بها جون كيري صيف العام 2013 حين قال «في نهاية تسعة أشهر سوف يتم حلّ كل القضايا العالقة بين الفلسطينيين و«الإسرائيليين»، فانتهت تلك المرحلة ولم يتم تحقيق أي شيء، سوى التهام المزيد من الأرض الفلسطينية وتهويدها في الضفة الغربية ومنطقة القدس وداخل أحيائها العربية الإسلامية والمسيحية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 27 / 2165540

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع علي بدوان   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

4 من الزوار الآن

2165540 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 5


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010