الجمعة 26 كانون الأول (ديسمبر) 2014

العلاقة بين (التعقل) و(التخاذل)!

الجمعة 26 كانون الأول (ديسمبر) 2014 par نواف أبو الهيجاء

الوزير الشهيد زياد أبو العين قيادي لم يعشق المكاتب، ولم يكن إلا مع الناس في الوطن المحتل لمكافحة آفات العنصريين المتطرفين الموجهة ضد البشر والشجر في أنحاء فلسطين وبالذات شجر الزيتون. لذلك نزل يشارك في مقاومة العسف الصهيوني بزرع وغرس الزيتون. تصدى له المحتلون ضربوه على صدره ومن ثم أوسعوه استنشاقا للغاز فقضى.
الغضب الشعبي في الضفة تصاعد وانطلقت أصوات تطالب حركة (فتح) أن تعود إلى ممارسة المقاومة المسلحة خاصة بعد عقدين كاملين من سلوك درب المفاوضات دون أي جدوى. وحفلت مواقع التواصل الاجتماعي بالدعوات إلى انتفاضة فلسطينية ثالثة ليس فقط ردا على اغتيال وزير (فتحاوي)، بل كذلك ردا على ممارسات العدو في القدس والأقصى وقراراته الخاصة يبهودية الكيان الصهيوني إلى جانب استمرار الحصار على أهلنا في القطاع. هذه الأصوات أكدت أن السيل قد بلغ الزبى ولم يعد في قوس الصبر منزع بعد انتظار فلسطيني لاستعادة الحقوق امتد إلى أكثر من ستة وستين عاما. كما أن هذه الأصوات أعادت إلى الذاكرة حقيقة أن المحتلين الصهاينة لا يعرفون ولا يفهمون إلا لغة القوة ولا يتراجعون إلا أمام القوة المتصدية لهم، وفي تاريخ الصراع شواهد مثل هزيمتهم في جنوب لبنان ومثل اضطرارهم الانسحاب من قطاع غزة ومن طرف واحد حين تصدى لهم الغزيون وأوقعوا في صفوفهم الخسائر البشرية بصورة يومية.
وإذا كانت الحكومة في رام الله قد أصدرت بيانا (شديد اللهجة)، وإذا كان المتحدثون باسم الرئاسة والسلطة قد هددوا بالانتساب إلى بيان روما واعتبار قتل أبي العين جريمة حرب، كما عمدت الرئاسة إلى إعلان (وقف) التعاون والتنسيق الأمني مع الاحتلال ـ وهو ناتج عن التمسك باتفاقية أوسلو ـ إلا أن ذلك لم يقنع المواطن الفلسطيني. كما أن التنسيق الأمني لم يتوقف بحسب الوقائع على الطبيعة. كما أن المواطن الفلسطيني يضغط ليس فقط لوقف التعاون الأمني وإنما لإلغائه، وليس فقط الحديث عن (روما) بل بخطوة على الطبيعة تؤكد هذا التوجه، إضافة إلى فك قيود القوى الفلسطينية المتطلعة إلى مقاومة شعبية مسلحة هي ممارسة مشروعة أقرها القانون الدولي في وجه أي قوة احتلال في العالم.
إلا أن أصواتا أخرى انطلقت تطالب بـ(التعقل) وعدم التسرع .. ومنح السلطة والقيادة الوقت لكي تعالج الموضوع بحكمة. وكأن ما يحدث مجرد أمر عرضي وليس ثمة التخطيط الصهيوني المبرمج لتحقيق (يهودية الدولة) وضم القدس ورفض الانسحاب إلى خطوط الرابع من يونيو/حزيران 1967م.. والاعتراف للفلسطينيين بحق العودة إلى وطنهم. هذه الأصوات (العاقلة) تريد أن يبقى الوضع على ما هو عليه. إنها أصوات مستفيدين من الحالة التي أوجدتها اتفاقية أوسلو ومنذ إنفاذها في العام 1994. وهي تتبرقع بـ(المنطق والواقعية والتعقل) لتبرير رفضها العملي ممارسة الشعب الفلسطيني حقه في مقاومة الاحتلال بالقوة ـ وهي أصوات تزين التخاذل بورق سوليفان ملون ومخادع. فالعقل لا يقبل ظلما وجورا وعسفا حاق بهذا الشعب على مدى يقرب من سبعة عقود. والعقل لا يقبل أن يفلت القتلة والمجرمون العنصريون من العقاب دائما. كم من الكوادر والقيادات اغتال الصهاينة في داخل فلسطين وخارجها على السواء؟ كم من أهل فلسطين قتلوا؟ حتى الأمس القريب أمطر المحتلون القطاع وعلى مدى واحد وخمسين يوما بكل أسباب الموت والقتل والدمار فقتلوا وجرحوا الآلاف وشردوا عشرات الآلاف وهدموا ونسفوا آلاف البيوت؟
الحقوق لا تعود بالتوسل والرجاء بل تنتزع انتزاعا وبالقوة التي يجب أن يمارسها صاحب الحق مع ضرورة إدراك أن بين (التعقل والحكمة) من جهة و(التخاذل) من جهة أخرى مجرد خيط واهٍ.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 22 / 2165913

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع وفاء الموقف  متابعة نشاط الموقع نواف ابو الهيجاء   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165913 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010