الأربعاء 24 كانون الأول (ديسمبر) 2014

إيران وحركة حماس

الأربعاء 24 كانون الأول (ديسمبر) 2014 par حميدي العبدالله

زار وفد من قيادة حركة حماس طهران والتقى كبار المسؤولين الإيرانيين، وتحدثت تقارير إعلامية عن احتمال أن يقوم رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل بزيارة إلى طهران تعبيراً عن عودة العلاقات بين الطرفين إلى ما كانت عليه قبل «الربيع العربي».

معروف أنّ العلاقات بين إيران وحماس شهدت فتوراً واضحاً خلال السنوات الأربع الماضية، وإنْ لم يتحوّل هذا الفتور إلى قطيعة، ولكن كان واضحاً خلال السنوات الأربع الماضية أنّ حماس لم تعد جزءاً مما يعرف في البلاد العربية والمنطقة بمنظومة المقاومة والممانعة، وأصبحت حليفاً لدول خليجية على رأسها قطر المعروفة بارتباطاتها مع الغرب، ومع تركيا عضو حلف «الناتو»، إضافة إلى وقوفها ضدّ إحدى أهمّ حلقات منظومة المقاومة والممانعة متمثلة بالدولة السورية.

بمعزل عما إذا كانت العلاقات بين إيران وحماس ستعود إلى سابق عهدها، وتعيد حماس تموضعها داخل منظومة المقاومة والممانعة أم لا، فإنّ الأمر الهامّ هو التعرّف إلى الحسابات السياسية لدى حماس ولدى إيران التي حالت، أولاً دون انقطاع العلاقة بين الطرفين، وثانياً لعبت وتلعب دوراً في رأب الصدع بينهما.

بالنسبة إلى حركة حماس فإنّ الحسابات تكمن في أنّ الخيار البديل الذي راهنت عليه بعد وصول جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر وتونس إلى الحكم، إضافةً إلى وجود «حكومة إخوانية» في تركيا، هذا البديل لم يعد قائماً في ضوء خروج جماعة «الإخوان» من الحكم في مصر، وتصنيفها كجماعة إرهابية من قبل السعودية والإمارات العربية، وبعد خروج «حركة النهضة» وحلفائها من الحكم في تونس، وهي التي تمثل امتداداً لـ»الإخوان المسلمين» وحليفاً لقطر وتركيا.

بديهي في ظلّ هذه المتغيّرات، ولا سيما في مصر، أن تراجع حماس حساباتها، وتتخلى عن رهانها على هذا البديل للتموضع من جديد ضمن منظومة المقاومة والممانعة وعلى رأسها إيران وحزب الله. ذلك لأنّ تركيا عضو «الناتو»، وقطر التي توجد على أرضها أكبر قاعدة عسكرية أميركية، هاتان الدولتان الحليفتان لحماس لا تستطيعان تقديم دعم للحركة يثير غضب الغرب، وتحديداً الولايات المتحدة، وغضب السعودية والإمارات العربية، وبديهي أنّ الجهد الحربي لحماس يحتاج إلى مصادر تمويل، ولعلها تراهن على عودة دعم إيران إلى ما كان عليه قبل «الربيع العربي» عبر إعادة العلاقة معها.

أما بالنسبة إلى إيران، فإنه إضافة إلى الاعتبارات المبدئية التي تتعلق بموقف إيران من الكيان الصهيوني، ومن قوى المقاومة، فإنّ ثمة حسابات سياسية دفعتها، أولاً إلى عدم قطع العلاقة مع حماس، وثانياً إلى بذل جهد لوصل ما انقطع، ومن أهمّ هذه الحسابات أنّ الرغبة في استمرار التواصل مع جيل الشباب الفلسطيني الذي انضمّ إلى حماس منحها التأييد ليس بوصفها حركة سياسية تقليدية تنتمي إلى جماعة «الإخوان المسلمين»، بل بوصفها حركة مقاومة، وتراهن طهران على أنّ هذا الجيل هو حليف طبيعي لمنظومة المقاومة والممانعة وليس لحلفاء قيادة حماس الجدد، والحرص على إبقاء علاقة ما مع هذا الجيل هو الذي جعل طهران لا تقبل بقطع العلاقة مع حماس، كما أنّ طهران حريصة من خلال علاقتها الطيبة مع حركة حماس المدعومة من جماعة «الإخوان المسلمين» على إفساد وإجهاض محاولات تصوير الصراع في المنطقة بوصفه صراعاً مذهبياً، وهو ما دأبت عليه الدوائر السياسية والإعلامية في الغرب وفي الكيان الصهيوني، وبعض الأنظمة العربية، ولا سيما الخليجية. فالعلاقة الإيجابية بين إيران وحماس تساعد على تحقيق ذلك.

هذه هي الحسابات السياسية التي تقف وراء عودة الحرارة إلى العلاقات بين إيران وحركة حماس.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 18 / 2165688

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع حميدي العبدالله   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165688 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010