الثلاثاء 23 كانون الأول (ديسمبر) 2014

من صاغ قرار “إنهاء الاحتلال”؟

الثلاثاء 23 كانون الأول (ديسمبر) 2014 par د.احمد جميل عزم

يثير القرار المقدم للأمم المتحدة من الجانب الفلسطيني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، جدلاً كبيراً في الأوساط الشعبية وشبه الرسمية الفلسطينية، أي بين الفصائل وبعض الأطر القريبة من منظمة التحرير الفلسطينية. ورغم أنّ الجدل حتمي ومتوقع، إلا أنّ جزءا كبيرا منه له أسباب غير مباشرة، كان يمكن تفاديها.
على السطح، ينصب الجدل، بالدرجة الأولى، على نص القرار. إذ احتج كثيرون على النص، حتى إنّ الأسير القيادي في “فتح” مروان برغوثي، أصدر بياناً من معتقله، في الزنزانة 28 في سجن هداريم، اعتبر فيه أنّ مشروع القرار بصيغته الحالية “تراجعٌ لا تبرير له، ذو أثر سلبي للغاية”، داعيا القيادة الفلسطينية إلى “مراجعة شاملة وفورية لصيغة القرار”. وبشكل مشابه، طلب عضو اللجنة التنفيذية في المنظمة تيسير خالد، بسحب القرار. ويشترك سياسيون فلسطينيون في انتقاد أمور من مثل نص تبادل الأراضي، وعدم النص الصريح على أنّ القدس الشرقية عاصمة دولة فلسطين، والاكتفاء بنص فضفاض عن القدس عاصمة لدولتين. كما رفض نص “حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين”، والمطالبة بالقرار رقم (194) صراحة.
إلى ذلك، تتواتر أنباء عن تغيير متوقع للقرار. لكن تتباين التفسيرات؛ هل هو تغيير سيأتي استجابة للانتقادات الفلسطينية الداعية إلى وضوح أكبر وتمسك أكبر بالثوابت وبالقرارات الدولية السابقة؛ أم أنه استجابة للضغوط الدولية التي ستعني مزيدا من السيولة في القرار، وقد تصل حد سحبه كلياً، وتأجيله حتى إشعار آخر؟
سيكون هناك جدل حول أي قرار فلسطيني، لأنّ التسوية التاريخية أمر يصعب كثيراً على شرائح أن تتقبله. لكن، يصعب على القوى السياسية والأطر الفصائلية والرسمية أكثر التعامل مع الفكرة، عندما يكون مصدر معلوماتها هو الإعلام، ولا تكون جزءا من بلورة ونقاش الموقف. ويصعب أكثر على الرأي العام فهم وتأييد توجه ما وهو يُفاجأ بالنصوص، ولا يعيش مرحلة تهيئة ومتابعة لنقاشات وجدالات حول مشروع القرار؛ وأيضاً وهو يشعر أنّ القوى المختلفة حول العالم تتم مناقشتها “والتفاوض” معها، من دون نقاشات حقيقية ومستفيضة وشفافة في أطر العمل الفلسطيني؛ وأنّ العالم يشارك في كتابة القرار بينما هو مستثنى.
لو تخيلنا أياماً من النقاش مع الفصائل وممثليها؛ سواء باجتماعات مغلقة ضيقة أو في أطر وطنية أوسع، والأهم أن تكون لها صفة رسمية، فإنّ المتخيل أنّ حذرا أكبر سيكون في الصياغة، بل ويمكن حينها للدبلوماسية الفلسطينية أن تستخدم ضغط الرأي العام عليها لتبرر الحاجة إلى صياغة أقوى للقرار، خصوصاً مع التعنت الأميركي-الإسرائيلي، وسيزداد عدد من يتبنون القرار ويدافعون عنه.
لقد لجأ وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري، أثناء محاولات تسويق تسوية فلسطينية-إسرائيلية في العامين الماضيين، إلى الجلوس مع أطراف في المعارضة الإسرائيلية، بما في ذلك القوى المعارضة للتسوية داخل الائتلاف الحكومي ذاته. وقد كان لذلك أثران: الأول، تقليص المعارضة في بعض الأحيان (كما حدث بعد لقائه مع أفيغدور ليبرمان، وزير الخارجية الصهيوني). والثاني، زيادة قناعة كيري بوجود قوى تعارض السلام إسرائيليا. والسؤال: ألم يكن ممكناً أيضاً تنسيق أمرٍ شبيه أوروبيا ليتم التعرف إلى نبض الشارع؟
سيكون الشك دائماً، والتأييد ضعيفاً لأي تحرك رسمي فلسطيني في عملية التسوية، لأسباب مختلفة. لكن سيفاقمهما شعور شرائح فلسطينية كبيرة بالإقصاء، وبعدم استشارتها، أو عدم استشارتها بجدية في صناعة القرارات المصيرية والتاريخية.
في العام 1988، وقف أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين جورج حبش، إلى جانب ياسر عرفات في المجلس الوطني، يصفق للدولة الفلسطينية التي تعني عمليا تقسيم فلسطين وحل الدولتين. أمّا الآن، فإنّ القوى السياسية تتابع الأنباء عبر الإعلام، وتقوم منفصلة وحدها بإجراء تحليلات وإصدار مواقف ناقدة. وهذه هي النتيجة الطبيعية، طالما أنّه لا توجد عمليات نقاش مؤسسية تفصيلية رسمية وافية. هذا رغم أنّ القيادة الفلسطينية تطرح أنّ أي حل نهائي سيكون بعد استفتاء شعبي. والسؤال: لماذا انتظار لحظة تحتاج إلى حسم شعبي؛ لماذا لا تكون هناك عملية بناء متدرجة للقرار الوطني تشمل القوى السياسة المختلفة، ويكون النص المقدم مُقراً من أوسع قدر ممكن من القوى الفلسطينية؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 64 / 2165526

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع احمد جميل عزم   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2165526 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010