الاثنين 22 كانون الأول (ديسمبر) 2014

روسيا والعرب إلى أين؟

الاثنين 22 كانون الأول (ديسمبر) 2014 par صالح عوض

يبدو أنه مصير مشترك في العقود الأخيرة بين روسيا والأمة العربية والإسلامية.. فلقد بدأت المؤامرة على الوطن العربي والعالم الإسلامي والاتحاد السوفيتي في آن واحد ولم يوجد استراتيجيون في مراكز القرار العربي والإسلامي والاتحاد السوفيتي قادرون على اتخاذ خط سياسي يجنبهم التناحر السياسي والإيديولوجي والتفرغ لمواجهة النظام الرأسمالي الاستعماري فتآمرت القوى الامبريالية لجر الاتحاد السوفيتي إلى معارك داخل الرقعة الإسلامية، بالإضافة إلى حرب الدعاية الرهيبة ضد الشيوعيين وإلصاق التهم الأخلاقية وبمبالغة شديدة بهم من خلال بربوغاندا دولية واسعة فتجيشت الأمة الإسلامية بعلمائها ودعاتها ضد الاتحاد السوفيتي رغم أنه زود جيوش العرب بالسلاح بأقل الأسعار وساهم في تطوير البنية الصناعية العربية قبل أن يفتتها النظام العربي ويستبدل وجهته بالاتجاه غربا.. ووقف مع العرب وقضاياهم في المحافل الدولية.

كانت حرب أفغانستان قاصمة في التحالف الطبيعي بين الاتحاد السوفيتي والعرب.. حيث تورط الجيش الأحمر في حرب ضد الشعب الأفغاني، فوجدت الإدارات الغربية فرصتها في تعبئة المسلمين وتزويدهم بالسلاح ضد الاتحاد السوفيتي، فسقط الاتحاد السوفيتي في الفخ، وقبل أن ينسحب أجهزوا عليه بتخفيض أسعار البترول، فكانت الضربة القاضية التي انتهت بتفككه وانحسار امبراطوريته وتشتت دوله لتهجم عليها الأجهزة الأمنية والاقتصادية الغربية سيطرة وإلحاقا.. في المقابل، وفي الوقت نفسه تم الهجوم على العراق وقصفه وفرض الحصار عليه، بعد أن ورطوه في حرب ضد إيران لمدة ثمان سنوات ثم حرب على الكويت.. وأثار انهيار سعر البترول في التسعينات قلاقل وتصدعات داخل المجتمعات العربية وكادت أن تودي بدول ومؤسسات كما كان الحصار شديدا على إيران بعد حرب جنونية عليها وحرب جنونية داخلها.. كما أنهم استطاعوا سوق الفلسطينيين إلى اتفاقيات مذلة اوغلت في اغتصاب حقهم وتكسير إرادة المقاومة لديهم.

الآن موجة جديدة من الحرب الإمبريالية على روسيا والعرب والمسلمين .. فلقد أسرع قادة الإدارة الأمريكية إلى الشماتة بما يحصل في روسيا وانهيار اقتصادها أمام الضربات الاستراتيجية الناجمة عن الحصار الغربي ومعاقبة الاقتصاد الروسي وعن انهيار سعر المحروقات.. حاولوا قبل ثلاث سنوات توجيه ضربة للغاز الروسي عندما أصروا على سوريا أن تسمح بتمديد أنابيب الغاز القطري عبر أراضيها مرورا لتركيا ومن ثم لأوروبا، وكان صمود النظام السوري أمام الإغراء القطري الأمريكي سببا في تدمير سوريا والآن تأتي الضربة للاقتصاد الروسي بأسلوب آخر.. قال الرئيس الأمريكي، باراك أوباما: كانت هناك قصص تصفه بأنه أستاذ في لعبة الشطرنج وكيف أنه تفوّق بدهائه على الولايات المتحدة الأمريكية... والآن هو يشرف على انهيار عملة بلاده ومواجهة أزمة وانكماش اقتصادي.. هذا لا يُظهر شخصا تفوّق عليّ وعلى أمريكا"..

وحيث تمثّل عائدات النفط والغاز نحو 50 % من إيرادات الحكومة الروسية.. أدى انخفاض أسعار النفط إلى الهبوط الحاد في قيمة العملة الروسية (الروبل)، التي فقدت 40 بالمئة منذ مطلع العام الجاري، كما تراجعت البورصة الروسية بنسبة 40 بالمئة منذ منتصف جويلية الماضي.. وبعدما هوت أسعار النفط بنحو 42 دولارًا منذ جوان الماضي، تصل الخسارة إلى نحو 113.4 مليار دولار في السنة.

هذا ما يلحق بالاتحاد الروسي وستكون هناك تداعيات للزلزال الرهيب على اقتصاديات الدول العربية والإسلامية على بنيتها الاجتماعية وخريطتها السياسية.. فبعد الحروب التي أشعلها الأمريكان والأوربيون داخل بلداننا هاهم يوجهون ضربة قاصمة لاقتصاد بلداننا ولسان حالهم يقول احتاروا موتكم بأي السيوف من خلف أو من أمام أو من تحت أرجلكم أو فوق رؤوسكم..

إن ما يحصل الآن هو موجة استعمارية إمبريالية واسعة تجتاح كلا من روسيا والوطن العربي والعالم الإسلامي.. فإلى أي مدى يستطيع هؤلاء الصمود وصد الموجة واستيعابها أنها معركة بكل الوسائل ويبدو أن هناك خطوات سريعة وطارئة لا بد من اتخاذها لتجنب الظروف القاسية.. تولانا الله برحمته.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 24 / 2165445

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع صالح عوض   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

2165445 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010