الجمعة 19 كانون الأول (ديسمبر) 2014

صراع الجميع مع الجميع في انتخابات إسرائيل

الجمعة 19 كانون الأول (ديسمبر) 2014 par حلمي موسى

يختلط الحابل بالنابل في الحلبة السياسية الإسرائيلية في المعركة الانتخابية الجارية التي لم تتبلور بعد صورة قواها الرئيسية. فالأحزاب، في اليمين واليسار والوسط، على حد سواء، تواجه مشكلات الهيئة التي ستخوض في ظلها الانتخابات. وهناك أحزاب تتمزق وأخرى تتحد وأناس هنا وهناك يبحثون عن أماكن لهم ومقاعد لدى آخرين تتوسّل من يجلس عليها.
وفي الليكود ينتظر الجميع انتهاء الانتخابات التمهيدية التي يتنافس فيها كل من رئيس الحكومة الحالي بنيامين نتنياهو ومنافسيه، داني دانون وموشي فاغلين. ويصعب الحديث عن احتمال أن يفلح أي من هذين الرجلين، وهما من اليمين المتطرف، في اسقاط نتنياهو عن زعامة الحزب في نهاية الشهر الجاري. فالمسألة في نظر المتنافسين الأخيرين هي تحديد موازين القوى داخل الليكود لإجبار نتنياهو على عدم تجاهل القوى التي يمثلونها.
ويمكن القول إن «إسرائيل بيتنا» وهو حزب رجل واحد له شعبية يستطيع أن يمنحها لمن يريد، أفيغدور ليبرمان لا يواجه مشكلة منافسة أبداً لكنه يواجه مشكلة من نوع آخر. وتتمثل هذه المشكلة في أن شعبية ليبرمان نشأت أصلاً على خلفية تطرفه وليس على أرضية اعتداله. وهو اليوم، في ظل الجنون المتطرف وتكاثر المهووسين، يحاول ارتداء ثوب عقلاني ويتقدم بطروحات قد تضعه في موقع قريب من الوسط. وليس مؤكداً أن هذا التوجه مطلوب من الجمهور الإسرائيلي و له سوق واسع لديهم. وهذا يبرر لدى البعض التراجع الذي طرأ على مكانة ليبرمان وحزبه لدى الجمهور لدرجة أنه لم يعد يطمح لزعامة اليمين بعد أن صار حزب منافس كـ «البيت اليهودي» يحتل هذه المكانة.
وفي البيت اليهودي، يبدو أن نجاحات نفتالي بينت في اجتذاب الأصوات قادت إلى خلافات بينه وبين وزيره المستوطن أوري أرييل. وهناك صراعات حادة دفعت الصحف إلى الحديث عن احتمالات انشقاق أرييل عن بينت وتكوينه حزباً جديداً منفرداً أو مع منشقين من أحزاب أخرى. وفي هذا السياق يطرح اسم زعيم شاس السابق، إيلي يشاي، الذي أعلن انسحابه من شاس نظراً لخلافات بينه وبين زعيم الحركة الجديد، أرييه درعي.
وواضح مما سبق أن واقع الحال في صفوف اليمين يظهر وجود مشكلات كبيرة. لكن هذه المشكلات لا تدفع الجمهور الإسرائيلي إلى الاتجاه نحو اليسار أو حتى نحو الوسط. فالنجم الصاعد في الوسط حالياً هو نجم موشي كحلون، الوزير الليكودي السابق الذي اختلف مع نتنياهو في قضايا اجتماعية وليس سياسية. وحزب «هناك مستقبل»، بزعامة يائير لبيد، الذي كان في الانتخابات السابقة القوة الثانية في الحجم بعد الليكود لا يعرف اليوم ماذا سيكون ترتيبه بعد أن صارت قوائم كحزب العمل والبيت اليهودي وربما إسرائيل بيتنا تتفوّق عليه. بل إن حزب وسط آخر، تولى لولايتين رئاسة الحكومة، وهو حزب كديما، يجد اليوم نفسه أمام خطر الانتهاء بعد أن اضمحلّ نهائياً.
وهنا يأتي دور قائمة العمل وليفني والتي يبدو أنها قوة صاعدة وباتت تنال أصوات حوالي 20 في المئة من الإسرائيليين. ويبدو أنه طالما تحقق هذه القائمة نجاحات انتخابية فإن فرص صمودها تبقى كبيرة. ولكن معروف أن استطلاعات الرأي هي كالعطر سرعان ما يتبدّد مفعولها. ولهذا السبب فإن الكثيرين يتعاملون مع القائمة الجديدة على أنها مجرد حدث لا يحمل بين ثناياه فرص تغيير فعلي في الحلبة الإسرائيلية.
وواضح أن معسكر اليسار لا يوجد حالياً في نقطة انطلاق. فجلّ ما تتمنّاه حركة ميرتس هو الحفاظ على قوتها الراهنة وعدم التراجع. وهذا يجعل معسكر اليسار والوسط المعتدل الإسرائيلي في أفضل حالاته لا يتجاوز 30 في المئة من المقاعد في الكنيست المقبلة. كما أن العرب في أحسن الأحوال يوفرون 10 في المئة من المقاعد.
ومن الواضح أن كل استطلاعات الرأي تظهر قوة معسكر اليمين، الذي وإن اختلف مع نتنياهو، لن يغلب عليه لا الوسط ولا اليسار. فهناك في كل الاستطلاعات أغلبية واضحة لمعسكر يقوده نتنياهو ويتكوّن من أحزاب اليمين الديني والقومي. وهذه الأغلبية ليست متوفرة لحزب العمل وتحالف ليفني - هرتسوغ. فتحالف حزب العمل مضطر لأن يضع في جيبه الصوت الغربي الذي قد يكون هذه المرة كبيراً إذا اتحدت قواه في قائمة واحدة ولم تتفرق أصواته. ولكن الصوت العربي مهما كبر لن يسمح لهرتسوغ أو ليفني بتشكيل ائتلافات مع قوى هي في جوهرها يمينية، مثل «إسرائيل بيتنا» أو «كلنا» بقيادة موشي كحلون.
وهذا يبقي بيد نتنياهو أفضلية لا يتوفر لغيره أساسها أنه ومهما اختلف معه اليمينيون لن يذهبوا إلى خصومه ويبقى معسكره أكثر انسجاماً. فأشد الخلافات في معسكر اليمين هي تلك القائمة بين «إسرائيل بيتنا» والأحزاب الحريدية. وهذا الخلاف لم يمنع في الماضي ولن يمنع حالياً التواجد في حكومة يمينية ولكن ليس هذا هو الحال في حكومة يسارية. كيف سيجتمع ليبرمان وبغض غلاة المتطرفين اليمينيين ممن بنوا شعبيتهم على أساس معاداة العرب، أن يتواجدوا مثلاً في حكومة يدعمها الصوت العربي وممثلوه. وهناك مَن يعتبر أنه حتى لو كان الصوت العربي بعيداً يصعب تأليف حكومة تجمع بين إسرائيل بيتنا وحركة ميرتس مثلاً.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 28 / 2165532

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع ارشيف المؤلفين  متابعة نشاط الموقع حلمي موسى   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

2165532 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 8


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010