الخميس 18 كانون الأول (ديسمبر) 2014

القرار الفلسطيني و“تابو” عقاب إسرائيل

الخميس 18 كانون الأول (ديسمبر) 2014 par د.احمد جميل عزم

تنقسم المواقف الدولية إزاء القرار المزمع بشأن الدولة الفلسطينية في مجلس الأمن في الأمم المتحدة، إلى ثلاثة مواقف. الأول، فلسطيني؛ يريد قرارا من مجلس الأمن يحدد موعدا لانتهاء الاحتلال، وفق تواريخ وأرقام محددة، أي دولة على حدود العام 1967 بحلول نهاية العام 2016. أمّا الأوروبيون، أصحاب الموقف الثاني، فيوافقون بموجب نص قرار يعدونه على مواعيد وأرقام يتفق عليها الأطراف ويبدأون التفاوض استناداً لها، لينتهوا من المفاوضات خلال عامين. وهم لا يوضحون ماذا سيحدث إن لم تحدث المفاوضات، وبقي الإسرائيليون يصرّون على رفضها، عدا ربما عن وعد بالاعتراف بالدولة الفلسطينية. والموقف الثالث، وهو الأميركي، فيتمثل في أنّه لا يجب تحديد مواعيد أو مساحات بشكل أحادي، أي من دون موافقة إسرائيلية.
بعبارات أخرى، يريد الفلسطينيون أن يوافق العالم على تصور محدد إلى حد كبير، للحل، يصدر في قرار من الأمم المتحدة، بغض النظر عن الموافقة الإسرائيلية. ويطلبون تحديداً “الدعوة” إلى “الانسحاب الكامل لإسرائيل، باعتبارها قوة احتلال، من الأراضي الفلسطينية المحتلة العام 1967، بما فيها القدس الشرقية، بأسرع وقت ممكن، وبحيث تكتمل حسب جدول زمني بما يتعدى تشرين الثاني (نوفمبر) 2016”. ويريد الأوروبيون قراراً يدعو إلى “اتفاق ينهي الاحتلال الذي بدأ العام 1967”، ويدعو للتوصل إلى اتفاق خلال 24 شهرا من توقيع القرار. أي إنهم ينتظرون الموافقة الإسرائيلية لحدوث مفاوضات تجسّد القرار. أمّا الأميركيون، فلا يريدون قراراً فيه أهداف واضحة من دون موافقة إسرائيلية من حيث المبدأ.
بعيداً عن العمل الفلسطيني ومشكلاته الداخلية والوطنية، لا يوضح الجانب الفلسطيني ماذا يجب أن يحدث إذا رفض الإسرائيليون القرار والالتزام به -وهناك عشرات القرارات السابقة التي لم يجر الالتزام بها- ولاسيما ما يتوقعون (الفلسطينيون) من المجتمع الدولي فعله. كما أنّ الأوربيين لا يحددون ماذا سيفعلون إذا رفض الإسرائيليون القرار إن صدر، ولا يحددون ماذا سيفعلون إذا رفض الأميركيون القرار، ورفعوا ضده حق النقض (الفيتو).
بهذا المعنى، فإنّ التصورات الثلاثة لا تغادر النظرية والورق، ولا تحدد ماذا سيحصل، باستثناء إشارات غامضة فلسطينية متقطعة بشأن وقف التنسيق الأمني، مع أنّ كل الدلائل على الأرض تقول إنّ هذا لن يحدث.
إذا ما سألتَ أي فلسطيني عن أهم ما حدث في العشرين عاماً الأخيرة، فإنّ الحديث هو عن مفاوضات عبثية، فلا أحد يتوقف حقيقة عند حصول فلسطين على عضوية مراقبة في الأمم المتحدة أو ما شابه. والسبب في ذلك أنّ الشيء الملموس الذي يعيه الفلسطيني هو استمرار وتفاقم معاناته بسببه الاحتلال؛ يشترك في هذا الفلسطيني الذي يعيش تحت الاحتلال والفلسطيني الذي يعيش لاجئاً خارج فلسطين بسبب الاحتلال.
لو أمكن مطالبة العالم بمعاقبة إسرائيل والإسرائيليين بسبب استمرار الاحتلال، فإنّ القرارات يصبح لها معنى، بل ولا يصبح هناك فرق كبير بين القرارات ومعانيها ونصوصها. فهناك إجماع عالمي بأنّ الاحتلال غير شرعي وغير مقبول ويجب أن ينتهي، لكن لا يوجد طرف دولي يستعد بالفعل لجعل إسرائيل تدفع أي ثمن مقابل احتلالها. وفي أحسن الأحوال، يتم اتخاذ إجراءات ضد المستوطنات، ولم يصل الأمر أبدا حتى الآن إلى اتخاذ قرار بحق إسرائيل بسبب المستوطنات والاحتلال، كما لم يصل الأمر حد عقاب المستوطنين أنفسهم، حتى بمنعهم من دخول دول الاتحاد الأوروبي أو غيرها. والأنكى من هذا أنّ الموقف السياسي الرسمي الفلسطيني يفرق أيضاً بين الاحتلال ودولته، ولا يدعو لعزل إسرائيل أو معاقبتها، بل يدعو في أحسن الأحوال إلى موقف بشأن الاحتلال.
ما يجب السعي إليه هو أنّ إسرائيل ليست أفضل من روسيا أو إيران أو العراق؛ فكل هذه الدول تعرضت لحصار وعقوبات. وفي حالتي روسيا والعراق، كان الاعتداء على سيادة شعب وأراضي دول أخرى هو سبب توجيه العقوبات.
الحلقة المفقودة هي من يحاسب إسرائيل؟ وهل يمكن محاسبتها؟ ماذا سيحصل إذا استمرت في رفض القرار؟ هل يمكن أن يصدر قرار أوروبي، أو حتى خريطة طريق، توضح مثلا ماذا سيحدث إذا رفض الإسرائيليون القرار، واستمر الاحتلال والاستيطان؟ كيف يعترفون بالدولة الفلسطينية وكيف سيعملون على تجسيدها على الأرض؟ وكيف لا يعود عقاب إسرائيل “تابو” محظورا.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 15 / 2165277

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع احمد جميل عزم   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2165277 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010