الثلاثاء 16 كانون الأول (ديسمبر) 2014

زياد أبو عين ثبات على المقاومة

الثلاثاء 16 كانون الأول (ديسمبر) 2014 par د. يوسف مكي

حين وصلت إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لمواصلة الدراسة عام ،1980 كانت الجالية العربية منهمكة في توقيع عرائض، موجهة للسلطات الاتحادية، تطالب بوقف تنفيذ قرار ترحيل المناضل الفلسطيني زياد أبو عين إلى الأراضي المحتلة، وتسليمه للأجهزة الأمنية في الكيان الغاصب، حيث قضى في السجون الأمريكية و“الإسرائيلية” قرابة ثلاثة عشر عاماً .
كان الشاب أبو عين في حينه، بالكاد قد تجاوز العشرين عاماً، حيث كانت ولادته في أواخر عام ،1959 وعلى الرغم من صغر سنه، غدت قضية، ترحيله للكيان الصهيوني الشغل الشاغل للإعلام الأمريكي، وكبريات الصحف العالمية . كما كانت الشغل الشاغل للمدافعين عن حرية الرأي والمناصرين للقضية الفلسطينية .
وقد نوقش القرار الأمريكي بتسليمه للكيان الصهيوني، في أعلى المحافل الدولية، وصدرت قرارات عدة من هيئة الأمم المتحدة، تطالب إدارة الرئيس رونالد ريغان بالإفراج عن المناضل أبو عين، وعدم تسليمه لإدارة الاحتلال “الإسرائيلي” . لكن ضغط اللوبي الصهيوني داخل أمريكا، حال دون تنفيذ ذلك القرار .
جريمة المناضل أبو عين، من وجهتي النظر الأمريكية والصهيونية، لم تختلف كثيرا عن جرم أقرانه، من المناضلين الفلسطينيين، الذين عملوا على إلحاق الهزيمة بالمشروع الصهيوني، وتحقيق الحرية لشعبهم، وإنهاء حالة النفي والاستلاب التي يعانيها الفلسطينيون في المخيمات، بالبلدان العربية المجاورة .
لقد بدأ المناضل أبو عين مسيرته النضالية وهو لم يزل في ريعان الشباب، حيث ارتبط بحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، قبل بلوغه سن السابعة عشر . واعتقل لأول مرة، عام ،1977 ثم جدد الاعتقال عام ،1979 وحكم عليه بالإعدام، من غير اعتراف منه بالتهم التي وجهت إليه ثم خفف الحكم إلى السجن المؤبد . أطلق سراح أبو عين من السجن، في عملية تبادل للسجناء . وأعيد اعتقاله مرة أخرى، في منتصف الثمانينات من القرن المنصرم، أثناء ما عرف بالقبضة الحديدية . وكان اعتقاله قد تم بأوامر مباشرة من رئيس الحكومة “الإسرائيلية” آنذاك، إسحق رابين، ومنع من السفر لسنوات طوال .
وعندما اندلعت انتفاضة الأقصى الباسلة، في مطالع هذا القرن، لمع اسم الشهيد أبو عين مرة أخرى . وجرى اعتقاله إدارياً من قبل قوات الاحتلال “الإسرائيلية” . وبقي أبو عين شعلة مضيئة في طريق النضال الفلسطيني حتى آخر يوم من حياته، حين قضى شهيداً، في سبيل القضية التي نذر نفسه من أجلها .
شغل أبو عين منصب عضو اتحاد الصناعيين الفلسطينيين عام ،1991 وفي عام 1993 تسلم منصب مدير هيئة الرقابة الداخلية في حركة فتح عام ،1993 ومدير عام هيئة الرقابة العامة في الضفة الغربية عام ،1994 ومنذ عام ،1995 أصبح عضواً في اللجنة الحركية العليا لحركة فتح، ورئيساً لرابطة مقاتلي الثورة القدامى عام ،1996 وعضواً في هيئة التعبئة والتنظيم، ورئيساً للجنة الأسرى في مجلس التعبئة التابع لفتح بين عامي 2003 و2007 . كما شغل وظيفة وكيل وزارة الأسرى والمحررين عام ،2006 ورئيساً لهيئة مقاومة الجدار والاستيطان برتبة وزير في السلطة الفلسطينية عام 2014 .
لم يغير أبو عين من سلوكه النضالي، وبقي وفياً لنهجه الذي بدأ به مسيرته، مناضلاً صلباً في وسط الجماهير . فبقي وهو الوزير يمارس دور الشاب الذي يقود التظاهرات، ويتعرض للمطاردة والسجن والتعذيب وقضى نحبه، جراء التعذيب الذي تعرض له في العاشر من هذا الشهر، بعد اعتداء جنود الاحتلال عليه، بالضرب وبقنابل الغاز التي أطلقت على تظاهرة شارك فيها الشهيد في بلدة ترمسعيا برام الله .
لقد تزامن استشهاد أبو عين، بتصعيد صهيوني، بتهويد القدس، وبتسعبر بناء المستوطنات بالضفة الغربية . وصدور قانون حكومي، لعرضه على الكنيست “الإسرائيلي”، يضفي الطابع القانوني على يهودية الدولة، ولتكون الهوية القومية للكيان الغاصب، ولتفضح زيف الديمقراطية الصهيونية، المستندة إلى الفصل العنصري .
وقد رأى كثير من المحللين في هذه الخطوة ما هو أقسى في نتائجه من نظام الفصل العنصري الإفريقي، الذي قُبر بالنضال الأسطوري الذي قاده الراحل نيلسون مانديلا، حيث لم ينص الأخير على أن جنوب إفريقيا هي وطن للمستوطنين البيض، في حين يهدف الصهاينة، إلى جعل فلسطين المغتصبة، وطناً لليهود وحدهم، وبنص قانوني .
تزامن ذلك أيضاً، مع أزمة سياسية تعيشها حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية، بعد انسحاب وزراء من أبرز أقطابها، وقرار حل الكنيست لإجراء انتخابات برلمانية جديدة . لقد قام العدو الصهيوني، باعتداء جوي على العاصمة السورية، قريباً من مطار دمشق . وقد علق بعض السياسيين الصهاينة على ذلك، بالقول إن نتنياهو قد بدأ حملته الانتخابية .
ويأتي اغتيال الشهيد أبو عين بدم بارد، ليشكل هو الآخر، جزءاً من الحملة الانتخابية لليمين “الإسرائيلي” . والرد على هذه الحملة، فلسطينياً وعربياً، ينبغي ألا يكتفي ببيانات الشجب والاستنكار . لا بد من تصليب الموقف الفلسطيني، والعمل على استكمال ما تحقق من الوحدة الفلسطينية .
ومراجعة السياسات الفلسطينية والعربية، تجاه المشروع الصهيوني، الذي تأكد بما يقبل الجدل، تنكره لأبسط الحقوق، وللمواثيق والمعاهدات الدولية .
لقد مثل القائد المناضل زياد أبو عين قمة الثبات على المقاومة، وظل متيقناً من حتمية النصر وتحرير فلسطين، حتى آخر رمق في حياته، إلى أن استشهد حاملاً معه حلمه . رحمه الله، وأسكنه فسيح جناته، وألهم ذويه وأصدقاءه ومحبيه الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه لراجعون .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 43 / 2178195

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع ارشيف المؤلفين  متابعة نشاط الموقع يوسف مكي   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2178195 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40