الأحد 14 كانون الأول (ديسمبر) 2014

الشهادة المدموغة بالدم

الأحد 14 كانون الأول (ديسمبر) 2014 par علي بدوان

الشهيد الوزير (زياد أبوعين)، المناضل الفلسطيني وعضو المجلس الثوري لحركة فتح ورئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، والذي قضى سنواتٍ طويلة من شبابه في سجون ومعتقلات الاحتلال، هوى كالنسر الشامخ شهيداً على أرض فلسطين بعد الاعتداء عليه من قبل جنود الاحتلال بالضرب واستهدافه الشخصي، بقنابل الغاز المُدمع، خلال مسيرة في بلدة (ترمسعيا) شمال مدينة رام الله في الضفة الغربية.

الوزير زياد أبوعين، غني عن التعريف، بسيرته الوطنية الطويلة والمحمودة، وبسيرته في مقارعة الاحتلال على أرض فلسطين، وبمزاوجته بين الفكر والرؤية والممارسة الكفاحية على الأرض في صفوف حركة المقاومة الفلسطينية المعاصرة، وبدوره الوطني التوحيدي والتوافقي بين مختلف القوى في الداخل الفلسطيني، وابتعاده عن حالة التشنج الفصائلي المقيتة.

الوزير الشهيد زياد أبوعين، لم يكن في مواجهة أومبارزة عسكرية مع قوات الاحتلال، ولم يكن يحمل أي قطعة سلاح ناري، أو حتى سكينٍ حاد، أو أي أداةٍ جارحة، بل كان يقود عملاً جماهيرياً شعبياً سلمياً بامتياز، ومائة بالمائة، مع المئات من أبناء شعبه، في مواجهة عمليات تهويد الأرض واقتلاع أشجار الزيتون، وزرع أشجار جديدة في إيمانٍ راسخ بفلسطينية الأرض والثبات فوقها. لكن العقلية الفاشية «الإسرائيلية» أبت إلا أن تكون كما عهدناها في استخدام العنف والبطش في مواجهة المواطنين المدنيين السلميين العزل، بما في ذلك استهداف المتضامنين الأجانب الذين يشاركون الفلسطينيين في فعالياتهم الوطنية بشكلٍ شبه دائم.

وقد جاءت عملية استشهاده، لتؤكد للمرة الألف أن حالة التطرف ومناخات اليمين واليمين المتطرف بشقيه «القومي العقائدي الصهيوني» والتوراتي، باتت تخيم ومنذ زمنٍ ليس بالقصير على الحالة العامة في الدولة العبرية، وباتت تُسيطر على العقل «الإسرائيلي» على كل مستوياته السياسية والأمنية والعسكرية وحتى المُجتمعية، حيث تَستَعر أجواء المناداة والمطالبة باستخدام القوة، والقوة المُفرطة ضد المدنيين الفلسطينيين العُزل في مناطق القدس وعموم الضفة الغربية وحتى داخل حدود العام 1948 ضد فلسطينيي الداخل أصحاب الوطن الأصليين، والدليل على ذلك الحالة العامة التي تسود المشهد السياسي «الإسرائيلي» الداخلي، في ظل سعي قوى اليمين المتطرف لإعادة بناء تكتلها من جديد في الانتخابات المُبكّرة المقبلة على أساس برنامج التوسع والاستيطان الذي يستوعب طموحات ومطالب قوى اليمين واليمين المتطرف بما يخص عملية التسوية المتوقفة مع الفلسطينيين، وبما يخص تمرير مشروع-أكذوبة «الدولة القومية اليهودية»، وشطب حق العودة للاجئين الفلسطينيين الذين يشكلون نحو (65 %) من الشعب الفلسطيني بالداخل والشتات.

من جانبٍ آخر، إن واقعة استشهاد الوزير (زياد أبوعين) تؤكد أن أنماط (أساليب وأدوات) الكفاح الوطني الفلسطيني مُتعددة، ولا تقتصِرُ على شكلٍ واحد، بل يمكن لها أن تأخذ أشكالاً مُختلفة، وفق المعطيات الراهنة على الأرض، ومنها هذا الشكل الجماهيري الشعبي الواسع الذي يُحرج دولة الاحتلال، ويضعها أمام تساؤلات المجتمع الدولي، ويعكس حقيقتها، وحقيقة سياساتها المُتبعة ضد الشعب الفلسطيني وضد حقوقه الوطنية التي تحظى بإجماع الأسرة الدولية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2165538

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع علي بدوان   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

5 من الزوار الآن

2165538 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 5


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010