الثلاثاء 3 آب (أغسطس) 2010

صواريخ العقبة هل هي «إسرائيلية»..؟

الثلاثاء 3 آب (أغسطس) 2010 par شاكر الجوهري

إذا كانت «إيلات» (إسرائيل) هي المقصودة بصواريخ «غراد» التي قتلت صباح الإثنين أردنياً، وجرحت اربعة، دون أن تصيب أي «إسرائيلي»، فهذا مرده بالتأكيد عدم بقاء أي منفذ لأي مقاومة فلسطينية، أو غير فلسطينية، بغض النظر عن الأيديولوجيا التي تعتنقها، لضرب أي هدف «إسرائيلي».

فحدود جميع دول الطوق العربية مع «إسرائيل» مغلقة في وجه المقاومة دون استثناء.

ولكن هل هي جهة مقاومة التي تقف وراء إطلاق صواريخ «غراد» باتجاه العقبة الأردنية، وأم الرشراش المصرية (إيلات) المحتلة من قبل «إسرائيل» منذ 10/3/1949، بعد ستة أشهر من توقيع اتفاق الهدنة بين مصر و«إسرائيل»..؟!

المعلومات الصادرة عن جهات أردنية تؤكد أن الصواريخ أطلقت من داخل شبه جزيرة سيناء المصرية، على الرغم من النفي المصري السريع، الذي صدر فور وقوع حادث الإثنين الماضي، وكان صدر نفي مماثل له فور وقوع الحادث الأول في نيسان/ابريل لهذا العام.

هذا التأكيد ينطلق من حقيقتين :

الأولى : أن الصواريخ جاءت من الغرب، ولا يوجد غرب العقبة وأم الرشراش غير شبه جزيرة سيناء..!

الثانية : عدم سقوط أي صاروخ داخل الأراضي المصرية (سيناء) في الحالتين (صواريخ 2/8/2010، وصواريخ 22/4/2010).

النفي المصري مفهوم ومبرر، بالرغم من أنه يؤدي إلى تضليل التحقيقات.. ذلك أن القاهرة لا يمكن أن تقر بإطلاق الصواريخ من داخل اراضيها، بما من شأنه أن يشكل مخالفة مصرية لمعاهدة كامب ديفيد 1979، التي تنص على مسؤولية الجانب المصري عن أي عمل عسكري يستهدف الجانب «الإسرائيلي» من داخل اراضيه.

إلى جانب ذلك، فإن مصر، وهي كبرى الدول العربية، التي تعمل على اقناع حركة «حماس» الفلسطينية بالتخلي عن المقاومة المسلحة للإحتلال «الإسرائيلي»، لا يمكنها الإقرار بأنها لا تستطيع فرض وقف عمليات المقاومة من داخل اراضيها..!

الجهات الأردنية تؤكد كذلك أن لديها «شكوك قوية جداً حول هوية المجموعة المسؤولة عن اطلاق الصواريخ»، وفقاً لناطق اردني أبلغ ذلك لوكالة الأنباء الفرنسية.

صحيح أن الناطق الأردني، الذي ارتأى إغفال اسمه كالمعتاد، لم يكشف الجهة، أو طبيعة الجهة التي يعتقد الأردن أنها تقف وراء إطلاق صواريخ العقبة، غير أن عدة مقالات نشرت في الصحف الأردنية، التي غالباً ما تشي بمواقف أو معلومات أردنية، تشير مواربة إلى أن جهات إسلامية متشددة، ربما تكون منظمة «القاعدة»، هي التي تقف خلف إطلاق هذه الصواريخ.

محمد التل رئيس تحرير صحيفة «الدستور» يقول في معرض وصفه ما جرى «عمل إجرامي عبثي، اقترفته أيدْ مأجورة حاقدة رخوة جبانة، باعت نفسها للشيطان، ولمن اشتراها من اعداء الوطن والأمة، في محاولة يائسة، لثني الأردن عن مواصلة جهوده، في ملاحقة كل من تسوًّل له نفسه، العبث بأمن ومقدرات الوطن والأمة».

الصواريخ إذا كانت ردة فعل على فعل اردني يتجلى، وفقاً للصحيفة، «في ملاحقة كل من تسول له نفسه العبث بأمن ومقدرات الوطن والأمة»..!

وتقول صحيفة «الرأي» شبه الرسمية في افتتاحيتها ليوم الثلاثاء «آجلاً أم عاجلاً فإننا سنكشف الذين يقفون خلف العمل الإرهابي الجبان الذي استهدف ثغر الأردن، وسيمثلون أمام العدالة، وينالون العقاب، كما حدث سابقاً (في إشارة إلى اختطاف العراقي زياد الكربوللي من بيروت منتصف 2006، وحوكم أمام محكمة أمن الدولة الأردنية، وحكم عليه بالإعدام لقتله سائق سيارة السفارة الأردنية في بغداد) .. وهو عهد ووعد من قيادتنا واجهزتنا الأمنية».

وتؤكد افتتاحية «الرأي» في تقرب أكثر وضوحاً من الجهة التي تقف وراء اطلاق الصواريخ : «نحن في الأردن، خبرنا كل انواع الإرهاب».. «ولم تفّت هذه الأعمال الإرهابية في عضدنا، أو تدفعنا لتقديم التنازلات، لهم أو القبول بأفكارهم ومخططاتهم الجهنمية».

وتضيف «الرأي».. «إن مواجهتهم يجب أن تكون شديدة ورادعة لتجفيف منابعهم، وصولاً إلى اجتثاثهم وكشف الذين يخططون لهم ويمولونهم ويقدمون الدعم اللوجستي والمادي لهم».

ولكن هل كانت العقبة هي مقصد صواريخ «غراد»، أم أم الرشراش (إيلات)..؟

هنالك ثلاثة احتمالات :

الأول : أن تكون فقط العقبة هي الهدف، وهذه الفرضية تستند إلى عدة حقائق :

1- أن الصواريخ التي أطلقت باتجاه أم الرشراش (إيلات)، لم تصب أحداً في الحالتين.. سقطت في مناطق خالية.

2- وجود ثأر لمنظمة «القاعدة» لدى الأردن، على فرض ثبوت أن «القاعدة» هي التي أطلقت الصواريخ من داخل الأراضي المصرية.

3- سبق لتنظيم «القاعدة» أن أطلق صواريخ من داخل العقبة على ميناء العقبة، وعلى أم الرشراش (إيلات)، تم تهريبها من العراق، إلى العقبة عبر الحدود الأردنية ـ العراقية، وذلك بتاريخ 19/8/2005، ما أدى إلى مقتل الجندي الأردني أحمد النجداوي.

4- أنه لم يسبق لتنظيم «القاعدة» أن استهدف «إسرائيل» بأي هجوم من قبل.

الثاني : أن تكون أم الرشراش (إيلات) هي الهدف، وهذه الفرضية تستند إلى أن صواريخ «غراد» المستخدمة في الهجومين يصعب أن تصيب اهدافها بدقة، وقد تخطئها، فضلاً عن تلاصق العقبة وأم الرشراش (إيلات)، ما يفسح المجال للصواريخ الموجهة نحو أم الرشراش (إيلات) أن تخطئ هدفها وتسقط فوق العقبة، خاصة وأن العدد الأقل من الصواريخ سقط فوق العقبة، والأكثر فوق أم الرشراش (إيلات).

الثالث : أن تكون العقبة وأم الرشراش هما الهدف، وهذه الفرضية تستند إلى حقيقة سقوط الصواريخ على المدينتين معاً.

غير أن الأردن الرسمي، وعلى الرغم من كل ما سبق، يتعامل مع الأمر على أساس أن العقبة هي المستهدفة، ومن قبل تنظيم «القاعدة» تحديداً، وأن اختيار العقبة، وتوجيه بعض الصواريخ إلى أم الرشراش (إيلات) هدفه تضليل التحقيق، وعدم معرفة الجهة التي تفعل ذلك.

يقول فهد الخيطان، مدير تحرير صحيفة «العرب اليوم» الأردنية في مقاله ليوم الثلاثاء أن فرضية أن العقبة ليست هي المستهدفة «لم يعد مسلم بها بعد صاروخ الأمس»..!

وهي يعيد إلى الأذهان، «أن خبراء التنظيمات المسلحة رجحوا في المرة الاولى ان تكون خلايا مسلحة في منطقة سيناء على ارتباط مع تنظيم «القاعدة» تقف خلف الهجوم الصاروخي».

وأنه «بعد حادثة نيسان شكلت الأطراف الثلاثة الأردن ومصر و«إسرائيل» لجنة تحقيق أمنية للوقوف على ملابسات الحادث وتحديد مصدر الصواريخ، لكن وحسب تصريحات «إسرائيلية» فإن ملف التحقيق أغلق من دون التوصل إلى نتائج».

لكن الخيطان، يضيف «علينا أن نضع على الطاولة كل الفرضيات والإحتمالات، بما فيها الفرضية التي تؤشر بأصابع الإتهام نحو «إسرائيل»».. «المهم أن نصل الى مصدر اطلاق الصواريخ لنضع حداً لها حماية لأمننا ومصالحنا فقط».

هل يمكن أن تكون «إسرائيل» هي من يقف وراء اطلاقات الصواريخ على العقبة وأم الرشراش (إيلات)..؟

نعم ممكن..

ولهذا أسباب سياسية، استراتيجية وتكتيكية عدة :

الأول : وهو عاجل أكثر من غيره، لحرف اتجاه التركيز من الضغط على «إسرائيل» بهدف دفعها لإنجاز حل نهائي مع مفاوضي السلطة الفلسطينية، إلى مقاومة «إرهاب» يستهدف الجميع..!

في هذه الحالة، تحقق «إسرائيل» تحالفاً مع الطرفين العربيين الضاغطين عليها بشكل رئيس لإنجاز الحل النهائي للقضية الفلسطينية، لمواجهة الخطر المشترك، وتعطيل الحل الفلسطيني، بما ينسجم مع اهدافها الإستراتيجية بعيدة المدى.. «إسرائيل» الكبرى.

الثاني : التخلص من السؤال المقلق لـ «إسرائيل»، والذي أصبح مطروحاً منذ اضطرت الولايات المتحدة الأميركية لإرسال قواتها لإخراج القوات العراقية من الكويت 1990/1991، ومن ثم احتلال افغانستان، والعراق بالتتابع سنتي 2001، 2003.

السؤال الأكثر إقلاقاً لـ «إسرائيل» هو : هل انتهى الدور «الإسرائيلي» في خدمة الإستراتيجية والمصالح الأميركية في الإقليم..؟

من أجل استعادة هذا الدور، تواصل «إسرائيل» حتى الآن العمل والإستعداد، مقروناً بالضغط على واشنطن، كي تسمح لها بتوجيه ضربة جوية للمفاعلات النووية الإيرانية.

إلى ذلك، تواصل «إسرائيل» الإستعداد منذ تشكيل حكومة بنيامين نتنياهو في آذار/مارس 2009، من أجل شن عدوانين آخرين على حزب الله وحركة «حماس» في لبنان، وقطاع غزة، من أجل ليس فقط استعادة معنويات جيشها، وإنما كذلك من أجل استعادة الثقة الأميركية بقدرتها على خدمة المصالح الأميركية في الإقليم.

الأسباب متوفرة بالنسبة لـ «إسرائيل»، وكذلك الإمكانات..

فشبه جزيرة سيناء تكاد تكون خالية من القوات المصرية، بموجب معاهدة السلام المصرية «الإسرائيلية»، التي تلزم مصر بوضع فقط قوات رمزية في سيناء. وعلى هذا فإنه لا قوات مصرية كافية في سيناء يمكنها منع تسلل عناصر عسكرية «إسرائيلية» إلى الأراضي المصرية، وإطلاق الصواريخ نحو اهدافها الحيوية في العقبة، والصحراوية الخالية في أم الرشراش (إيلات)، والعودة قبل أن تصحو الجهات المصرية على ما حدث.

هل فعلتها «إسرائيل»..؟!

لا شيئ يمنعها من ذلك، ما دامت الغاية تبرر الوسيلة.

ونتائج التحقيقات الحالية لا يجوز أن تكون صفراً مربعاً في هذه المرة أيضاً.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 23 / 2165905

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2165905 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010