الأحد 1 آب (أغسطس) 2010

لماذا التعالي والتفرد بالقرار الوطني الفلسطيني؟

الأحد 1 آب (أغسطس) 2010 par حسن خليل

عندما كانت حركة «فتح» باعتبارها التنظيم الفلسطيني الأكبر تقود الثورة الفلسطينية وتتمتع بالكلمة الأولى والفصل في كل القرارات الفلسطينية المصيرية منها والهامشية على امتداد ربع قرن، بدءاً من عام 1967، كانت برغم هذه المكانة الهامة التي اعترفت لها بها كل الفصائل والجبهات الفلسطينية الأخرى تترك مساحة للجميع كي تكون لهم فرصة من إبداء الرأي والمشاركة في الحوار، مما جعل القرار يحمل صفة القرار الفلسطيني الذي يمثل الجميع، وتمثل ذلك من خلال مؤسسات منظمة التحرير خاصة اللجنة التنفيذية والمجلس الوطني والصندوق القومي والقيادة الموحدة للثورة الفلسطينية وقيادة الكفاح المسلح.. وكانت تحرص قيادة «فتح» من خلال قائدها ياسر عرفات على أن يكون مكان للجميع لكل عمل فلسطيني له أهميته في صلب القضية الفلسطينية، وبقي هذا الحرص يميز مسلكيات قائد الثورة (أبو عمار) في ظل السلطة الفلسطينية التي أفرزتها اتفاقية أوسلو، لدرجة أنه استطاع أن يقنع القائد الرمز الشيخ أحمد ياسين - رحمه الله - بحضور اجتماع للمجلس المركزي التابع لمنظمة التحرير رغم أن حركتي «حماس» و«الجهاد» لم تنضويا تحت جناح منظمة التحرير، ولم تعترفا حتى ذلك الحين بأنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني حسب قرار القمة العربية عام 1974، وإن كانت تحدث بين الحين والآخر من قبل ومن بعد حالات من (الحرد) تشارك فيها منظمات وجبهات عديدة خاصة الجبهات الشعبية والديمقراطية والعربية والصاعقة، وشكلت هذه في بعض الأوقات ما سمي بجبهة الرفض.

لكن الأمور تغيرت بعد استشهاد الرئيس القائد وتولي السيد محمود عبّاس مقاليد الأمور في منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية عام 2005، خاصة بعدما صدمت حركة «فتح» بالفوز الساحق لحركة «حماس» في الانتخابات البلدية والتشريعية، مما أفقد الحركة ميزة تمتعها بلقب صاحبة الكلمة الأولى والمكانة الأهم في صياغة القرار الفلسطيني، وكانت هذه النتيجة بمثابة الزلزال المدمّر لكل الأطراف الدولية الداعمة لحركة «فتح» باعتبارها حاملة لواء الحل السلمي، ومهندسة «اتفاق أوسلو» الذي تخلى عن الكثير من الثوابت الفلسطينية، وشبّه المحللون السياسيون ما جرى بزلزال جنوب شرق آسيا، وما أحدثه من الموجات المسماة (تسونامي) التي دمرت الكثير، وقتلت مئات الآلاف من البشر..

حينذاك أصيب قائد «فتح» بالحيرة والارتباك، فهذه كانت ثمرة الديمقراطية التي أرادها أن تميز عهده، خاصة أنه كان يدّعي معارضته للأسلوب الدكتاتوري الذي كان يميز عهد رفيق دربه ياسر عرفات، وحاول أن يتمالك نفسه، وأن يعمل بنصيحة الأشقاء في الكويت بعدم وضع العصيّ في الدواليب، لكنّه استجاب لنصح مستشاريه، وحاول أن يلغي نتائج الانتخابات، لكن رئيس المجلس الوطني السيد سليم الزعنون أخبره بأنه لا توجد أي ثغرة في النظام الأساسي والدستور الفلسطيني تسمح له بذلك، وقال له قولته الشهيرة : (ولا حتى سمّ الخياط).. واضطر رئيس السلطة إلى تكليف كتلة «حماس» لتشكيل الحكومة الفلسطينية المكلفة بإدارة شؤون الداخل، لكنه في الوقت نفسه تذكّر منظمة التحرير بعد أن أهملها في «اتفاق أوسلو»، وأحال إلى اللجنة التنفيذية كل القضية الفلسطينية، وتراجع عن تنفيذ الاتفاق بإصلاح منظمة التحرير ومؤسساتها حتى تظل «حماس» و«الجهاد الإسلامي» خارجها ولا كلمة لها في مصير الشعب الفلسطيني، وسكت عن محاربة الرباعية الدولية وبعض الجهات الدولية لحكومة «حماس» والشعب الفلسطيني، وترك النقابات المهترئة والمصابة بالعجز بالقيام بموجة من الإضرابات والمظاهرات والتمرد على الوزارة التي أسموها حكومة «حماس»، ثم سكت عما سمي بسياسة الفوضى الخلاقة التي قادها محمد دحلان بتخطيط مشترك مع كونداليزا رايس وزيرة خارجية أمريكا، ولكن حركة «حماس» أذهلت الجميع بصمودها وتحدّيها لكلّ هذه الصعاب، ثم حدث الصدام الدامي في قطاع غزة بين الأشقاء، وفاجأت حركة «حماس» الجميع بحسم الأمور لصالحها في 14/6/2007. وقام رئيس السلطة بتكليف الدكتور سلام فياض بتشكيل حكومة جديدة لكنها لم تحظ بموافقة المجلس التشريعي، وأضفى الرئيس عليها صفة حكومة تصريف الأعمال.

إزاء كل ما جرى، وفشل حركة «فتح» في الاحتفاظ بمكانتها القديمة كشّر سدنتها والمنتفعون من وجودها في كابينة القيادة عن أنيابهم، وبدلاً من الانتظار أربع سنوات يقضونها في إعادة تنظيم أوضاعها، ورصّ صفوفها، قررت الاستيلاء على كل شيء، فرئيس كتلتها النيابية يقوم بأعمال رئيس المجلس التشريعي في كل المنتديات الدولية، والرئيس محمود عبّاس حصل على قرار من قبل 300 عضو في المجلس الوطني أعضاؤه (رقم حساب 750)، ثم ضمّ الكثيرين إليه رغم أنّه فقد شرعيته، والقرار يقول بتمديد الرئيس إلى أجل غير مسمّى، وكما قال مستشاره السابق نبيل عمرو في لقائه مع سامي كليب في قناة «الجزيرة» يوم 21/5/2010، قال : إن عبّاس سيظل رئيساً مدى الحياة، ولن يسمح لأحد غيره أن يتبوأ منصبه، وكما قالت الدكتورة (س) محاضرة في جامعة فلسطينية للسيد سليم الزعنون : (إن أبناء «فتح» لا يريدون أن يغيّروا من مسلكهم، إنّهم يتصرفون وكأنهم أبناء الآلهة). والدكتور فياض يتصرف كأنه رئيس حكومة أبدية، وأنه المنقذ لشعب فلسطين من فساد سدنة السلطة.

ونتساءل: هل حقاً من شرب من بئر السلطة لن يتخلى عنها مهما أصاب شعبه من مآس وويلات؟!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2177190

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

6 من الزوار الآن

2177190 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 6


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40