الأربعاء 26 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014

أهداف فلسطينية مهمة في المرمى الصهيوني

الأربعاء 26 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014 par فيصل جلول

بعد اعتراف السويد بالدولة الفلسطينية، واقتراع البرلمان البريطاني على وجوب الاعتراف بها، ومن بعد البرلماني الإسباني، تناقش الجمعية الوطنية الفرنسية في 28 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي مشروعاً يسارياً يطلب من الحكومة الاعتراف بالدولة الفلسطينية باعتباره جزءاً من حل نهائي للصراع “الإسرائيلي” - الفلسطيني، ويستدل المشروع بمخاوف من انفجار الأوضاع في القدس والضفة الغربية، ومن استمرار الاستيطان “الإسرائيلي” غير الشرعي الذي يحمل خطراً جدياً على مشروع الدولتين . ويتزامن النقاش في البرلمانات الأوروبية مع مشروع قرار تقدم به الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى مجلس الأمن لإنهاء الاحتلال، على أن يخضع للتصويت أواخر الشهر الحالي .
معلوم أن الدولة الفلسطينية ذات العضوية المراقبة في الأمم المتحدة باتت تحظى حتى الآن باعتراف 135 دولة، ولكن التصويت الأوروبي، وبخاصة اعتراف دول دائمة العضوية في المجلس، ينطوي على ثقل فارق بالنسبة إلى مستقبل الدولة التي ينعقد إجماع حول وجوب إدراجها في مشروع لحل الصراع وفق صيغة الدولتين القابلتين للحياة .
وتسعى السلطة الفلسطينية التي فقدت كل أمل في انتزاع تنازلات “إسرائيلية” على طاولة المفاوضات إلى مناقشة قضية الاحتلال في مجلس الأمن، علّها تحصل على قرار يلزم “إسرائيل” بالانسحاب من أراضي الدولة المستقلة، بيد أن هذا المشروع قد يولد ميتاً، لأن الإدارة الأمريكية ستستخدم “الفيتو” ضده بحسب مصادر متقاطعة .
وعلى الرغم من الصيغة المعتدلة لمشروع القرار الفرنسي الذي تقدمت به إيزابيل غيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان باسم الحزب الاشراكي، فإن تيار الخضر ومعه الحزب الشيوعي قد تقدم بمشروع أقوى، ومن المقرر أن يتم الاقتراع على المشروعين في مطالع ديسمبر/كانون الأول المقبل، وينتظر أن يمتنع اليمين الديغولي عن التصويت، وأن تقترع ضده قبضة من النواب الاشتراكيين الموالين ل“إسرائيل” .
وبالمقابل حذر رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو من اعتماد القرار، مفترضاً أنه يعطي “الفلسطينيين دولة من دون سلام . ويساعدهم على انتهاج سياسة متصلبة ويبعدهم عن المفاوضات”، ودائماً بحسب الوزير الصهيوني الأول الذي لن يؤدي تحذيره لأي تعديل في أجندة التصويت على مشروع القرار .
معلوم أن السلطة الفلسطينية تشن هجوماً دبلوماسياً متواصلاً على “إسرائيل” منذ فشل المفاوضات الثنائية مع حكومة نتنياهو وبعد إخفاق أوباما في فرض إلزام “الكيان” بحل الدولتين . مع التذكير بأن عباس ارتضى العودة إلى التفاوض حينذاك بعد حصوله على تعهدات دولية ضمنية بألا تعرقل وشنطن والدول الأوروبية، في حال الفشل، مساعيه لإنشاء دولة مستقلة من طرف واحد، وهو ما تم بالفعل من دون مشاركة أمريكية وغربية، ومن دون حملة مضادة . ومن المنتظر أن يستمر الموقف الأمريكي المنجاز للصهاينة في مجلس الأمن على حاله، بيد أن فرنسا وبريطانيا قد تمتنعان عن التصويت .
أكبر الظن أن الرئيس عباس يعرف مسبقاً أن مشروعه الدبلوماسي لدحر الاحتلال لن يحالفه الحظ، لكنه يصر على اختباره لإضعاف الممانعة الأمريكية أمام المجتمع الدولي، وللتحجج بتنسيب دولته إلى ما تبقى من المنظمات والهيئات الدولية، وبالتالي امتلاك ترسانة من الأسلحة الدبلوماسية لاستخدامها في مواجهة الاحتلال الذي حظي حتى الآن بصمت شبه رسمي في هذه المؤسسات، باعتبار أن الأراضي المحتلة بلا هوية دولية، فلا هي تابعة للأردن، ولا هي تابعة لكيان فلسطيني تنطبق عليه معايير القانون الدولي .
ومن حسن الحظ أن الهجوم الدبلوماسي الفلسطيني ليس مشروطاً بعداء السلطة للمقاومة المسلحة على الأرض، كما ترغب “إسرائيل” التي رفضت المصالحة بين فتح وحماس، وربطت كل تقارب مع السلطة بمقدار عدائها للمقاومة في غزة . ومن حسن الحظ أيضاً أن المقاومة المسلحة لا تضع العصي في دواليب السلطة ولا تشدها إلى الخلف، وذلك على الرغم من “الإنشاء” الرتيب الذي يعتمده محمود عباس في إدانة العمليات الفدائية والذي لا قيمة له على الأرض، فضلاً عن أنه غالباً ما يترافق مع ردود فعل صهيونية عنيفة تبطل الحاجة إلى إدانة “إنشائية” جديدة .
من جهة ثانية، لا تبدو المقاومة المسلحة في أفضل حالاتها هذه الأيام، فهي تتعرض لحصار من كل صوب في غزة ويضيق أمامها هامش المناورة يوماً بعد يوم، وتلقي على عاتقها أثقال ونتائج الحرب الصهيونية الأخيرة، فلا هي قادرة على إطلاق عملية إعادة الإعمار من دون السلطة الفلسطينية، ولا هذه الأخيرة مستعجلة لحل مشكلات حماس وصعوباتها من دون استرجاع موقعها السابق في القطاع، الأمر الذي أدى إلى انهيار اتفاق المصالحة الأخير بين الطرفين من دون أن يحملهما على خوض حرب مفتوحة على بعضهما بعضاً .
ولعل محمود عباس يدرك في سره أن فشل “إسرائيل” في غزة يضعف استراتيجيتها الحربية، ويضيق أمامها هامش المناورة الحربية، ويعزز قابليتها للضغوط الدولية، وقد تبدى ذلك في عملية الكنيس اليهودي قبل أيام، والتي كانت من قبل سبباً لشن حرب في غزة أو في جنوب لبنان، وهو ما بات متعذراً، ويعرض الكيان لمزيد من ردود الفعل المماثلة .
وسط هذه الأجواء تنطلق الهجمات الدبلوماسية الفلسطينية على الصعيد الدولي، وتسجل أهدافاً متتالية في المرمى “الإسرائيلي”، ينذر تراكمها بإضعاف موقع “إسرائيل” الدبلوماسي، وتعريضها لضغوط قاتلة شبيهة بتلك التي أصابت النظام العنصري في جنوب إفريقيا وحملته خلال شهور معدودة إلى الاستسلام . . في مثل هذه الظروف كان يحلو للراحل ياسر عرفات أن يقول “وما النصر إلا صبر ساعة” .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 28 / 2165285

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع فيصل جلول   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165285 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010