الأربعاء 5 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014

حين أفاض فياض!

الأربعاء 5 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014 par حلمي الاسمر

على مدار ساعتين ممتلئتين تماما، في دار «الدستور» أفاض الدكتور سلام فياض في بسط تفاصيل مشروعه السياسي الجديد، دون أن يغفل ذكر كل صغيرة وكبيرة فيه، محاولا قدر الإمكان أن يكون في غاية الوضوح، بل إنه بدا وقد «كيّف» أسئلة الزملاء التي انهالت عليه، وسخّرها جميعا بما يخدم بسط هذا المشروع، الذي يستهدف الخروج من المأزق الذي يحيط بقضية فلسطين من جميع جوانبها، وأبعادها، داخليا، ومع العدو الصهيوني، وحتى مع الأنظمة العربية، مع الأخذ بعين الاعتبار كل التعقيدات التي نشأت منذ ما قبل أوسلو وأثناءه وما بعده، وحتى الآن!
يقر فياض بعد شرح وافٍ ، بما يمكن أن يسمى بالهزيمة المنهجية لرؤية منظمة التحرير الفلسطينية القائمة على اعتماد مبدأ اللاعنف سبيلاً لنيل المطالب الفلسطينية وتحقيق السلام العادل. إذ، وعلى خلفية تمسك المنظمة بهذا المبدأ منذ أوسلو وفشل إطار أوسلو في تحقيق المبتغى فلسطينياً، تنامت القناعة لدى الرأي العام الفلسطيني بعدم جدوى هذا النهج، في الوقت الذي أذكت فيه أحداث عدة (كصفقة شاليط، وقبلها إعادة الانتشار من قطاع غزة، وقبل ذلك الانسحاب من جنوب لبنان) الشعور العام بأن نهج المقاومة المسلحة هو السبيل المجدي، إن لم يكن الوحيد، لتحقيق التطلعات الوطنية الفلسطينية. وقد تعاظمت القناعة بهذا التوجه إبان فترات التصعيد العسكري كلها، كما هو الحال اليوم، وبما تزامن مع ما كان متوقعاً من فشل جولة المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية الأخيرة، الأمر الذي أفضى إلى تراجع غير مسبوق في مكانة منظمة التحرير وتعاظم في شعبية قوى المقاومة من الفصائل غير المنضوية تحت لواء المنظمة. في ضوء ما سلف، يقترح فياض جملة من الرؤى القائمة، لإنقاذ «فرص تحقيق السلام» بشكل حقيقي، و»بما يبعث على الثقة بمستقبل واعد ويقلل من احتمالات ومخاطر عدم الاستقرار الأمني لحين إحلال السلام الدائم» وفق ما يقول، وتتلخص رؤية فياض، او مشروعه، إن جاز التعبير، فيما يلي:
أولاً، بعد انقضاء ما يزيد عن عشرين عاماً من الاعتراف الفلسطيني بحق دولة اسرائيل في الوجود بأمن وسلام، آن الأوان لأن تقابل اسرائيل ذلك بما يحقق التماثل، وذلك من خلال اعترافها بحق الفلسطينيين في دولة ذات سيادة على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967.
ثانياً، يجب أن تكون اسرائيل مستعدة للقبول بقرار دولي ملزم بإنهاء الاحتلال بحلول موعد محدد وبإطار متفق عليه للوصول إلى ذلك الموعد.
ثالثاً، وفي غضون ذلك لا ينبغي أن تبقى الجهود الفلسطينية لتحقيق الوحدة الوطنية مكبلة بإصرار المجتمع الدولي على فرض تطبيق صارم لشروط مستندة اساساً لإطار أوسلو، والذي، فقد أهليته في جوانب هامة منه. وأخيراً يجب أن يكون هناك وقف لكافة الممارسات التي تنتقص من حق الشعب الفلسطيني في الحياة بكرامة على أرضه، وهو يمضي قدماً نحو ترسيخ وحدته الوطنية ويثابر في جهوده لبناء مؤسسات دولته وتعزيز قدرته على تكريس واقع الدولة على الأرض. مفتاح تحقيق هذه التعديلات -كما يقول- يكمن في جهد وطني فلسطيني يهدف إلى تحقيق الشراكة الكاملة في إطار تمثيلي شامل. ولتحقيق ذلك، هناك عدد من العناصر التي تستدعي، دراسة متأنية بغية التوصل أولاً لما يتجاوز المبادئ العامة على درب إنجاز خطة تفصيلية تأخذ بالاعتبار مختلف الآراء والتوجهات في سياق حوار حاضن لمثل هذه الدراسة. وفيما يلي عرض لهذه العناصر:
بقية مقال حلمي الاسمر
المنشور على الصفحة اخيرة الجزء الاول
- 1- إلى أن يصبح توسيع عضوية منظمة التحرير ممكناً، سواء من خلال الانتخابات أو أية آلية موضوعية أخرى يتم التوافق عليها، يرى ألا يطرأ أي تعديل على برنامج منظمة التحرير مع الإبقاء على مكانتها كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني.
- 2- تفعيل الإطار القيادي الموحد والمكون من كافة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية والفصائل غير المنضوية تحت لواء المنظمة، على نحو يجعل من المداولات والقرارات الجماعية فيه أساساً للقرارات التي تتخذها اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير في القضايا المتعلقة بالمصلحة الوطنية العليا.
- 3- لا تتطلب عضوية الفصائل الفلسطينية من خارج منظمة التحرير في الإطار القيادي الموحد قبولها ببرنامج المنظمة. ولكن يجدر التنويه في هذا المجال أنه، ومن منظور فلسطيني محض، قد يكون من المناسب النظر في اعتماد الإطار القيادي الموحد بالاجماع التزام كافة الفصائل باللاعنف لمدة زمنية محددة تأخذ بالاعتبار الوقت اللازم لإنجاز إعادة توحيد المؤسسات الرسمية والقوانين بعد ما يزيد عن سبع سنوات من الانقسام.
- 4- الاتفاق على أن تكون الحكومة الفلسطينية مخولة لأقصى درجة يوفرها القانون الأساسي بإعادة بناء وتوحيد المؤسسات والاضطلاع بكافة المسؤوليات المنوطة بها على النحو المنصوص عليه في القانون.
- 5- الالتزام بإجراء انتخابات حرة ونزيهة وشاملة خلال فترة زمنية تسبق بستة أشهر على الاقل نهاية المرحلة الانتقالية المشار اليها في البند رقم 3 أعلاه، وضمان أقصى درجة من المساءلة من خلال إعادة انعقاد المجلس التشريعي الحالي للقيام بدوره كاملاً، مع السعي الحثيث لتوسيع نطاق المشاركة السياسية عبر الوسائل الديمقراطية.
ربما يبدو الرجل حالما، ولكنه ينطلق من رؤية واقعية، تستند إلى المعطيات التي تسود الحالة الفلسطينية، والتغيرات التي طرأت في المنطقة العربية بأسرها، وأعتقد أن هذه الرؤية تحديدا، هي ما جعلت اسم سلام فياض يتردد كخليفة محتمل للرئيس محمود عباس، علما بأنه قال لي إن اسمه يتردد فعلا، لكن احدا لم يطرح عليه الموضوع، ولم يتم بحثه معه على اي صعيد، وليس مهتما بهذا الأمر، وإن بدا لي أن الأمر كما يبدو أقرب بكثير مما كنت أظن!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2165961

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع ارشيف المؤلفين  متابعة نشاط الموقع حلمي الاسمر   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

21 من الزوار الآن

2165961 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010