الثلاثاء 4 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014

لن يمسك العربُ رحمة الله

الثلاثاء 4 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014 par حسين لقرع

في عزّ الحرب الأخيرة على غزة (07 جويلية- 26 أوت 2014)، صرّحت تسيبي ليفني، بأن الكيان الصهيوني قد اتفق مع مصر على منع المقاومة من إعادة تسليح نفسها بعد الحرب. وكنا نعتقد أن الأمر سيقتصر على قيام مصر بهدم المزيد من الأنفاق التي سمحت للمقاومة بتهريب آلاف الصواريخ الإيرانية إلى القطاع، ولكن ها هو “قلب العروبة النابض” يشرع في إقامة منطقة عازلة وبناء جدار فصل عالٍ وقناة مياه... بينما أُغلِقت كل المعابر على الجانبين الصهيوني والمصري، لتُعزل غزة تماماً عن العالم وتدفع الكاتب البريطاني جوناثان كوك إلى الصراخ من شدة الذهول: “دلّوني على أي مكان في العالم مثل قطاع غزة يُحاصر ويُدمّر بينما يبقى العالم متفرّجا”.

هذه الصّرخة المؤلمة لن تصل إلى النظام الفرعوني بالتأكيد لأنه مشغولٌ بإقامة المنطقة العازلة وتجييش المصريين ضد غزة وكيل الاتهامات المجانية لها، والتي لا يصدّقها حتى “حليفه” الصهيوني؛ فقد أكدت صحيفة صهيونية منذ أيام أن عدد عناصر الجماعات السلفية في سيناء يبلغ نحو ألفيْ مسلّح، كلهم مصريون وليس بينهم فلسطينيٌ واحد، ومع ذلك يصرّ نظام الانقلاب وإعلامُ الفتنة والكراهية على أن للفلسطينيين ضلعاً فيما جرى بسيناء قبل أيام، ويرفع بوق الانقلابيين عكاشة خُفّه مجدداً في وجوه قادة حماس، وهو أولى برفع الخفّ في وجهه.

وحينما تكشف وسائل إعلام صهيونية عن قيام دولة خليجية بالضغط على السودان لمنع استقبال السلاح الإيراني وتهريبه إلى غزة انطلاقاً من سيناء، فإن صورة “التحالف” الذي تحدّث عنه نتنياهو في عز العدوان تكتمل، ودوره بعد الحرب يتضح، وهو المساهمة بأشكال مختلفة في منع المقاومة من تعويض ترسانتها الصاروخية التي تآكلت في الحرب، حتى تكون فريسة سهلة لجيش الاحتلال في العدوان القادم.

نفهم أن يحجم العرب عن دعم المقاومة بالسلاح والمال والتأييد السياسي خوفاً من غضب أمريكا، ولكن لماذا يشارك بعضُهم في التآمر على المقاومة ومنعها من تهريب ما تيسّر لها من السلاح للدفاع عن كرامة الفلسطينيين المضطهدين؟ كيف يُعقل أن تزوِّد أمريكا باستمرار الاحتلالَ الصهيوني بأحدث الأسلحة وأشدها فتكاً وتدميراً لمواصلة جرائمه ضد الفلسطينيين، في حين يمنع بعضُ العرب وصول أسلحة بسيطة إلى المقاومة بدل أن يساعدوها للحصول عليها؟

إذا كان هؤلاء لا يريدون استمرار الدعم الإيراني للمقاومة فليُنصِّبوا أنفسهم بديلاً لها، لا سيما وأن سكان غزة سُنيون مثلهم.. ولكن هيهات، هم يرفضون مساعدتها ولو ببندقيةٍ واحدة في حين يرسلون قناطيرَ من الأسلحة والذخائر إلى المسلحين بسوريا منذ أربع سنوات وينفقون ملايير الدولارات عليها، وكأنهم بذلك يحاولون تطبيق المثل القائل “لا يرحمون ولا يتركون رحمة الله تنزل”.

ومن حسن الحظ أن رحمة الله لا ممسكَ لها، وإلاّ كان هؤلاء الأعرابُ قد قطعوا الهواء أيضاً عن الفلسطينيين وقتلوهم خنقاً، ولما اكتفوا بقطع الغذاء والدواء والوقود والسلاح عنهم.

ولأن رحمة الله لا ممسكَ لها، يستمرّ صمود الفلسطينيين في غزة وأكناف بيت المقدس من دون أن يضرّهم من خالفهم أو عاداهم ووالى العدوّ ضدهم وسكت عن استباحة العدوّ للأقصى والتهديد بهدمه وإقامة الهيكل المزعوم بدله؛ غزة صابرة محتسِبة تنتظر أن يأتيها الله بالفرج من حيث لا تحتسب، والمرابطون في بيت الأقصى يتصدّون يومياً لقطعان المستوطنين، والبطل معتز حجازي يقوم بعلمية ضد زعيمهم ويدفع حياته ثمناً للدفاع عن الأقصى، وشبان القدس يشعلون انتفاضة صاخبة تحت أرجل الاحتلال منذ 10 أشهر... فطوبى لكلّ هؤلاء المرابطين، والخزي والعار لأعراب الذل والهوان والخيانة والتآمر.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 69 / 2165561

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

31 من الزوار الآن

2165561 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 32


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010